أخبارأخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

حروبُ الأغنياء ضد الفقراء

حروبُ الأغنياء ضد الفقراء لن تنتهي ابدا

محمد حمد

منذ القدم كانت الحروب وما زالت تقوم على أساس واحد. يتلخص في الهيمنة والاستيلاء ونهب ما يملكه الآخرون من اراضٍ وثروات وخيرات وممتلكات شخصية. ومع أن الكثير من الحروب، ومنذ القدم ايضا، كان يتم تبريرها وتفسيرها بشكل مغاير ولأسباب بعيدة عن الحقيقة. غير أن الهدف النهائي منها هو مصادرة والاستيلاء على ما يملكه الطرف الآخر. مع كل ما يرافق ذلك من فضاعات وجرائم وانتهاكات صارخة لابسط حقوق الإنسان، يشيب لها الرضيع.
وفي تاريخنا الحديث أن أن حرب الأغنياء ضد الفقراء تشكل الميزة الأساسية لعصرنا هذا. فمن النادر أن نجد حربا تدور بين أطراف متكافئة أو متساوية من الناحية العسكرية والاقتصادية. فالغني يسعى وبقوة السلاح احيانا للحصول على المزيد من الغنى والثراء. وامتلاك كل شيء، الأرض والسماء وما بينهما، ضد الففير الذي لا يملك (مادّيا) أي شيء اصلا. ولو تعمّق أحدكم وبحث عن سبب وجود قواعد عسكرية أمريكية في كل مكان جاهزة للانقضاع على الدول الفقيرة لكونها تبحث عن “شيء” يغيّر شيئا ما في حياتها البائسة، لقال لي: “يا رجل كلامك من ذهب”. فالفقير مسموح له فقط أن يبقى فقيرا الى الأبد. أمّا الغني فمسموح له وبكلّ السُبل وكما يشاء أن يزداد غنى وثراء.
والحرب العدوانية التي تشنّها دويلة اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي خير دليل ومثال على تغوّل وتوحّش الأغنياء ضد الفقراء. ولاحظوا ما يلي:
أن الجندي الاسرائيلي مدجّج بأحدث الأسلحة والذخائر والمعدات والملابس الواقية من الرصاص والحذاء “البسطال” المناسب للحروب. وحاولت، بلا نتيجة طبعا، أن أحدّد السعر أو “الكلفة” المأدية بالدولارات لكل ما يرتديه ويحمله الجندي الاسرائيلي، بما فيه السلاح طبعا. والنتيجة هي آلاف الدولارات. اليس كذلك؟
بينما نجد المقاتل الفلسطيني، من اي فصيل أو تنظيم كان، يخوض اشرس المعارك مع العدو الصهيوني بملابسه المدنية. واحيانا ببدلة رياضية وحذاء من البلاستيك او المطاط لا يحميه حتى من الاشواك. ولا يغطي رأسه أو جسده باي شيء. لقد سرقوا وسلبوا منه كل شيء إلا الإرادة والعزم وحب الوطن الذي لا يضاهيه حبّ آخر ابدا. وسبق لنا وان شاهدنا عن كثب هذه المعادلة بين حرب الأغنياء ضد الفقرء، في غزو واحتلال العراق عام ٢٠٠٣ من قبل امريكا. فكان الجندي الامريكي انذاك، كابن عمّه الاسرائلي، مدجّج بأحدث الأسلحة ويحارب، رغم كونه يمثل دولة احتلال، ضد مقاومين عراقيين لا يملكون سواء أسلحة متواضعة جدا وملابسهم المدنية وارادتهم الصلبة وعزيمتهم الثابتة وحبّهم للوطن.
يتميز الاغنياء، وهنا نتحدث عن دول وليس عن اشخاص، بالجشع والشراهة والرغبة الجامحة التي تدفعهم إلى ارتكاب الجرائم والمجازر من أجل الحصول على المزيد من الأراضي والخيرات والثروات. وبمعنى آهر سرقة كل شيء مفيد.
انظروا جيدا الى الفوارق الكبيرة في المظهر الخارجي للجندي الذي يمثل الدولة الغنية والمقاتل الذي يمثّل الدولة الفقيرة. واحكموا بأنفسكم. وبديهي ان الغنى والثراء لا يجلب النصر دائما. كما ان الفقر والعوز ليسا سببا للهزيمة دائما. وحرب فيتنام خير دليل على هزيمة الغني على يد الففير !
أن الحرب الوحيدة التي لا تدور بين الأغنياء ضد الفقراء هي الحرب الدائرة حاليا بين روسيا وأوكرانيا. ويكفي القاء نظرة على المعدات والأسلحة والملابس والأحذية التي في حوزة كل جندي من كلا الطرفين….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى