أخبارثقافة

جرحٌ على جبين الرحالة ليوناردو

جرحٌ على جبين الرحالة ليوناردو
لكل امرىء جرحه، فثمة من يحمل جرحه في جسده، وثمة من يحمل جرحه في
روحه، ورواية “جرحٌ على جبين الرحالة ليوناردو” جراح بطلها خالدة، تتحدث
إليه، لأنها جزء من روحه التي لا تفنى بعد فناء الجسد، مرتحلة من زمنٍ إلى آخر،
ولا تموت إلا بموت صاحبها؟
هي قصة الصحفيّ الشاب عيسى الروماني الذي تلقى عرضاً للعمل في إحدى
القنوات التلفزيونية ووجد فيه فرصته الذهبية، قبل أن يلتقي رجلاً مسناً يدعى فرانز
يخبره أنه شبيه مؤرخ رومانيّ نبيل يدعى ليوناردو، وُلِد في مدينة ميلانو في القرن
الرابع عشر للميلاد، وقد عثر على قصته في مخطوطةٍ قديمة ونادرةٍ موجودة في
إحدى مكتبات مقاطعة كارينثيا، وذكر له أنه خلَّدَ جرحه في سيرة حياته المدوّنة في
المخطوطة، ومن هنا تبدأ حياة عيسى تسير في اتجاه آخر غير ما كان يخطط له، لقد
أصبح هاجس العثور على المخطوطة شغله الشاغل، خاصة بعدما شعر في منزله
بقوة غير مرئية دفعته بشكل غير إرادي حتى شج جبينه! لقد وجد عيسى شيئاً
مشتركاً بين حياته وبين حياة صاحب المخطوطة، شيئاً غامضاً غريباً بدأ يبحث
عنه…
تُرى هل هي روح ليوناردو المرتحلة عبر الزمن أم هو جرحه، جرحُ ليوناردو
الذي لم يتغير عبر الأزمان وتعاقب النور والظلام؟ أم أنه أتى إلى المكان الذي
تنتمي روحه وجسده منذ مئات السنين؟
“جرحُ على جبين الرحالة ليوناردو” رواية فلسفية، تضع كل امرئ أَمام مرآة
ذاته، تقول لقارئها أن الجرح هو جزءٌ حيٌّ من صوت روحه، الذي يجب أن يتحدث
إليه إذا ما أراد معرفة ذاته. هي رواية تطفح بأفكار عن الخير والشر، الحب والكره،
الحرب والسلام، الجمال والقبح، وقبل كل شيء عن ذاتنا الغارقة في دهاليز الضياع
من دون أن نعرف لها مخرجاً.
من أجواء الرواية نقرأ:
“لقد ضاع كُلّ شيءٍ سعيتُ من أجله، ضاع أملُ العودة إلى العمل في التلفاز، ولم
يعد بوسعي التقاط الصور الشخصيّة، إذا فعلتُ ذلك فسوف تظهر آثار الجرح لا
محالة؛ أيُّ امرأةٍ ستقبل بعد الآن النّظر إلى جبيني المشوّه دون أن يثير جرحي
اشمئزازها؟
اغرورقتْ عيناه بدموع القهر، وخارتْ قواه على نحو مباغت، فسقط على
الأرض المُخضّبة بالدّماء، ومسح البقع القاتمة براحته المرتعشة، فجأةً سَمع صوتاً
يناديه:
“لا تمسح الدَّم المراق على الأرض، فالدَّم المسفوح من جسد صاحبه لا يعود إليه
البتّة أيّاً كان المُتسبّب فيه؛ إمسح جبينك المشجوج، امسحني برفق، وإلّا سأظلّ
أتوجَع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى