تحوّل ملاحظ في الرأي العام الأمريكي لصالح الفلسطينيين
راني ناصر
يشهد الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية تحولًا ملحوظًا لصالح الشعب الفلسطيني بسبب كشف مواقع
التواصل الاجتماعي المجازر المروعة التي ترتكبها دولة الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني في غزة؛ مما أثار
استياء وسائل الإعلام التقليدية الأمريكية التي كانت ولا تزال تنحاز في تغطيتها لإسرائيل، ودفع اللوبيات الصهيونية
إلى إعلان حالة الاستنفار للتصدي واحتواء أي محاولة لتغيير الصورة النمطية التي رسختها على مدى عقود في
عقول الشعب الأمريكي حول مشروعية إسرائيل في أرض فلسطين، وتصوير الشعب الفلسطيني على أنهم مجموعة
من الوحوش القتلة المتعطشين لدماء اليهود.
فقد كشفت مؤسسة “Gallup” المتخصصة في إجراء ودراسة استطلاعات الرأي، أنه بين 1 و 20 مارس من هذا
العام، أن 74% من الشعب الأمريكي يراقبون حرب غزة عن كثب، وقد انخفضت نسبة المؤيدين للحرب التي
تشنها دولة الاحتلال على غزة بين الجمهوريين من 71% في شهر نوفمبر 2023 إلى 64% في مارس 2024،
وبين الديمقراطيين من 36% في نوفمبر 2023 إلى 18% في مارس 2024، وبين المستقلين من 47% في
نوفمبر 2023 إلى 29% في مارس 2024؛ أي أن 55% من الشعب الأمريكي ضد الحملة العسكرية التي تقوم
بها إسرائيل في قطاع غزة.
فقد شهدت عدد من المدن والجامعات الأمريكية موجة من المظاهرات الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والتي
طالبت الرئيس بايدن بوقف الدعم الاعمى للمجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة؛ فمن بين هذه المظاهرات،
نُظم اعتصام طلابي مع أعضاء من هيئة التدريس في أبرز الجامعات الأمريكية مثل نيورك، وييل، وكولومبيا،
ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وقد أصاب هذا التغيير السريع في الرأي العام الأمريكي لصالح الفلسطينيين ذعر اللوبيات الصهيونية في الولايات
المتحدة، ودفعها لاستخدام وتسخير نفوذها السياسي والاقتصادي والإعلامي لاحتواء التعاطف الأمريكي مع الشعب
الفلسطيني، ولجم الشخصيات والمؤسسات المؤثرة في المجتمع من نشر الحقيقة عن الظلم غير المسبوق الذي
يتعرض له الفلسطينيون؛ وهو ما حدث مع شركة Google التي قامت بتسريح 28 موظفًا بعد اعتصامهم احتجاجًا
على عقد ابرمته الشركة مع الحكومة الإسرائيلية، واستقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا ليزا ماجيل، ورئيسة جامعة
هارفارد كلودين غاي بسبب الضغوط الكبيرة التي مورست عليهما من قبل المنظمات اليهودية الداعمة لإسرائيل.
بالإضافة إلى ما سبق، قامت الشرطة باعتقال العشرات من الطلاب في عدد من الجامعات الأمريكية لتطويق انتشار
عدوى المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أخرى، وطلب الرئيس الأمريكي الذي يجاهر بصهيونيته من
الجامعات كبح جماح هذه المظاهرات ووصفها مع عدد من الفضائيات الأمريكية بأنها معادية للسامية.
من المرجح أن تتوسع دائرة الاحتجاجات في المدن والجامعات الأمريكية في الأيام القادمة، وأن تزداد الأصوات
المطالبة بحق حرية التعبير الدستوري؛ فمن غير المقبول أن يُسمح لأي أمريكي بانتقاد أي شخصية، أو هيئة
قضائية، أو تشريعية، أو تنفيذية، بينما يتعرض كل أمريكي يخرج عن السردية الصهيونية لتهمة معاداة السامية
بسبب تحريم انتقاد إسرائيل ودعم الفلسطينيين.