تقارير التنافسية الاقتصادية والقدرة على المنافسة

يتطلب الارتقاء بالقدرة التنافسية للدول وجود سياسات تنافسية فاعلة ذات مستهدفات محددة وموجّهة نحو معالجة التحديات التي تعيق حصول تقدم ملموس في مؤشراتها في تقارير التنافسية العالمية، عبر مشاريع ومبادرات يتم تنفيذها ضمن أطر زمنية محددة، وتنفيذ سياسات وأطر تنظيمية وقانونية ومؤسسية
ملائمة، وتشكيل فريق عمل من مختلف الدوائر الحكومية المعنية، وضمن إطار شراكة مع القطاع الخاص. وفي هذا السياق، قد يكون من الضروري أيضاً الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في مجال الارتقاء بالقدرة التنافسية لاسيما لجهة تعزيز الابتكار ورفع الإنتاجية، ونشر العناقيد (التجمعات القطاعية المتخصصة)، وربط التعليم بمتطلبات السوق وأهداف التنمية، وغيرها من المتطلبات التي تنعكس بمجملها في نمو وازدهار واستدامة الاقتصاد.
يُعد موضوع تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني إحدى أهم القضايا التي باتت تشغل العديد من المنظمات الدولية، وصانعي القرار وراسمي السياسة لدى مختلف الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية. ويكمن المسّوغ الرئيسي لهذا الاهتمام الكبير والمتنامي بالتنافسية هو ان هذا الموضوع لا يتوقف عند تحديد تر تيب الدول على سلم
التنافسية العالمية التي تنشرها المنظمات الدولية المعنية في تقاريرها عن التنافسية، بل لما تعكس تلك المراتب أساساً من مدى حيوية البيئة الاقتصادية الكلية للدول بصفة عامة، ومدى حافزية بيئة الأعمال فيها على الإنتاجية، والابتكار، وجاذبيتها للمهارات والتقنيات الحديثة والاستثمارات الأجنبية المباشرة بصفة خاصة. كما يتسع مفهوم
التنافسية ليطال رفاهية الفرد بوصفه الهدف الأسمى من أي نظام اقتصادي.
أولت الكثير من الدول خلال السنوات الماضية إهتماماً ملحوظاً بموضوع التنافسية، حيث انطلقت بتأسيس هيئات ومراكز تُعنى بها، إضافة إلى إصدار القوانين والتشريعات ذات الصلة. كما استطاعت بعضها أن تحقق إنجازات ملحوظة على صعيد تحسين مؤشراتها في تقارير التنافسية العالمية لاسيما على إثر التطور الحاصل في قطاعاتها
الاقتصادية، وبنيتها التحتية، واستخدام التقنيات الحديثة، إضافة إلى التقدم الحاصل في مجالي التعليم والصحة، وغيرها. ورغم ذلك، لا يزال أمام الدول العربية العديد من التحديات في مجال التنافسية العالمية، أهمها ما يتعلق بقضايا الاقتصاد الكلي ومدى قدرتها على تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي لاسيما في ظل المتغيرات التي ما
أنفك يشهدها الاقتصاد العالمي، بالتالي كيفية تفعيل دور السياسات لدعم برامج الإصلاح الاقتصادي والنقدي والمالي وتحقيق النمو المستدام والشامل.