تحليل نفسية الموظفين ..تقرير حالة بيئة العمل في قارة افريقيا
كشف تقرير حالة بيئة العمل العالمية الأخير الذي نشرته شركة Gallup عن ركود في مؤشر ارتباط الموظفين بالعمل وتدهور في رفاهيتهم خلال عام 2023، وذلك بعد سنوات عديدة من التحسن المستمر. وجائت نتائج التقرير لتؤكد أن غالبية الموظفين حول العالم لا يزالون يعانون في العمل والحياة، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية المنظمات.
وكشفت نتائج التقرير عن صورة متنوعة ومعقدة عبر دول مختلفة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بناءً على معايير متعددة. وأظهر التقرير أن موظفًا واحدًا من كل خمسة موظفين في المنطقة مرتبطًا بعمله، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 23%. وفي جنوب أفريقيا، بلغت نسبة الموظفين المرتبطين بأعمالهم 29%، وفي تنزانيا 31%، وفي كينيا 18%، لكن السنغال أظهرت معدلات أعلى بكثير حيث وصلت النسبة إلى 40%.
دور العمل في الصحة النفسية للموظف ورفاهيته
يلعب ارتباط الموظفين بأعمالهم دوراً جوهرياً في تجارب الحياة العامة. صحيح أن ليس كل مشاكل الصحة النفسية مرتبطة بالعمل، إلا أنه يعتبر عاملاً مؤثراً في تقييمنا لحياتنا ومشاعرنا اليومية. إن دعم الموظفين لتحقيق الازدهار في الحياة والارتباط بالعمل هو جزء أساسي من الاهتمام بالصحة النفسية للموظفين.
أفاد ما يقرب من نصف الموظفين (48%) في دول إفريقيا جنوب الصحراء بأنهم يعانون من ضغوط شديدة في يوم العمل السابق، وتعتبر هذه النسبة أعلى بفارق نقطتين مئويتين عن عام 2022، كما أنه أعلى من المعدل العالمي البالغ 41%. يعاني 32% من الموظفين في جنوب إفريقيا من ضغوطات، مقابل 34% في كينيا و46% في السنغال و40% في زامبيا، بينما تصل النسبة في زيمبابوي إلى 25%، وهي أقل بكثير من المعدلات المرتفعة في دول أخرى بالمنطقة.
على الرغم من أن المعدل الإقليمي لحالات الاكتئاب يبلغ 28%، وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 22%، إلا أن الصورة تختلف بشكل كبير بين دول المنطقة. حيث تصل نسبة الموظفين الذين يعانون من الاكتئاب الشديد في اليوم السابق إلى 20% في كل من جنوب إفريقيا والسنغال، بينما تصل النسبة إلى 23% في كينيا و24% في تنزانيا و28% في زامبيا، وتقفز بشكل ملحوظ لتصل إلى 36% في غامبيا و37% في توجو. بينما نجد معدلات أقل بكثير تبلغ 15% في موريشيوس و16% في ناميبيا، على النقيض تصل النسبة إلى 49% في غينيا، وهي أعلى نسبة بالمنطقة.
وأفاد تقرير Gallup أن 20% من الموظفين حول العالم يشعرون بالوحدة الشديدة في اليوم السابق. إن العزلة الاجتماعية والوحدة المزمنة لها تأثير مدمر على الصحة البدنية والعقلية، ولكن العمل نفسه يقلل من الشعور بالوحدة. وبشكل عام، يشعر البالغون العاملون بوحدة أقل من المتوسط العالمي.
فالنتائج كشفت أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث نسبة الموظفين الذين يعانون من الوحدة. فقد أفاد ما يقرب من واحد من كل ثلاثة موظفين في المنطقة (28%) بأنهم شعروا بالوحدة الشديدة في اليوم السابق، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 22%.
ثاني أدنى نسبة إقليمية من الموظفين المزدهرين
يقيس مؤشر الرفاهية الخاص بشركة Gallup التقييم العام للحياة من خلال الجمع بين نظرة الموظف لواقعه الحالي وتطلعاته المستقبلية. وفي حين تصل النسبة العالمية للموظفين الذين يعتبرون أنفسهم مزدهرين في حياتهم إلى 34%، تنخفض هذه النسبة بشكل كبير في إفريقيا جنوب الصحراء لتصل إلى 17% فقط.
وتعتبر جنوب إفريقيا والسنغال أعلى بشكل ملحوظ عن المتوسط الإقليمي، حيث تصل نسبة الموظفين المزدهرين بهاتين الدولتين إلى 32% و27% على التوالي، بينما تنخفض النسبة في كينيا (16%) وتنزانيا (14%). وفي سيراليون، تصل النسبة إلى 8% فقط.
يتزامن التوجه السلبي في تقييم الموظفين لحياتهم مع انخفاض ثقتهم بأسواق العمل في العديد من دول المنطقة. ففي حين يرى 49% في المنطقة أن الوقت مناسب للبحث عن وظيفة جديدة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة نقطة مئوية واحدة مقارنة بالعام الماضي، نجد أن نسبة أعلى بكثير تبلغ 75% يترقبون فرص عمل جديدة أو يبحثون عنها بنشاط. وتتجاوز هذه النسبة بشكل ملحوظ المعدل العالمي البالغ 52%.
أما في جنوب أفريقيا، فتبدو الصورة مختلفة قليلاً، حيث يراقب ما يزيد قليلاً عن نصف الموظفين (56%) فرص العمل الجديدة أو يبحثون بنشاط عن وظيفة جديدة. وفي كينيا، أفاد 81% من الموظفين أنهم يفعلون ذلك، وتتباين هذه النسبة بين الدول فنجد أنها تبلغ 88% في سيراليون، و68% في السنغال و63% في ناميبيا و71% في غانا.
منذ عام 2020، يشهد سوق العمل العالمي تحولات جذرية. فقد أصبح العمل الهجين، الذي يتيح العمل عن بعد للموظفين المؤهلين، أكثر شيوعًا عن غيره، الأمر الذي يزيد من تعقيدات إدارة الموارد البشرية. ويؤدي قيام المؤسسات بزيادة عدد الموظفين المرتبطين في العمل، إلى نتائج إيجابية عديدة على مستوى المؤسسات. في حين أن هناك إمكانات هائلة لمواقع العمل في إفريقيا لتحسين ارتباط الموظفين ورفاهيتهم، إلا أن تباين النتائج يؤكد اختلاف العوامل المؤثرة بشكل كبير بين دولة وأخرى.