تعاليقرأي

العالم العلويُّ، والعالم السفليُّ.. والأحياء والأموات.

رشيد مصباح (فوزي)

**

الموتى ــ الأحياء: “أوندد”{Undead} “الزّامبي”؛ وهو ما تعكسه الحياة الهشّة في المدينة الفاسدة”الديستوبيا”، العيش في ظروف الخوف والرّعب، وغياب أشكال الرّحمة والإنسانية. كما نشاهده في أفلام الرّعب والخيال الهوليوودية.

وهناك صنف آخر من “الموتى ـ الأحياء”: موتى بالحياة، موتٌ غير عاديٍّ؛ ليس بسبب فقدان الجسم لوظائفه الحيويّة، ولكن بسبب فقدان الشّخص لبعض الأشياء الهامّة في الحياة؛ كفقدان عزيز غيّبه الموت أو انقطعت أخباره، و الجنون بأشكاله وأنواعه، والإدمان على المخدّرات أو “الموت البطيء”، و كالفقر والحرمان اللّذين يورّثان الذلّ والمهانة والهوان وكل ما ترفضه النّفوس التي تربّت في كنف الودّ والاحترام… فالموت أشكالٌ وأصنافٌ؛ وعاجلٌ، وآجل مؤجّلٌ.

وهناك موت متكرّر ومتغيّر؛ يموت صاحبه مرّات عديدة، في اليوم، والسّاعة، واللّحظة الواحدة. أسبابه معروفة وعديدة؛ منها الخوف والرّعب، وما يصيب فئة الشّباب من نوبات هلع، خاصّة في هذه الأيّام. و الأمراض المعنويّةـالنفسيّة: كالكآبة، والرُّهاب الاجتماعيّ “الايروتو فوبيا” الذي يُفقِد صاحبَه حقّه في ممارسة مواهبه وقدراته الشخصية؛ المعنويّة الذهنيّة، و و… فالموت إذن: هو ذاك الشّبح، او الغول والبعبع، الذي يحرمك من نفسك ومن الآخرين. يحرمك من لذّة العيش الكريم، وأن تحيا على النّحو الذي يرضيك، في كنف المحبّة والاحترام. فالموتُ المعنويُّ: موتٌ بالحياة، وهو أخطر ممّا تظنّ أنت وأنا.

العالم اليوم منقسمٌ إلى قسمين: ـ”علويٌّ”، لا مكان فيه للجهل والفساد. سكّانه نفوسٌ عزيزةٌ تأبى العيش في ظروف القهر والاستبداد. وعالمٌ “سفليٌّ”، يفتقر إلى أدنى معايير الحياة؛ لا نور فيه، ولا حرية، ولا كرامة. تحكمه طغمةٌ غاشمةٌ فاسدةٌ بقوّة الحديد والنّار. سكّانه بلا هويّة، ولاحقوق، ولا كرامة. “أمواتٌ ــ أحياء”؛ لا يجرؤون على مجرّد التفكير في الحريّة ولا في العيش بكرامة. ليس بسبب خوفهم و خنوعهم، بل لأنّهم تأقلموا مع ظروف البيئة المتعفّنة الفاسدة، فاكتسبوا “مناعة” القدرة على التحمّل. مثلهم في ذلك مثل بقية الميكروبات، الضارّة منها والنّافعة. ومثل غيرهم من الجراثيم التي بمجرّد عزلها عن بيئتها تموت على الفور. وهذا ما ينطبق على كثير من النّاس في هذه الأيام.

وهناك صنفان من القلوب: قلوبٌ بيضاء؛ بتعبيرٍ مجازيٍّ، و”قليل ما هم”. لا تعرف الحقد والحسد، وتأبى التّحنيط على الطريقة الفرعونيّة؛ العمليّة التي تجري بمباركة الكهنة وتحت أنظارهم. وقلوب وقودها السُّم، حتى صارت كالسُّم، فهي تتغذّى عليه، وحرمانها منه ـ السُّم ـ يعني قتلَها أو موتها ببساطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى