تعاليقرأي

خدعة الديمقراطية هى الحل

منى حلمي

ثقافة الديمقراطية هى الحل ” فى بلادنا ، مثلما كانت الحل فى أوربا وأمريكا وكل الدول التى تسمى متقدمة. وطوال الوقت يقولون أن الديمقراطية التى يلخصونها فى انتخابات حرة ، واستفتاءات شعبية نزيهة ، وصناديق اقتراع أمينة ، تعكس ما يريده الشعب أو الجماهير الغالبية من الناس . وبالتالى نضمن التقدم الغائب المنشود، والضرورى لتحقيق العدالة والحرية والازدهار الحضارى .
وأنا لا أوافق على هذا التحليل .
أولا فى البلاد التى يرونها قدوة فى أمريكا وفى الغرب ، لا توجد ديمقراطية حقيقية ، فمنْ يصل الى ترشيح نفسه ، يجب أن ينفق الملايين أو المليارات فى الاعلان والدعاية عبر كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة . وهذا غير متوفر الا للأثرياء ، أى فئة قليلة من الشعب ، تملك فلوس وتكنولوجيا ، وفبل كل شئ تملك آليات اتقان الكذب والتضليل والتخفى ، وشراء الاعلام الجاهز للتأجير دائما ، للتأثير على ناس أصلا مغسول الأدمغة . والدليل على ذلك أن الأنظمة السياسية فى أوروبا وأمريكا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية التى يستشهدون بديمقراطيتها ، جاءت بسياسيين ورؤساء ، لا يختلفون الا فى القشور فقط لا غير . أما الأسمنت المسلح الغير ديمقراطى ، الذى أسس النظام ، باق كما هو ، بل ويزداد ترسخا وتوحشا . مثلا فى أمريكا التى يقدسها الكثيرون ويعبدون ديمقراطيتها ، يتنافس الحزبان الديمقراطى والجمهورى طةال الوقت ، وفى أوقات الانتخابات تتصاعد المنافسة والتراشق بالفضائح والفساد وسوء الرؤية . لكن الاختلافات بينهما فى الواقع طفيفة جدا جدا ، لا تصل الى معارضة جذور النظام الرأسمالى المستغل المتوحش غيرالانسانى .
ثانيا الانتخابات الحرة والديمقراطية واسنفتاء الشعب الألمانى ، هو الذى جاء بهتلر الى الحكم فى ثلاثينيات القرن الماضى . الشعب كان يريد هتلر ، الفاشى وواحد من الأساتذة الكبار فى الاجرام والتوحش والاختلال العقلى والنفسى وجنون العظمة ، على مدى التاريخ . لقد تقدم الحزب النازى فى الانتخابات ، وأيده القوميون والرجعيون والموالين للحكم الملكى والكاثوليك وأنصار الحزب الجمهورى ، وأيضا أيدته الأحزاب الديمقراطية . وكان شعار هتلر فى حملته الانتخابية ” هتلر فوق ألمانيا “. وفى الخمسينات والستينات من القرن الماضى ، لو أجريت انتخابات ديمقراطية نزيهة واستفتاءات شعبية ، لكان الشعب الأمريكى أيد بقاء التفرقة العنصرية بين البيض والسود ، وأقر بقاء تفوق الجنس الأبيض على الجنس الأسود ، واستنكر الكلام عن الغاء التمييز العنصرى وحركة الحقوق المدنية التى قادها وتزعمها مارتن لوثر كينج الابن 15 يناير 1929 – 4 أبريل 1968 ولذلك تم اغتيال مارتن لوثر كينج لتمرده على رغبة الشعب الأمريكى آنذاك ، ولم يشفع له أنه كان أصغر منْ يحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964 .
ثالثا ، وهذا حدث فى مصر ، الم تجئ الانتخابات عام 2012 ، بمحمد مرسى الاخوانى ، الى الحكم ، وكان أول رئيس مدنى منتخب ؟؟. وكانت سنة حكمه ، خرابا على الوطن ، ومحاولة لبيع مصر بالجملة والقطاعى .
اذن ثقافة الديمقراطية هى الحل فى بلادنا ، وكانت الحل فى العالم ، خدعة كبيرة يتم ترديدها كالببغاء دون تحليلها وتفنيد تاريخها والتفكير الجذرى فى مقوماتها ومعناها وآلياتها . وأكاد أقول بثقة معقولة ، أن الاستفتاءات الشعبية لشعوب جاهلة مغيبة مغسول عقلها بسيطرة رجال الدين والاعلام الجاهل التافه ، تستخدم النقل والتقليد بدلا من التعقل والابداع وتشغيل الفهم دون محرمات ومخاوف واستفادة من دروس التاريخ ، لن يجلب الا التخلف والنكسات وترسيخ التفرقة والغش والتضليل والفتن والقتل والذكورية ، واللف والدوران فى الدائرة الجهنمية نفسها .
رابعا ، البديل كما أعتقد هو ثقافة حقوق الانسان الكاملة دون تمييز على أى أساس . الحل ليس حكم الشعب ، فالشعب يمكن أن يكون ضد حقوق الانسان . الحكم لثقافة ومواثيق حقوق الانسان التى لا تخطئ ، ولا تمشى حسب الأهواء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى