أحوال عربيةأخبارإقتصادالجزائر من الداخلمال و أعمال

تحسين أداء الشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية

“تحسين أداء الشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية:

تلعب الشركات المملوكة للحكومة دوراً محورياً في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة العربية في ضوء دورها في تملك وتطوير وإدارة العديد من الثروات الطبيعية، إضافةً إلى تطور دور الدولة في مناحي الاقتصاد المختلفة، حيث إن وجود هذه الشركات يمنح الحكومات القدرة على السيطرة على الموارد الوطنية وتوجيهها نحو تحقيق الرفاهية العامة والتنمية وتعزيز التوازن الاقتصادي.

إلاّ أن بعض الشركات المملوكة للحكومة في المنطقة العربية تواجه تحديات مرتبطة عادة بملكية الدولة، وقد تشمل الأداء الضعيف الذي يؤدي بدوره إلى عبئ على ميزانية الدولة، وتضخم الموارد البشرية، وعدم كفاية الخدمات
والمنتجات المقدمة للمستهلك، وضعف الشفافية والمساءلة. ومن الواضح أن هذه التحديات لا تقتصر على المنطقة العربية فحسب، بل تشمل، وبدرجات متفاوتة، العديد من الدول حول العالم، التي لا تمتثل لأفضل الممارسات في
تنفيذ السياسات والإجراءات التي من شأنها التخفيف من التحديات المرتبطة بملكية الدولة.

شكلت الشركات المملوكة للحكومة عنصراً أساسياً في استراتيجية التنمية الاقتصادية في المنطقة العربية. ومع ذلك، فإن هذه الشركات، في ظل بيئة تنظيمية قد تكون غير مواتية، من الممكن أن تحد من الاستثمار الخاص،
وتوجيه رأس المال نحو الأنشطة ذات الإنتاجية المنخفضة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تباطؤ النمو وضعف في خلق فرص العمل. في هذا السياق، تكشف الدراسات التشخيصية القُطرية للقطاع الخاص التي أجرتها مجموعة
البنك الدولي، أن بعض الشركات المملوكة للحكومة قد تمثل أحد التحديات الرئيسة أمام تنمية القطاع الخاص في المنطقة العربية وخارجها.

من ناحية أخرى وعلى الرغم من دور القطاع الخاص في قيادة مسار النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، إلا أن الشركات المملوكة للحكومة يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والابتكار والتوظيف،
من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية والطرق والأساليب الجيدة لتحسين إدارة وأداء هذه الشركات، إضافةً إلى تطوير إصلاحات شاملة لتعزيز الحوكمة والشفافية وبناء الثقة في عملها.

و لتحقيق الاستقرار والاستدامة، من الأهمية بمكان أن يكون تعزيز الشفافية هدفاً أساسياً من خلال تطبيق أنظمة شفافة لإفصاح المعلومات المالية والإدارية عن هذه الشركات، وأن يشمل تعزيز الحوكمة الجيدة والمساءلة والشفافية في إدارة هذه الشركات تطوير أطر قانونية وتنظيمية فعّالة. كما أن تنويع الاقتصاد هو سياسة لتعزيز مناعة الاقتصادات ومستوى النمو وتقليل الاعتماد على قطاع معين وتحقيق التنمية المستدامة. هذا ويمكن أن تلعب المشاركة المجتمعية دوراً مهماً في عمليات اتخاذ القرار والإشراف على الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز الشفافية والمساءلة. يتطلب تحقيق هذه الأهداف تعاوناً وجهوداً مشتركة من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق التغيير الإيجابي وضمان مستقبل أفضل في المنطقة العربية.

يشكل تحسين الحوكمة شرطاً مسبقاً بالغ الأهمية للإصلاح المستدام للشركات المملوكة للحكومة، ومع ذلك فإن الحوكمة الرشيدة تستمر في التقدم ببطء على الرغم من التدابير والإجراءات التي تم تبنيها في هذا الشأن. ويشير
المستوى المرتفع نسبياً لملكية الدولة في المنطقة العربية إلى أن الإصلاحات الناجحة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة يمكن أن يكون لها تأثير أكبر على الاقتصاد مما كان يُعتقد في السابق. في هذا الصدد، تبنّت
العديد من الدول العربية إصلاحات مهمة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة، حيث طورت ممارسات الملكية الخاصة بها من خلال بناء هيئات رقابية، وزيادة مساءلة مجالس الإدارة، وتعزيز المراقبة، وتشديد الضوابط المالية، وتعزيز الخصخصة.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا الشأن، فلا يزال هناك مجال كبير للتحسين من حيث الأداء، وأطر الحوكمة، والتنافسية، وإدارة المخاطر المالية للشركات المملوكة للحكومة في المنطقة العربية. وإدراكاً لأهمية الإصلاح،
يواصل صناع السياسات البحث عن حلول لجعل الشركات المملوكة للحكومة أفضل من حيث الإدارة والشفافية والتنافسية لتحقيق تقدم مهم في المستقبل.

لعل من المحاور التي تحتاج كذلك لاهتمام ومتابعة في اطار الإصلاحات المطلوبة، هي سبل تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية في منظومة وسياسات وبرامج الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز من مساهمتها في تحقيق
الاستدامة البيئية ودعم فرص الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى