جريمة الدولة الفرنسية في الجزائر

 
عزالدين معزة
كاتب
في 8 مايو 1945، بمناسبة الاحتفال بانتصار الحلفاء على ألمانيا، والتي شارك فيها عشرات الالاف من الجزائريين الذين جندتهم فرنسا للدفاع عن ترابها، خرجت مظاهرات الجزائريين لمشاركة الحلفاء في انتصارهم على النازية في معظم مدن ولاية قسنطينة الواقعة في شرق الجزائر.
وفي مدينة سطيف، تحولت التظاهرة بعد تدخل قوات الشرطة والجيش إلى أعمال شغب انتشرت في المنطقة الواقعة بين سطيف وخراطة وسوق الاثنين وبجاية وجيجل وامتدت إلى قالمة وبعض الجهات من الشرق الجزائري
خلقت مشاركة الجزائر المستعمرة في الحرب العالمية الثانية آمالا كبيرة بين الوطنيين الجزائريين تبلورت حول شخصية فرحات عباس،
بعد الإنزال الأنجلو أمريكي في الجزائر في 8 نوفمبر 1942، تحررت مستعمرة الجزائر من نظام فيشي الموالي لألمانيا. وبعد وفاة الحاكم العام للجزائر «دارلان ” في ديسمبر 1942 ونهاية غموض الجنرال جيرو، أصبحت مستعمرة الجزائر، تحت قيادة الجنرال ديغول في يونيو 1943، عاصمة فرنسا الحرة. في هذا السياق الدولي الذي أصبح مؤيدًا للحلفاء بعد معركتي ستالينجراد والعلمين، اقترح فرحات عباس على السلطات الفرنسية في فبراير 1943 بيانًا أكد فيه أن الجزائر، من خلال مشاركة جنودها، تقف إلى جانب الحلفاء ضد النازية. لقد ادعى، بمجرد عودة السلام، دولة جزائرية مرتبطة وفيدرالية مع فرنسا، حيث يكون للأوروبيين واليهود مكانهم. في يونيو 1943، رفض الجنرال كاترو، الذي عينه الجنرال ديغول حاكمًا عامًا للجزائر، أن يأخذ في الاعتبار المشروع الذي قدمه فرحات عباس، باسم السيادة الفرنسية في الجزائر.
ومع ذلك، ردًا على بيان فرحات عباس والإشارة إلى الرغبات الإصلاحية للجنة الفرنسية للتحرير الوطني (CFLN)، في 12 ديسمبر 1943، أي قبل شهر واحد من خطاب برازافيل، عندما كانت الإمبراطورية بأكملها تنتظر التغييرات، اتخذ الجنرال دي غول مبادرة حاسمة في قسنطينة. أعلن عن منح الجنسية الفرنسية لعشرات الآلاف من المسلمين الجزائريين الذين يرغبون في ذلك، دون الحاجة إلى التخلي عن أحوالهم الشخصية. نتج عن هذا القرار الأمر الصادر في 7 مارس 1944 عن CFLN بمنح الجنسية لنخبة. في الواقع، كان استئناف مشروع Blum-Violette التابع للجبهة الشعبية فقط هو الذي فشل في السابق بسبب معارضة اللوبي الاستعماري الأوروبي الذي أظهر مرة أخرى عداءه الأساسي لهذا الإصلاح المحدود؛ لكن هذه السياسة لم تعد تستجيب لرغبة مسلمي الجزائر الذين لم يرغبوا في أن يصبحوا مواطنين فرنسيين، بل مواطنين جزائريين، في وقت كانت الحرب توسع مجال الاحتمالات.
أصيب فرحات عباس بخيبة أمل من أمرية الجنرال دي غول، حيث أنشأ بعد ذلك حركة، أصدقاء البيان والحرية (AML)، والتي نشرت البيان بين الجزائريين، الذين كانت أفكارهم متوافقة مع مبادئ ميثاق الأطلسي ، والتي تنص على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها . بعد نهاية الحرب، والتي توافقت فيما بعد مع ميثاق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية،
منذ ربيع عام 1944، وجدت ديناميكية المواجهة بين الجزائريين والمستوطنين، يغذيها قرن من الاستعمار والظلم والعنصرية والتفقير والتجهيل والقتل والابادة الجماعية توترت هذه الديناميكية أخيرًا بسبب إعداد ميثاق الأمم المتحدة في ربيع عام 1945، وبحلول ميلاد جامعة الدول العربية في نفس الوقت، منظمتان مناهضتان للاستعمار كل منهما بطريقتها الخاصة، واحدة عالمية، والأخرى عربية وانقلب ذلك بالسلب على فرنسا الاستعمارية في في شمال افريقيا والشام، حيث وضع مسلمو الجزائر المنفتحين على العالم كل آمالهم.
تظهر المسؤوليات الفرنسية على مستويات مختلفة في ارتكاب تلك المجزرة. عندما غادر الجنرال دي غول الجزائر العاصمة متوجهاً إلى باريس، أعطى الأمر للجنرال مارتن، قائد الفيلق التاسع عشر للجيش الفرنسي في الجزائر، والمسؤول عن تنسيق القوات البرية في الجزائر إفريقيا، لمنع وقمع أي حركة تحريضية في الجزائر.
وهكذا استأنف الحاكم العام للجزائر إيف شاتانيو، اعتبارًا من 8 مايو / أيار، الجيش الذي حصل على صلاحيات الشرطة في الريف، بينما احتفظت السلطة المدنية بالسيطرة على المدن،
قام العقيد بورديلا بقيادة القوات الاستعمارية بمناورات عسكرية في منطقة سطيف، وفي منطقة قالمة وعنابة، قام بها العقيد موننيوت، بتوجيه من الجنرال دوفال، قائد فرقة قسنطينة. استعدادا لمواجهة المظاهرات السلمية للشعب الجزائري ليوم 8 ماي 1945.
خرج عشرات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع بكل من سطيف وقالمة وخراطة وكذا في مدن أخرى من الوطن، استجابة لنداء تنظيم مسيرة سلمية من أجل المطالبة باستقلال الجزائر، غير أن رد فعل الإدارة الاستعمارية كان شرسا وعنيفا بحيث أنها أطلقت موجة من القمع الدامي الاجرامي ضد متظاهرين عزل راح ضحيتها أزيد من 45 ألف جزائري.
فخلال بضعة أيام استعملت القوات الاستعمارية وميليشياتها كل أنواع العنف مع عمليات تقتيل مكثفة لم تستثن لا الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ، وتم قتل أشخاص عزل رميا بالرصاص وتم نقل آخرين على متن شاحنات لرميهم في المنحدرات فيما تم نقل آخرين خارج المدن لقتلهم وبعدها تم حرق جثثهم في خنادق مشتركة.
ولإخفاء جريمة فرنسا ضد الإنسانية، استعمل الجيش الفرنسي في قالمة أفران الجير للتخلص من جثث الضحايا، غير أن هذه الأفران ظلت شاهدة على واحدة من أفظع الأعمال الإجرامية في التاريخ. وفي جيجل قام بإبادة سكان قرية لعشاش ببني ياجيس عن أخرها
مجازر 08 ماي 1945 بمنطقة جيجل
لقد أحس الجانب الفرنسي -كما ذكرنا-بوجود حركة غير عادية في جيجل ومحيطها منذ شهر جانفي 1945م
كما لاحظ الفرنسيون نشاطا غير مسبوق لأفواج الكشافة الإسلامية الجزائريّة وبشكل منظم متكرر فيه نوع من ظهور مؤشرات التحدي، والأخطر من ذلك إحساسهم بوجود أسلحة تتداول لدى الجزائريين بشكل سري. وبعد إعلان 10 مارس التحالف الرسمي بين جمعية العلماء وحزب الشعب وحزب أحباب البيان اتضح سبب الاجتماعات السرية بالميلية. والطاهير وجيجل
ونتيجة لذلك تم فرض رقابة شديدة على جيجل وتم كما يبدو إلغاء احتفالات النصر على النازية بجيجل خشية أن تتمدد إليه أحداث سطيف وقالمة، ثم فرض على المعمرين الساكنين بكل منطقة الميلية اللجوء إلى ثكنة المدينة يوم الاربعاء 09 ماي، مما جعل المظاهرات تتأجل إلى يوم الجمعة 11 ماي بعد صلاة الجمعة بالمسجد الكبير العتيق، وهو الأمر الذي تفطن له الفرنسيّون فقاموا باستدعاء قوات مختلفة (جنود ورجال جندرمة) العائدة من باريس، وطائرات التدخل وطائرات مقنبِلة من قواعد سطيف والرغاية بالجزائر، ومن مكناس والجديدة بالمغرب..
وفي يوم الجمعة 11 ماي، وبمجرد خروج المصلين في حوالي الساعة 14:00 وتجمعهم وجدوا في انتظارهم قوات الجندرمة الفرنسيّة التي حاصرتهم وتصادمت معهم إلى غاية المساء مما استدعى تدخل طابور المغاربة (المراركة أو الشلوح)، ولم يتمكنوا في تفريق المتظاهرين إلا مع صلاة العصر (بعد الساعة 16:00) وأحبطت المظاهرات، بينما شهد أحد مجندي اللفيف بأن أحد منظمي الحدث من أعيان مدينة الميلية أخبره بأنه رغم إفشاله ظاهريا، سيكون له صدى كبير قائلا له: “أنت غالط! هذا بحد ذاته نجاح كبير! لأن الفرنسيين سيكون لن يكون لهم مستقبلا سوى هدف واحد، هو الخروج من الجزائر في أقرب وقت”.
في اليوم الموالي 12 ماي قامت القوات الفرنسيّة بإلقاء القبض على 22 شخص منهم (سي الطيب) واستجوابهم ثم نقلهم إلى قسنطينة والحكم عليهم بأحكام ما بين 2 و5 سنوات سجن.
وفي اليوم نفسه قام Laugier مفتش الينابيع والغابات رفقة حراسه بتمشيط جبال تامنجر المسيد في بني عيشة وجبال بني فتح أين فاجأه فوج مسلح من المناضلين واشتبك معه، مما جعله يتراجع مع هؤلاء الحراس وعائلاتهم، وفي الغد 13 ماي يتم استدعاء قوات الطابور المغربي (الشلوح) والسينغاليين إلى جبال بي عيشة حيث قاموا بمجزرة رهيبة تقدرها رواية المحليين من شهود عيان بحوالي 30 شخص.
مجازر 8 ماي 1945 بالطاهيروتاكسنة وجيملة وزيامة المنصورية وبني ياجيس:
في منطقة بي سيار بالطاهير، اجتمع متظاهرون مسلحون، وهاجموا بيوت حراس الغابات، ولكنهم وجدوها خالية لكون هؤلاء الحراس انتقلوا إلى الطاهير للمشاركة في الاحتفالات هناك، فغنموا ما فيها وأحرقوها، وفي يوم 11 ماي انتقل إليهم فوج عسكري للانتقام منهم، ولكنهم واجهوه بالرصاص فعاد أدراجه خاوي الوفاض.
وفي اليومين المواليين 09 و10 ماي، بينما حاصرت السلطات الفرنسية منطقة تاكسنة وراقبت سكانها، استطاع سكان تمانتوت قرب جيملة بحسب الرواية الفرنسية قتل 3 فرنسيين والقضاء على عدد من حراس الغابات التابعين للاستعمار.
ولكن الفرنسيين انتقموا من سكان منطقة جيجل في الناحية الجنوبية والغربية، بحيث تم إلقاء القبض على عدد من الأشخاص من دواوير زيامة المنصورية بتهمة وجود علاقة بينهم وبين رجال حزب أحباب البيان لفرحات عباس، أين تم توجيههم إلى قنطرة قرمبالة ناحية البحر وإطلاق النار عليهم ورميهم في البحر، ولم تستطع الذاكرة المحلية لشاهدي العيان من مواطنين ومجاهدين (ومنهم عمي السعيد زغلول) إلاّ تذكر 12 واحدا منهم (عاجد سليم، براهمي سعيد، بوصبع محمد، بوزرورة اعمر، شويب اعمر، حميمش اسماعيل، حنيش أحمد، لراري العياشي، عاجد سعيد، لراري مصطفى، قاصد خليفة، برحية اسماعيل).. بينما العدد الحقيقي أكبر بكثير.. رحمهم الله وتقبلهم عنده شهداء.
ومن جهة أخرى، اتهم الفرنسيون السكان بأنهم استولوا على أسلحة كانت في سفينة إنجليزية رست بساحل تاسوست بداية سنة 1945 ونقلوها للمناضلين وخزنوها في الغابة، فقاموا بعد 08 ماي بعمليات تمشيط في الجبال أين تعرضوا للمقاومة المسلحة في ناحية بني سيار، وواصلوا التمشيط جنوبا حتى وصلوا إلى دوار العشاش بمنطقة بني ياجيس، وقاموا بمجزرة وحشية قتل فيها عدد كبير من السكان، سجلت أسماء 25 واحدًا منهم: (زغيلط فرحات، زغيلط نعمون، زغيلط عاشور، زغيلط عمار، زغيلط صالح بن محمد، زغيلط لخضر، زغيلط أحمد لخضر، زغيلط محمد بن رابح، زغيلط صالح بن رابح، زغيلط ناصر، زغيلط الحملاوي، زغيلط المختار، زغيلط اسعيد، زغيلط السبتي، زغيلط اعمر، زغيلط الطاهر، زغيلط محمد، صابر أحمد، صابر المولود، صابر السعيد، دوير بلقاسم، دوير أحمد، دوير محمد، بوالعجول محمد، بوالشحم علي).. رحمهم الله وتقبلهم عنده شهداء.
مجازر 08 ماي 1945 بجيجل المدينة:
في بداية ماي 1945 بدأت التحضيرات أمام مبنى بلدية جيجل للاحتفالات بهزيمة النازية على يد الحلفاء، وسطر لها برنامج يحضره المعمرون وقوات الشرطة والمجندون السنغاليون ، وكان البرنامج الرسمي يقضي افتتاح الاحتفال يوم 08 ماي صباحا بزيارة نصب أموات ح ع 2 ، الموجود أمام بلدية جيجل، بينما كان منسق الحزب بقسنطينة سي عبد الله فيلالي قد انتقل من قبل إلى جيجل واجتمع مع خليتها بغابة الوازيس (l Oasis) غرب المدينة، وكان الحاضرون سبعة: (بن برهان محمد، مقيدش أحسن، بومعزة محمد، خلاف عبد القادر، آبركان عبد القادر، قوراس حسين، صالح بوسلوة)، واتفق معهم على المظاهرات وحيثيات تنظيمها.
في يوم الثلاثاء 08 ماي التقى المناضلون مع الشعب في الوازيس وبدؤوا بالتجمع وانضم إليهم سكان حي لاكريط، وبعض الأعيان والمناضلين مثل عبد الباقي صالح (شهيد)، العربي رولة (العائد للتو من الاعتقال)، عباس زيغاش، عمر بومعزة.. وآخرون، وتواصل الزحف إلى مقربلدية جيجل مكان الاحتفال الرسمي عبر شارع غاداني (شارع أول نوفمبر حاليًا) خلف الوفد الرسمي الاستعماري، وكانوا ينادون بشعارات الوطنيّة ويظهرون مطالبهم في لافتات كتب عليها: “أطلقوا مصالي!”، “يحيا الاستقلال!”.
اجتمع في المكان حوالي 4000 شخص، فاضطر الفرنسيون إلى إبعاد الوفد الرسمي عن المظاهرات إلى شارع فيفون (شارع الأمير عبد القادر حاليًا)، واستولت النساء على ساحة نصب الأموات، واستقبلن المتظاهرين بالزغاريد، فتدخلت قوات الشرطة التي كانت تحت أوامر الكوميسير BOUQUET الذي طلب من المتظاهرين تسليم اللافتات التي كتبت عليها مطالبهم، لكنهم رفضوا، فأطلق أوامر للجنود السنيغاليين باستعمال السكاكين العسكرية ومهاجمة الحشود، فانطلقوا في مختلف الشوارع ثم اجتمعوا مجددا في شارع المسجد العتيق (شارع دخلي مختار حاليًا) وأطلق الفرنسيون عليهم النار ولكن لحسن الحظ لم يقتل أحد، وفي شارع الملعب ألقى الفرنسيون القبض على عدد منهم وأدخلوا إلى الملعب بحيث مكثوا فيه تحت أشعة الشمس الحارقة إلى غاية المساء، بينما تم استجواب بعضهم دون أن يقدموا أدنى معلومة. بينما نقل 82 شخص إلى سجن قسنطينة وحكمت عليهم المحكمة العسكرية في 15 أكتوبر 1945، فمنهم 72 شخص حُكم عليهم بين 15 سنة أشغال شاقة، 15 سنة إقامة جبرية، حرمان من الحقوق المدنية، مصادرة الممتلكات، السجن لمدة شهر، غرامة قيمتها ألف فرنك فرنسي، ومنهم 10 أشخاص حكم ببراءتهم.
نتائج مجازر 8 ماي 1945
كان الرد بقمع على المظاهرات التي نظمها الجزائريون هو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق السكان الأصليين، وذلك بأسلوب بربربي وقتل جماعي واسع وتم استعمال القوات البرية والجوية والبحرية، ودمرت قرى ومداشر ودواوير بأكملها نتج عن هذه المجازر قتل أكثر من 45,000. ووصلت الإحصاءات إلى تقديرات بأرقام أعلى ما بين 50,000 و70,000 قتيل يعود سبب التضارب في عدد الخسائر البشرية إلى تفادي السلطات الفرنسية عام 1945 تسجيل القتلى في سجلات الوفيات لا زالت بعد الاستقلال طلبات تسجيل الوفيات تبت في محاكم الجزائر المستقلة.
وكما يقول ستورا، فإن تلك المجازر كانت نقطة تحول أساسية في تاريخ الجزائر، فبعد تسع سنوات من أحداث 8 ماي، ظهر جيل جديد من القوميين الجزائريين حملوا مبدأ الكفاح المسلح وقد اعتبروا أن مطلب الحكم الذاتي عفا عليه الزمن لصالح شعار الاستقلال.
واليوم لا تزال الجزائر تطالب فرنسا بالاعتراف بتلك الجرائم. ففي أحدث الخطوات التي تحاول الجزائر القيام بها للضغط على فرنسا، أعلن عبد الحميد سلاقجي، رئيس جمعية 08 ماي 45، عن توجه الجمعية نحو رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي، ضد جنرالات وضباط المستعمر الفرنسي الأحياء والأموات من الذين تلطخت أياديهم بتلك الجرائم.
وتأتي هذه الخطوة، بعدما سجلت الجزائر تحفظا على طريقة تعامل تقرير ستورا الخاص بالذاكرة من موضوع مجازر 8 ماي 1945، حيث لم ترتق توصياته بالشكل الكافي إلى الجرائم التي اقترفها الجيش الاستعماري.
في مقابل ذلك، دعا المؤرخ الفرنسي أوليفييه لوكاور غراندميزون، الرئيس الفرنسي إيمانويل للاعتراف بشكل واضح وصريح بجرائم 8 ماي باعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن المؤرخ الفرنسي بمناسبة إحياء ذكرى 8 ماي، قوله: “يجب أن يعترف بشكل واضح وصريح، بأن الجرائم التي ارتكبت كانت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كما تنص على ذلك المادة 212-1 من قانون العقوبات الفرنسي”.
ولا تزال الكثير من الحقائق غامضة حول تلك الجريمة التي ارتكبتها الاستدمارالفرنسي في حق الإنسانية، وكيف مهدت الطريق لثورة المليون ونصف المليون شهيد (ثورة أول نوفمبر 1954).
يعتبر ملف الذاكرة واحدا من أبرز الورشات الحساسة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية، ففي آخر رسالة وجهها الرئيس عبد المجيد تبون بمناسبة إحياء اليوم للذاكرة، السبت، أشار إلى: «أن مجازر 8 ماي هي من أهم الملفات العالقة بين البلدين”.
وصرح الرئيس تبون بقوله: “المصالحة مع فرنسا لن تأتي دون مراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة والتي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوّغات”.
وأشار إلى أن “القضية تندرج ضمن عدة قضايا أخرى لا تزال عالقة منها استرجاع رفات شهدائنا الأبرار، وملف المفقودين واسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية”.
هكذا يأتي يوم 8 ماي من كل سنة كمحطة لإعادة تذكير الأجيال ببشاعة الاستدمار الفرنسي، ستبقى مجازر 8 ماي 1945 مغروسة بوجدان الجزائريين، وعلى الشباب الاستلهام من مقومات الشخصية الوطنية والتسلح بالإرادة والعمل لربح معركة بناء المؤسسات لتحصين الوطن”.
للمقال مراجع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى