اقتصادالعالمفي الواجهة

ترامب و أوروبا الى اين ؟

الأخ الكبير لم يعد رفيق الدرب .. ترامب و أوروبا

محمد رضا عباس

الأخ الأكبر لأوروبا هي الولايات المتحدة الامريكية , والتي انتجت هذه ” الأخوية” بين الطرفين الهيمنة على القرارات الدولية ما يقارب 75 عاما , فما كان يوافق أمريكا يوافق الغرب ويدعمه . هذه المرة ترك الأخ الكبير اخوانه الاوربيين وحدهم يقررون مصيرهم امام الدولة العظمى الثانية , روسيا . جميع الوكالات الإخبارية اتفقت على ان ترامب يريد انهاء حرب أوكرانيا بدون مشاركة الاوربيين في مفاوضات السلام , بعد ان كانت اوروبا شريكة أمريكا في جميع إجراءاتها ضد روسيا . بل حاولت أوروبا اقصاء روسيا من كل محافلها واعتبرتها دولة مارقة , ولهذا السبب فان وقف الحرب في أوكرانيا سوف لن يرحم اوروبا التي حرقت جميع الجسور مع جيرانها القوي روسيا .نظرية أوروبا في هذه الحرب , اعتبار أن طموح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوسعي لن يتوقف عند عتبة الأقاليم الأوكرانية التي تريد موسكو ضمها إلى جغرافيتها. إذ رغم طمأنة روسيا لهم بأن أهداف العملية العسكرية الخاصة التي يشنها الجيش الروسي محدودة، وتسعى لضمان أمن روسيا القومي، فإن “انعدام الثقة” يبقى العامل الرئيسي في دفع دول الاتحاد الأوروبي للوقوف إلى جانب كييف على قاعدة أن “سقوط أوكرانيا يعني سقوط أوروبا بأكملها”. , كما جاء في مقال للسيد جيرار ديب على صفحة الجزيرة.
ترامب ليس جو بايدن , سياسة الأول هي الاستفراد بقراراته , وعدم الاكتراث بنتائجها المستقبلية , وان اقصاء أوروبا من محادثات السلام كان ليس مستغرب . فقد نقلت وكالة “بلومبرغ” عن مسؤول أوروبي قوله “ذكر مسؤولون أمريكيون لبعض الأوروبيين في ميونيخ أن أمريكا والصين هما أبرز اللاعبين في المناقشات حول أوكرانيا. وستقوم الولايات المتحدة باطلاع الأوروبيين على التقدم المحرز، لكنهم لا يُعتبرون لاعبين مهمين “. وهذا ما جرى في السعودية يوم الثلاثاء 17 شباط عندما جلس ممثلو الإدارة الامريكية وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي مايك والتز، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكو, فيما جلس امامهم من الروس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ويوري أوشاكوف مستشار السياسة الخارجية للرئيس فلاديمير بوتين.
وتأكيدا على اقصاء الاوربيين من المفاوضات بشان أوكرانيا , أوضح أوشاكوف أن الأمر الأهم في المحادثات، هو ” بدء تطبيع حقيقي للعلاقات بيننا وبين واشنطن… هناك أشخاص جادون، وقد وصلنا بنهج جدي أيضاً” ، مضيفاً, ” مفاوضات الغد مع الولايات المتحدة لن تتم إلا بين موسكو وواشنطن في شكل ثنائي”.
قرار الرئيس ترامب بأبعاد أوروبا من مفاوضات السلام صدم قادتها الذين استجابوا لكل طلبات بايدن , وأصبحت تفكر جديا , بان أيام الاخوة قد ذهبت وحل محلها اخوة العاجزين , وهذا ما اظهرته تصريحات وخطب قادتها . فقد جاء في تصريح المستشار الألماني شولتس ” لن نسمح بتقرير مصير أوكرانيا وراء الأبواب المغلقة “, وصرح وزير الدفاع الألماني ” بان استبعاد الأوروبي من محادثات أوكرانيا سيؤثر على علاقتنا بواشنطن”, ودعا ماكرون بإعادة النظر بدور أوروبا العالمي وان تأخذ المسؤولية على عاتقهم, ووصف رئيس الوزراء الليتواني سياسة ترامب بانها ” ركلة على مؤخرة أوروبا”, فيما وقف رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن كريستوف هوسغن يذرف الدموع بسبب مواقف أمريكا تجاه الاوربيين .
الاوربيون يريدون استمرار القتال واضعاف موسكو , وهو امر لا تراه واشنطن . الإدارة الامريكية وصلت الى قناعة ان اكرانيا غير قادرة على قتال روسيا , وانها لا تستطع ارجاع كيلو متر من الأرض التي استولت عليها , وبذلك فان الانتصار الروسي يعني انتصار على حلف الناتو , والذي شاخ ولا يقدر على التوسع , ومناسبة للولايات المتحدة بتقليص دورها فيه وتحميل العبء المالي الازم على عاتق الاتحاد الأوربي , ذلك الاتحاد الذي لا يستطع بمفرده حمل الأعباء المالية الضخمة لتمويل الحرب. وامام هذه الحالة , لم يبقى للقيادة الأوكرانية الا تخويل الإدارة الامريكية التفاوض مع روسيا على مستقبلها, وعلى أوروبا قبولها.
أمريكا وضعت أوروبا امام موقف حرج قد تبقى تعاني منع اقتصاديا وماليا الى امدا بعيد . إدارة ترامب لم تعد ترى أوروبا الجبهة الشرقية الضامن لحدود الولايات المتحدة الامريكية وليس الحليف الذي يعتمد عليه , ويجب حماية نفسها بنفسها , ولم يعد هناك عشاء مجاني . انها تقول لأوروبا ” اذا كنت تريد السلام , فادفع ثمن الأسلحة الامريكية , واذا كنت تريد القتال , فادفع اكثر مقابل السلاح الأمريكي” , كما جاء في تصريح فيكتور ميدفيدنشوك رئيس حركة ” اكرانيا الأخرى”, ان ” واشنطن ستصنع السلام وستدفع أوروبا ثمنه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى