ترسيم اليوم الوطني للبلدية 18 جانفي من كل عام ؟ –

عزوڨ موسى – ترسيم اليوم الوطني للبلدية 18 جانفي من كل عام ؟ –

ان الديمقراطية التي كانت هي المبدأ الأساس لنظام الجماعات قبل دخول الاستعمار الى الجزائر اصبحت فيما بعد خيالا في جماعات الدواوير المكونة نت طرف السلطة المحتلة من بيان اول قانون للبلدية الجزائر 1967.

بمرسوم رئاسي رقم 19-01 (1) مؤرخ في : 25 ربيع الثاني 1440 الموافق 02 جانفي 2019 يتضمن ترسيم 18 جانفي يوما وطنيا للبلدية ، اعتمد على المواد 15-17 و 91-143 من الدستور, وبمقتضى القانون 11-10 والمؤرخ في 20 رجب 1432 الموافق 22 يونيو 2011 والمتعلق بالبلدية , يرسم :

  • المادة 1: يرسم تاريخ 18 جانفي من كل سنة يوما وطنيا للبلدية ، إحياء ليوم 18 جانفي 1967 تاريخ صدور أول قانون البلدية .
  • المادة 2: يتم الاحتفال باليوم الوطني للبلدية بتنظيم جلسات وطنية للبلدية تضم رؤساء المجالس الشعبية البلدية ومختلف الشركاء

وتحتفل بهذا اليوم أيضا عبر جميع بلديات الوطن خلال تظاهرات وأنشطة تعزز أسس اللامركزية والديمقراطية والمواطنة وكذا من خلال تنظيم صالونات حول مواضيع ذات صلة بالبلدية .

فما هو القانون الأول للبلدية الصادر في ظل الاستقلال ؟ انه الأمر 67-24 (1)

توطئة :

      أهم ما كانت تصدر به القوانين هو في " بيان الأسباب " , حيث تذكر بشكل دقيق لماذا تم إنشاء هذا القانون وتحدد الأهداف , كانت فعلا ترصع بالأفكار الملهمة , وتبين رغبة أصحاب القرار في الرقي بالمجتمع والتغيير إلى الأفضل ( لكن عادة يستدم ذلك بواقع مر ومعوقات فيها ما ينسب إلى الحرس القديم الذي يريد ان يحافظ على المكتسبات بكل الطرق حتى بتوريث أولادهم؟ ومنها ما يرجع إلى القوانين ذاتها والوضع العام ). الغريب انك لا تجد أي دراسة تناولت هذه الفكرة بالدراسة, والأغرب من ذلك أن تقرأ في بعض الكتب ( كل التي اطلعت عليها ) نسخ لصق لهذا البيان تحديدا لكن يوحي إليك كاتبه انه هو من خطه بيمينه ؟ ولذلك ارتأيت ان انقل لكم جزء من البيان أولا . ثم أتطرق بالتدرج للقوانين اللاحقة و المنظمة للبلدية , والتي ستلاحظ انها لم تاتي بالجديد ,  لنختم الى التفريق بينها وبين قوانين عمال البلدية وتداخل الاختصاص والظلم الذي يتعرض له موظفوا البلديات من التسمية المفرقة الى الحقوق المضيعة :

في بيان الأسباب :

                 أقتبس من مطلعه حيث يذكر أنه : (لا تزال الجماعات المحلية ، عقب نيل الاستقلال ، تسير وفقا للقواعد التي ورثتها من النظام الاستعماري . وان التأسيس البلدي الموضوع لجماعات محلية تخدم طبقة ذات امتيازات ، قد أصبح الآن في وضع لا يتلاءم مع متطلبات اختيارنا الاشتراكية ، ولاسيما مع مهام التنمية الاقتصادية التي يفرضها هذا الاختيار .). ثم يبين كيف أن مجلس الثورة عالج الوضع المتردي للبلدية وتحديد مبادئها في الميثاق الذي صادق عليه في أكتوبر 1966. ليعرج في نقاط :  

أولا -1- نشأة الإدارة ومشاكلها : فيذكر النشأة في ظل الاستدمار ، والمكاتب العربية منذ 1844 . ونفس حال البلديات المختلطة ابتداء من عام 1868.التي اصبح يسيرها متصرف برتبة ضابط يساعده موظفون جزائريون ، تساعدهم لجنة من أعضاء أوربيين كانوا ينتخبون وحدهم ، ثم توسعت جزئيا لبعض الجزائريين. ( ويشير في نقطة مهمة ان الديمقراطية كانت سائدة قبل الاستدمار ) ، ويذكر ان البلديات كانت خاضعة لقانون 05 أفريل 1884 ، وان إلغاء البلديات المختلطة بالمرسوم المؤرخ في 28 يونيو 1956 كان تدبير لعرقلة الثورة ، فكان ضابط القسم الإداري الخاص هو الذي يدير البلدية في الواقع وقتئذ ويحوز إلى حد ما, اختصاصات سلفه الأول البعيد :” ضابط المكاتب العربية “. ثم يتطرق بكل وضوح الى المشاكل الحقيقية البلديات خصوصا الاكتفاء الذاتي وموازنة البلديات ( لكن يعطي حلا جزئيا غريبا لتخفيض عدد البلديات من 1535الى حوالي 625 – في 2023 عودة الى 1541 ؟ – وذكر اللامركزية ) .

-2- التأسيس البلدي الجديد : -أ- إحداث مجلس مداولة منتخب هو المجلس الشعبي البلدية. -ب- جهاز تنفيذ

ويختم بأن هذه الأهداف الموجزة جدا لأحكام هذا الأمر .

وهذا الى غاية الصفحة الخامسة حيث يتناول القانون في أربع 04 أبواب و 287 مادة . لو أردنا إجراء مقارنة مع التعديلات اللاحقة نجده يتميز بالبساطة وضم جميع القوانين بما فيها قانون الانتخاب وان كان بحزب واحد .

  • حيث يعرف البلدية في المادة الأولى منه بأنها الجماعة الإقليمية السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية وتحدث بموجب القانون “. وهو نفس التعريف الذي سيكرره القانون 90-08 (3) بالنص في المادة الأولى منه : البلدية هي الجماعة الإقليمية الأساسية وتتمتع بالشخصية المعنوية وتحدث بموجب قانون “. وهو تقريبا نفس التعريف في القانون 11-10 (4) بالنص في المادة الأولى : ” البلدية هي الجماعة الإقليمية القاعدية و تتمع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة وتحدث بموجب قانون .”

وهكذا تجد بعنوان صلاحيات المجلس الشعبي البلدي ( هي نفسها ) وصلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي كممثل للدولة وممثل للبلدية ( هي نفسها ) . ويتطلب الموضوع توسعا اكبر, لعل مناسبة اخرى تكن انسب .

تجدر الإشارة ان هناك خلط كبير دوما بين قانون البلدية ومرسوم موظفي البلديات , ففي قانون البلدية الثاني 90-08 تلاه في الصدور المرسوم 91-26 المؤرخ في : 02-02-1991 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالعمال المنتمين الى قطاع البلديات , والذي كان يسمى فيه المتصرف مثلا :” متصرفا بلديا ” , ولا معنى لهذه الإضافة التي ساهمت في جعل موظفي البلديات درجة ثانية ؟ حتى انه لا يمكنه الانتقال إلي إدارة أخرى (رغم عدم وجود أي نص مانع ؟) , بالإضافة إلى الرقابة القبلية والبعدية لمفتشية الوظيفة العمومية والتي تجبر المتصرف بالتنقل إلى الهيئة التي قد يكون على رأسها ( بل يستحيل ان يكون على رأسها من هو اكبر منه رتبته او مستوى ؟). بالإضافة إلى جعل رئيس البلدية ( والذي لا يشترط فيه أي مستوى للترشح , فقد يكون اميا تماما او عمل حارسا وفي نفس البلدية ويترشح فينتقم من الجميع ) . هو الآمر الناهي وقد يفضل تحديدا في المناصب العليا من المصالح إلى الكاتب العام ما يشاء دون رقيب , وقد يزيد الوضع تعفنا تدخل أعضاء المجلس الشعبي البلدي في الإدارة ؟ ( رغم المنع الواضح من المديرية العامة للوظيفة العمومية ).

وكما ان قانون البلدية 11- 10 المعدل للقانون 90-08 , لم يحدث الجديد فان المرسوم التنفيذي 11-334 المتضمن القانون الأساسي بموظفي إدارة الجماعات الإقليمية المعدل للمرسوم 91-26 أعلاه . أيضا أبقى حال لقمان على حالها , إلا ما زاد من حيرة في تسمية المتصرف البلدي بالمتصرف الإقليمي ؟

وحتى بالرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم 16-320 المؤرخ في : 13-12-2016 يتضمن الأحكام الخاصة المطبقة على الأمين العام للبلدية فلا جديد يذكر ؟ بل زاد التفرقة حتى بين بلديات ولاية الجزائر وبلديات المقر وباقي البلديات والعدد بعيدا عن التركيز عن الكفاءة والجدارة والتعين من خارج المجلس البلدي والفصل بين الإدارة بكل موظفيها والهيئة المنتخبة بما فيها الرئيس وهي القناعة التي وصل اليها الكثيرون لكن دون جدوى عملية .
  • حيث زاد الاهتمام بشكل لافت بمنصب الأمين العام للبلدية، خصوصا بعد انتشار فكرة التسير الذاتي للبلديات وامكانية تولي الأمناء العامون لمنصب رئيس البلدية والتأكيد على عدم التركيز لهذه المناصب النوعية , التحرر من الرقابة الوصائية وخصوصا الدائرة الآيلة للزوال . مما يستدعي النظر بجدية في فريق عمل بكفاءة وجدارة من رؤساء المصالح والامين العام لحسن تسير الملفات خصوصا الادارية بعيد عن أي تدخل للمنتخبين بما فيهم الرئيس ( ويتفرغون للمهام الاصلية لهم : فليست مهمة رئيس البلدية مراقبة العمال والموظفين… ) . حيث لا يخف على احد تراكم المشاكل المترتبة عن التسيير المحلي، وتأثير
    ذلك على الفشل المتكرر الذريع للمجالس البلدية المنتخبة في القيام بواجباتها الاساسية في التنمية وتوفير اساسيات الحياة ( ففي احدى البلديات مثلا لا يصلهم الماء الا مرة كل 40 يوم ؟ ورئيس البلدية اختصاص ماء ؟) من خلا ما سبق من حقنا محاولة البحث وفهم الغاية من التعديلات برغبة جامحة للتغير ومدى تحقق الاستقلالية وتفعيل الديمقراطية التشاركية.حيث ان أي محاولة بهذا الشأن تصطدم بجدار من الصمود والتحدي والرفض ، لانها تناقض المصالح
    والرهانات لكثيرين من الذين يتوهمون زوال امتيازاتهم.

—– تهميش —–

(1) مرسوم رئاسي رقم 19-01 مؤرخ في : 25 ربيع الثاني 1440 الموافق 02 جانفي 2019 يتضمن ترسيم 18 جانفي يوما وطنيا للبلدية .

(2) الأمر 67-24 مؤرخ في 07 شوال 1386 موافق 18 جانفي 1967 يتضمن القانون البلدي : بيان الاسباب كتاب اول : انظيم البلدية . كتاب ثاني : اختصاصات البلدية . كتاب ثالث : مالية البلدية .

(3) القانون 90-08 مؤرخ في 12 رمضان 1410 موافق 07 افريل 1990 يتعلق بالبلدية : – الباب الاول : انظيم البلدية . الباب الثاني : هيئتا البلدية . الباب الثالث : صلاحيات البلدية . الباب الرابع : ادارة البلدية . الباب الخامس : مالية البلدية .

(4) القانون 11-10 مؤرخ في 20 رجب 1432 موافق 22 يونيو 2011 يتعلق بالبلدية : في 220 مادة واربع اقسام : – القسم الاول : احكام تمهيدية . القسم الثاني : صلاحيات البلدية . القسم الثالث الادارة البلدية والمصالح العمومية واملاك البلدية . القسم الرابع : مالية البلدية .

عزوق موسى محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى