أحوال عربية

تحديات وآفاق ما بعد الأسد

سلام محمـد العبودي

حربٌ مريرة خلال اكثر من عشر سنوات مرت بسوريا, بدأت بما أطلق عليه الربيع العربي, فكان هدفها المعلن إسقاط النظام, أما ما كان مخفياً عن العالم, فهو خلق الفوضى في ذلك البلد, والقضاء على الترسانة العسكرية, من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل.

خلال العقد الماضي، استعملت القوات المسلحة السورية, شتى أنواع الأسلحة, من أجل إعادة سيطرتها, فكانت النتيجة حرباً مُدَمرة, استمرت منذ عام 2011، تسببت في انهيار العديد من مؤسسات الدولة؛ ودمار واسع للبنية التحتية، فضلاً عن مئات الآلاف, من القتلى والجرحى. كما تسببت الحرب, في نزوح ملايين الأشخاص، داخل وخارج البلاد، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا، ولكن مع مرور الوقت، بدأت تلوح في الأفق بعض آفاق التعافي، رغم أن التحديات لا تزال كبيرة.

الوضع السياسي لم يكن بأفضل حال, فمنذ بداية الحرب عانت سوريا, من انقسامات سياسية حادة, الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد, تمكنت من استعادت السيطرة, على أغلب الأراضي, بفضل الدعم العسكري من حلفائها مثل روسيا وإيران, ومع ذلك بقيت هناك, مناطق تحت سيطرة, فصائل مسلحة, وأخرى تحت سيطرة الأكراد، الأمر الذي عقد الجهود, لإيجاد حل سياسي شامل, إضافة للخلافات بين القوى الدولية الكبرى، الذي زادً من تعقيد عملية التسوية السياسية.

الاقتصاد السوري بات القطاع الأكثر تضررًا جراء الحرب, فقد تسببت بانهيار كبير, في القطاعات الأساسية مثل النفط, و الزراعة والصناعة بالإضافة إلى, تدمير البنية التحتية، الذي تسبب بركود اقتصادي شديد, وفقدت الليرة السورية قيمتها بشكل كبير، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين. كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري, كانت لها آثار كبيرة على الاقتصاد، في حين أن جهود إعادة الإعمار, تحتاج لاستثمارات ضخمة من الدول المانحة.

خلال ذلك العقد من القتال, لم يتوقف القصف الاسرائيلي, بالرغم من ظهور بعض المؤشرات, على تحسن الوضع في بعض المجالات، مثل الاستقرار الأمني الجزئي, في بعض المناطق، كان واضحاً أن الطريق, طويلًا نحو تحقيق السلام الدائم والازدهار, للتحديات الكبرى وفقدان القدرة, على التوصل لتسوية سياسية بين الأطراف المختلفة، مع ضمان عودة اللاجئين, وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

باتت العودة لاستعادة الحياة الطبيعية مستحيلة, فقد بدأت الفصائل المسلحة المعارضة, بالزحف السريع من شمال سوريا, لتسقط المدن واحدة تلو الأخرى, تحت انهيار تام, للقوات المسلحة السورية, مما ساعد على سقوط دمشق, خلال أحد عشر يوما, منذ تحرك تلك الفصائل, ما دعا بشار الأسد, القبول باللجوء الإنساني لروسيا, الأمر الذي فسح المجال واسعاً, للجانب الإسرائيلي, باجتياح الجولان, وتحطيم الآلة العسكرية.

دخلت سوريا في مرحلة انتقالية صعبة، حيث تتداخل المشاكل الاقتصادية، السياسية والأمنية بشكل معقد، وفقد الأمل في أن تتمكن البلاد من التعافي والنهوض مجدداً, وما بين فقدان الأمن, والعامل المساعد من الحلفاء, وضبابية ما ستؤول له قادم الأيام, ازدادت عملية النزوح الجماعي, ليعيش البلد في المجهول.

السؤال المحير لجميع المهتمين, كيف ستكون سوريا ما بعد الأسد؟ وهل هناك فرصة لتحقيق السلام في البلاد؟ في ظل هذه التحديات وما سيليها, التي ستواجه سوريا في هذه المرحلة، التي تمتاز بغموض وطريق مظلم, وسط تعدد الفصائل, واختلاف الأجندات. يصعب التكهن بكل ذلك، لكن الواقع والتجارب السابقة مع الجماعات التي سيطرت على الواقع في سوريا، يبدوا أن الامور, لا تبشر بخير لسوريا نفسها، ناهيك عن توقع إمتداد ذلك لبقية الدولة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى