أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

هل انتهى الحلم الإسرائيلي ؟

الدكتور خيام الزعبي– جامعة الفرات

إن إسرائيل ما بعد حربها على غزة لن تكون أبداً كما قبلها، فقد أثبتت الخسائر التي تكبدتها عسكرياً واستراتيجياً، أنها باتت أمام أسئلة مصيرية فعلية حول مستقبلها، إذ ظهرت كيان مجرم سفاح يرتكب المذابح ولا يحقق نصراً على المقاومة، في هذا الإطار كان الصهاينة يعتقدون بأن حربهم على غزة ستكون نزهة، وظنّوا بأنهم سيدخلونها ويحتلوها، لكنهم لم يعلموا بأن الشعب الغزاوي شعب يملؤه الإصرار يقاوم السقوط، ويرفض الاستسلام ويكره أن يموت جبان فداءً لفلسطين وعزتها.

في هذا السياق إن انتهاء اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر أصبح حقيقة واضحة عقب انتصار المقاومة الفلسطينية بغزة وما تحققه من انتصارات، من فشل القبة الحديدية في إيقاف الصواريخ الفلسطينية، إلى فشل إسرائيل في تحرير الرهائن وتفاوضها بشروط المقاومة، إضافة إلى ارتكابها جرائم إرهابية ضد الشعب الفلسطيني، كلها أدلة على أن الجيش الإسرائيلي لم يعد الجيش المرعب الذي كان عليه سابقاً، وبذلك  ارتطم الحلم الصهيوني بحقيقة الإرادة الثابتة والصمود للمقاومة وانتهى عندما رفع الفلسطينيون رأسهم ودخلوا التاريخ مرة أخرى بقوة

من المؤكد أن الإسرائيليين الذين تم التقاطهم من كل بقاع الأرض ليخترعوا تاريخاً وحاضراً، ما عادوا يثقون بالقدرات العسكرية والقتالية لجيشهم، ولا بالدعم الدولي لهم، فهناك حالة من القلق والتخبط يعيشها تحالف العدوان على غزة يدل عن الشعور بخيبة أمل وفشل ذريع في تحقيق ما يرمي ويصبوا إليه، فرجال المقاومة الفلسطينية أعدوا خطة عسكرية محكمة وكبيرة لسحق القوات الإسرائيلية، فهذه المعركة ونتائجها ستضع حداً لرهانات إسرائيل وأمريكا وحلفاؤهم في المنطقة وستشكل النقلة الكبيرة في القضاء على الإرهاب وتطهير فلسطين من براثينه وأحقاده.

اليوم علامات انهيار تحالف قوى الشر(اسرائيل وأمريكا) بدأت تظهر بقوة وأن بالغوا في قصفهم للأحياء السكنية في قطاع غزة وغيرها من المدن الفلسطينية أو إظهار سيطرتهم عليها عبر وسائل الإعلام، صحيح أن ما حدث لغزة من تدمير ما كان ليحدث لولا الدعم الخارجي الكبير” الأمريكي “، لكن الصورة الواضحة في غزة هي إنهيار بين صفوف الجيش الإسرائيلي، يقابله عزم وإصرار من رجال المقاومة على تحرير فلسطين من إسرائيل الارهابية.

بهذا المعنى، لعل حرب غزة ستمهد لسلسلة من الصفقات السياسية على مستوى المنطقة، لكن الأكيد أن إسرائيل تؤكد هذه المرة أنها فعلاً تخسر كل حروب المواجهة، وأنها باتت أوهن من بيت العنكبوت، فقد انسحبت من لبنان، وخسرت حرب 2006، وخسرت حرب غزة 2008، وها هي الآن تخسر الحرب في غزة.

وعلى خط مواز، لا بد لإسرائيل إذاً، وللدول الداعمة لسياستها الدموية، أن تفكر مليون مرة بعد اليوم قبل أن تشهر سلاحها بوجه المقاومين، هذه الحرب فضحتها وكشفت الأوراق وأسقطت كل الأقنعة وأظهرت إفلاس سياسة إسرائيل العدوانية في المنطقة، وجعلتها تتخبط لأن رجال المقاومة يواصلون سحق القوات الاسرائيلية، ما جعل من المعادلة أن تنقلب على الأرض وتعيد الحسابات من جديد خصوصاً بعض الدول التي راهنت على إسقاط غزة  وتغيير وجه المنطقة.

وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة ، فمِن الأفضل أن نتخلّى عن حلمها الزائف بإسرائيل الكبرى، فعندما نتابع الأحداث السياسية في المنطقة وبرؤية تحليلية فأننا نكاد نجزم إن إسرائيل على حافة الهاوية خاصة بعد أن رأى وزير الأمن سابقاً موشيه يعالون بأن “إسرائيل” تمر بوضع فوضوي، هذه السياسة المتبعة من قبل إسرائيل جعلتها تخسر الكثير من قواها إقتصادياً وأصبح شعبها يعيش ظروف صعبة، وهو بانتظار شرارة ليثور وينتفض بوجه سياستها ، فالكيان الصهيوني التي يبني الحالمين طموحاتهم وآمالهم عليه بات قريب من الوقوع بالهاوية، لذلك نحن على أعتاب متابعة مشهد جديد في المنطقة .

باختصار شديد: إسرائيل تحفر قبرها بيدها هذا ما يعد أخطر تحد يواجه نتنياهو حتى الآن خلال فترة حكمه، بالتالي يمكن النظر إلى هذه الحرب أنها إشارة واضحة بأن إسرائيل تعيش حالاً من تراجع القوة والنفوذ والتفكك الشديد ، كما أن إسرائيل حالياً على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في تل أبيب، ومن هذا المنطلق يجب على اسرائيل أن تتأهب لمرحلة جديدة، والتي ستنعكس آثارها بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وربما على الحالة الدولية.

وأختم بالقول، إن الحصار المفروض على غزة، والغارات الجوية المتواصلة، لم يؤد إلا إلى زيادة تصميم رجال المقاومة على النضال من أجل تحرير الأرض من رجس الاحتلال، ومن هنا فإن إسرائيل ستزول عاجلا أم آجلا لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب الفلسطيني … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري أقرب ما يكون، ذلك فإن حتمية الزوال والاندثار والاضمحلال لهذا الكيان الغاصب باتت وشيكة وأقرب ما يكون.

بالتالي، إن الحرب على فلسطين دخلت مرحلة جديدة ستكون غزة هي بوابة النصر وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر الفلسطيني المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة لإسرائيل وكل من يقف وراءها بأن الانتصار النهائي قاب قوسين أو ادنى يحققه رجال المقاومة بكل إصرار وعزيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى