حتى لا تخدع
حتى لا تخدع
قد يشاركني العقلاء أن أحقر الأمور؛ أن تتزين الخديعة بجمال المباديء و القيم ،
حين يلبس التقي ثوب الزهد المخدوع ، و يلبس المخدوش ثوب الفضيلة ، و يلبس
اللص ثياب الأمانة ، و يلبس الجبان ثياب الشهامة و الشجاعة ، و يلبس المتعالم
ثياب العلماء و الشيوخ.
و يلبس الدهاة و المكرة ثوب الوداعة ، فتصبح القيم و المباديء مجرد لعبة قذرة
توظف كديكور تتخفى فيه جميع الرذائل ، فيكون البيع و المقامرة و المتجارة و
المغامرة بالفضيلة و الجمال و الأخلاق ، حين تصبح تلك الفضائل واجهة مزينة
بديكور مغشوش .
في ذلك الفضاء تكون حسن العشرة و حسن المعاملة ظرفية تتغير بتغير الأحوال
الجوية ، فقد تضيع عشرة عمر طويلة في مهب الريح ، فيصبح التودد و المجاملة
وجه كالح ، و تصبح اليد المبسوطة مشلولة لانتهاء صلاحية المهمة ، فلا تتجدد إلا
بالمقابل و تلك صورة مشينة .
في ذلك العالم المشوه تصبح العلائق الانسانية الراقية مجرد جدعة يتلهى بها
المخدعون الذين تنطلي عليهم خدع السحرة ، في ذلك تتساوى قيمة الحيوانات و
البهائم بقيمة الإنسان المكرم ، فيتباكى على موث قطة و لا تهزهم موت الإنسانية ،
في ذلك العالم الذي يخفي صور قبح مدفون ، فيسرق حقائق الجمال و الطهر ،
يسرق حقائق الفضيلة و الأخلاق ، تصبح كل الحقائق مزينة بصور التلاعب الخفي
الذي يصعب تفكيكه و فك طلاسمه .
الأستاذ حشاني زغيدي