جمعية حركة العمل التضامني بستراسبورغ أنموذج حي يقتدى به.
رمضان والحركة الجمعوي الخيرية االتضامنية بستراسبورغ
مدخل:
أجواء رمضان التضامنية تحياها مدينة ستراسبورغ بفرنسا.
يستقبل المسلمون المهاجرون رمضان الفضيل, بمختلف عاداتهم و تقاليدهم وبطقوسها الجميلة للإستقبال هذا الشهر المبارك المنتظر بشغف رغم صعوبة العيش لعديد الناس، فرغم إستمرار المعاناة الناجمة عن الهجرة و الغربة و الوحدة للعديد من المهاجرين.
إلا أن شهر رمضان يحظى بإستقبال حار و كبير لا يوجد له وصف, فالكل إلا ويرحب به بطريقه الخاصة و العامة بإستقبال لا يختلف عليها إثنان.
فرمضان مرحبا به في كل بقاع العالم بأسره, ليحيي فيه الشعب الإسلامي عامة و العربي المغاربي خاصة الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة بكل خشوع و روحانية و طمأنينة و سكينة ومودة ورحمة بين أفراد المجتمع عامة و بين الأسرة و الأهالي خاصة, في جو تضامني خيري تأزري بين الجميع على محبة الله و طاعته و سنة الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.
طقوس إستقبال رمضان في ستراسبورغ:
يتسارع المسلمون في منطقة الألزاس بمدينة ستراسبورغ شرق فرنسا. في عاداتهم وتقاليدهم المختلفة سائر الأيام لكنها تجمعهم في شهر رمضان المبارك. لإستقبال الضيف الوافد في موعده السنوي بما يحمل من خيرات و مسرات و ملذات بما يليق بحرمة الضيف و مكانته أحسن إستقبال أكثر من إستقبال الملوك و الرؤساء و كبار الشخصيات و القامات, فتختلف طرق التحضيرات المتنوعة والمتعددة في كيفية الإستقبال بصاحب المقام الرفيع والمكانة المرموقة.
التحضير لرمضان:
يقوم المسلمون عامة والمغاربة خاصة قبيل شهر رمضان الكريم، بالتحضير لقدوم شهر رمضان بكل ما تحمله الكلمة من معنى لمصطلح التحضير, فبالاضافة إلى الطقوس التي أصبحت مشتركة كنشر الزينة والإضاءة في البيوت والمحلات والتعطير بالبخور والروائح الطيبة وإعداد الفوانيس للأطفال ولصق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وذلك لإستقبال الشهر الفضيل في أبهى وأجمل وأرقى حلّة.
رمضان بستراسبورغ:
تعيش بعض أحياء مدينة ستراسبورغ في منطقة الألزاس شرق فرنسا، والتي يقطنها عدد كبير من الجاليات الإسلامية العربية والمغاربية خاصة أجواء خاصة في الأيام المباركة لشهر رمضان الفضيل الذي يعتبره المسلمون فرصةٌ للم الشمل وجمع المسلمين، وتجديد التواصل والدفء الانساني بينهم من العائلة والأهالي والجيران والأصدقاء، وتذكر هذه الأجواء التي يعيشها الصائمون في ستراسبورغ بالأجواء الرائعة التي تعيشها المدن العربية مثل السودان ,المغرب ,الجزائر ,تونس وليبيا وموريتانيا وغيرهم من باقي الدول العربية الإسلامية في المشرق والخليج.
فشهر رمضان المبارك هو شهر التلاقي والتواصل وتجديد صلة رباط الأسرة والأخوة بين المسلمين في ستراسبورغ وباقي جهات فرنسا، حيث تنشط فيه مطاعم الإطار الجامعي و الفردي والأسري العائلي من المساجد المعتادة ومؤسسات المراكز الإسلامية وغيرها, إضافة إلى دور الحركة الجمعوية الخيرية الإنسانية بالتضامن مع عديد الفئات من المحتاجين والفقراء والمعوزين, دون أن ننسى فئة الطلبة الجامعين من خارج الوطن و المرضى في حالة علاج , لاسيما إستضافة مريض في سريره بالمستشفى, وأكبر فئة هشة بدون عمل و لا مأوى ولا دخل ولا معيل, بالأخذ بيدهم الوقوف إلى جانبهم في شهر رمضان , شهر الرحمة و الصدقات من الخيرين المحسنين , شهر التضامن و الخير و العطاء، فيتجند الجميع للتأزر وتظافر الجهود لتقديم المساعدات المادية والعينية وغيرها من أنواع المساعدات نذكر منها على سبيل المثال تقديم طرود غذائية , ومساعدات مالية في شكل قصاصات شراء من المحالات التجارية التي تشارك بدورها في القافلة التضامنية الرمضانية تمنحها للمساجد والجمعيات لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والمعوزين.
فتقام موائد إفطار الصائمين داخل مساجد ستراسبورغ، وفي مقدمتها وأكبرها على الإطلاق مائدة مسجد ستراسبورغ الكبير، ومسجد الرحمة بهوت بيار ومسجد أيوب الأنصاري بلامينو وغيرهم من المساجد. حيث تفتح أبوابها أمام الجميع من المصلين لصلاة المغرب وأماكن الإفطار المخصصة الصائمين قبل ساعات قليلة من موعد الآذان لأخذ وجباتهم للإفطار وبعد حضور باقي الصائمين لتنازل الوجبة في عين المكان في جو أسري عائلي قل ما يوجد مثيل له جاز الله الخيرين القائمين على خدمة عباده.
الحنين إلى الوطن في رمضان:
تعوض هاته الموائد المتعددة الخاصة بإفطار الصائمين جماعيا نوعا ما من حنين شوق المهاجرين إلى أرض الوطن ليعشوا أجواء رمضان, في جو إيماني روحاني, أسري عائلي , لاسيما نكهة رمضان بين العائلات و الأصدقاء بالحي وباقي الجهات .
الإفطار الجماعي في رمضان.
فرصة لتوثيق وإثراء العلاقات الإنسانية الاجتماعية التضامنية, يؤكد عديد المسلمين على مر السنين أهمية ظاهرة الإفطار الجماعي في شهر رمضان الفضيل، لتعزيز العلاقات العائلية والدفء الأسري، والتي جاءت في بلاد الغربة بأرض المهجر لتعوض تجمع أكبر عدد من الأفراد في توقيت ومكان واحد فيما بينهم لتشعرهم بحنين شوق بلدانهم ومدنهم الأصلية و مسقط رأسهم.
إن ظاهرة الإفطار الجماعي يتميز بها الشهر الفضيل، ولا تخلو من فوائد جمة وعديدة. كما أن تنظيم الإفطار الجماعي داخل المساجد والمراكز الإسلامية من الأمور التي قلما تجدها في باقي الأيام العادية، وهو ما يتميز به شهر رمضان، وتعد من الأمور الجميلة الطيبة التي تساعد على جمع كافة الجاليات الإسلامية عامة والعربية المغاربية في مكان وتوقيت واحد، وعلى مائدة واحدة وطبق واحد يجمعهم ليتقاسموه فيما بينهم و كأنهم وسط أهاليهم وأسرهم، كما أنه يرسم صورة حضارية وجمالية لتعدد الجنسيات الإسلامية بإختلاف لهجاتهم ولغاتهم وثقافتهم.
الإفطار الجماعي يبين طيبة الشعب العربي المغاربي المسلم الكريم وطبيعة الجود والكرم التي ورثها من سلفه رحمهم الله وتوراتثها الأجيال بعدهم فيما بيهم بكل صدق وأمانة وإخلاص ووفاء. ويعزز العلاقات الإجتماعية بين كافة الجنسيات لتعريفها بديننا الإسلامي دين الرحمة والتسامح والتعايش بين الساكنة في أمن وامان،
الإفطار الجماعي بستراسبورغ:
يتميز شهر رمضان المبارك في ستراسبورغ كما هو الشأن في باقي البلدان الإسلامية العربية بتنظيم موائد الإفطار الجماعي للفقراء والمحتاجين والطلبة والمرضى وإلى العمال الذين يداومون في المساء في مختلف المؤسسات التي يوجد بها عدد كبير من الجاليات الإسلامية. والمعروف أن كثيرا من أبناء الجالية الميسورين يحملون إلى المساجد كميات من التمور والألبان والمياه ومختلف الحلوى والمآكل كنوع من الصدقة والإحسان في الشهر الفضيل، كما أن أصحاب المحالات والمتاجر والخيريين يتبرعون باللحم والخضار والفواكه والحليب والألبان وكميات التمور للمساجد والجمعيات الخيرية التي تقيم الخيم الرمضانية إفطار الصائم للفقراء والمحتاجين والطلبة والمرضى و العجزة والعمال إلى الذين ليس لهم من يطبخ لهم ويحضر لهم طعام الإفطار.
الإفطار في رمضان صورة مشرفة للإسلام و تحسنها لغير المسلمين:
ويحاول المسلمون في شهر رمضان المبارك في ديار الغربة بأرض المهجر. أن يقدموا صورة مشرفة ولائقة عن الإسلام والمسلمين عبر سلوكهم الإيجابي الحميد الذي يتسم بروح العفو والتسامح والمحبة والمودة والتواصل مع الأخرين من غير المسلمين من سواء من السكان الأصلين أو المهاجرين. وذلك لتحسين صورة الإسلام ومحو الأثار السيئة التي ألصقت به في السنوات الأخيرة والصورة السلبية المخيفة عن الإسلام والتي خلقت ما يسمى بفوبيا الإسلام في المجتمع الغربي المعتنق لغير الدين الإسلامي والعالمي بأسره.
ومن بين هاته الصور المشرفة للإسلام ومسحاته التي حسنت صورته عند غير المسلمين هو مشاركتهم وجبات الإفطار مثلهم مثل المسلمين الصائمين بدون تميز و لا تحيز ,رجال ونساء مستقبلين إياهم إستقبال حار في جو أسري أخوي كما عبر لنا به عديد من وجدناهم ساعة الإفطار.
جمعية عمل الحركة التضامنية بستراسبورغ أنموذج حي يضرب به المثل ويقتدى به:
تعتبر جمعية حركة العمل التضامني , رمز من رموز الحركة الجمعوية الخيرية التطوعية من بين الجمعيات الخيرية التضامنية الناشطة المتألقة والرائدة في المجال التضامني بستراسبورغ , من حيث صفة صبغتها الخيرية التضامنية الفريدة من نوعها والتي تمتاز بها خصيصا في شهر رمضان الفضيل كجمعية مستقلة لا دينية ولا سياسية , جمعية مختصة في الحركة التضامنية برمتها والتي تعبر قلبها النابض وشريانها المتدفق, بخصوصيتها و إنفردايتها في المجال الخيري المحض, و بصمتها المنقوشة منذ عشرية من الزمن سنة 2013 من وضع أولى لبنتها الأساسية في تأسيسها لإعلان ميلاد نشأنها رسميا وقانونيا سنة 2015
وبمرافقتنا لإحدى كبريات نشاطاتهم الخيرية التضامنية لشهر رمضان هذا العام 1444هـ/2023 م. على مائدة إفطار الصائمين بمسجد الأخوة بلامينو بستراسبورغ. على هامش أمسيته الدينية الروحانية الفنية ونداوتها العلمية ومائدتها المستديرة التي نشطها كوكبة من مشائه ستراسبورغ وثلة الأئمة والأساتذة الدكاترة الوافدين من عديد البلدان لأحياء أمسيات رمضان و تراويح لياله العطرة.
حيث أشرفت على تنظيم مائدة إفطار الصائم لهذا العام بمسجد الأخوة بلامينو إكراما للصائمين والحاضرين في الأمسية, فتكفلت بإحضار جميع المستلزمات من خضر وفواكه وما يتطلبه طهي الإطعام وتوابعه مما لذا وطاب من أطباق مختلفة متنوعة وتمور وفواكه ومشروبات وغيرها من الحلويات زينة المائدة التي لا يمكن الإستغناء عنها ولا التفريط فيها. بحيث بلغ عدد الحضور على مائد الإفطار لكثر من مائة وعشرون 120 شخص ناهيك عن طاقم الضيوف و المشرفين و عمال التحضير والذين أستسحنوا الفكرة مرحبين شاكرين داعين المولى وعز وجل أن يخلف عليهم بخلفة الخير ويرزقهم ويبارك لهم في عملهم وأهلهم وولدهم وأن يرزقهم موفور الصحة للمواصلة والإستمرارية وأن يوفقهم لما يحبه ويرضاه لهم في قادم الأيام وباقي نشاطاتهم.
فبتعريفهم لنا من طرف فضيلة الشيخ صالح إمام مسجد لامينو محتضن الأمسية, إنفردنا بأعضائها وأفتتكنا منهم هذا الحوار القصير التعريفي بهم وبالجمعية ونشاطها, أهدافها برنامجها و حصيلتها ووجهاتها.
فأجبانا السيد مصطفى العديلي رفقة من معه من الأعضاء ساعتها عن تساؤلاتنا وأطلعنا على ما يلي:
تأسست جمعية حركة العمل التضامني بستراسبورغ، بناء على فكرة من الأعضاء منبثقة من أرضية إنشاء الجمعية سنة 2013 والتي أستغرقت سنتين في تأسيسها وخروجها للعلن وإنطلاق بداية العمل بأرضية الميدان بصفة رسمية.
تهدف الجمعية إلى العمل التضامني المحض والتي تختص في حفر الآبار لتوفير الماء لسكان المناطق النائية الفقيرة المحرومة من نعم الماء عنصر الحياة , وكانت لها تجربتين بالسودان والمغرب والقيام بالإفطار الجماعي للصائمين في شهر رمضان بتقديم ألف وخمسمئة 1500 وجبة كل سبت عبر مساجد ستراسبورغ بالتناوب والتداول والمشاركة في إحياء ليلة القدر بتقديم ثلاثة 3000 وجبة سندويش.
ميزة فريدة إستضافت طالب على الإفطار:
تتميز الجمعية بإستضافة الطلاب الوافدين للدراسة الجامعية من خارج الوطن عند أحد الأعضاء من الجمعية بالتناوب جزاهم الله خير وخلف عليهم بخلفة الخير.
وفي الجانب الإجتماعي الخيري لمساعدة الأسر المعوزة الفقيرة بمساعدات عينية تمثل في طرود غدائية قامت بتوزيع بستة 600 مائة طرد بالمغرب وأربعمائة 400 بالسودان. إضافة إلى كسوة العيد لعديد الأطفال اليتامى.
كما قامت بإرسال شحنة مواد طبيبة وشبه طبية لجهات المناطق النائية الفقيرة لاسيما القرى بالمغرب على أن تستمر العلمية مستقبلا لباقي الدول الفقيرة حين توفر المواد.
إدارة الجمعية وتسيرها :
يدير الجمعية ويشرف على تسيرها ثلة من الأعضاء الذي أثروا العمل الخيري على غيره, يرأسها كل من السادة يوسف أرشي رئيسا رفقة نائبه سي محمد ناصر وإبراهيم بودراع أمين المال ومصطفى العديلي من مجموعة الأعضاء العشرة, إضافة إلى مجموعة المتطوعين في العمل الخيري بالجمعية. وأبرزهم العضو الناشط وأصغرهم الشبل سامي البرعم الناشط حفظه الله ورعاه وجعلها خير خلف لخير سلف .
وبختام وجبة الإطعام والعودة إلى النشاط المسجدي وبرنامجه المسطر للأمسية حلت صلاة العشاء والتراويح وبعدها العودة إلى تتمت بقية البرنامج .
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا