بين الشّرق والغّرب طاولاتٌ بحجم كوكب المريخ!
عزيز فيرم كاتب سياسي وروائي جزائريـ
بعد لقاء في بيكين هو الأول من نوعه منذ سنوات، وزيرا الخارجية السعودي والإيراني يتفقان على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني، وإعادة فتح سفارتي البلدين خلال فترة الشهرين المتفق عليها.
هذه أبرز الكلمات المتداولة هذه الأيّام في عديد الصفحات والمواقع والمنصات العربيّة والصينيّة والتي أبرزت حيثيات وتفاصيل اللقاء الذي كان منتظرا من مدّة، حتى المكان الذي انعقد فيه اللقاء كانت له دلالاته ورمزياته.
المكان نفسه شهد لقاء على مستوى القمّة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الصيني شي جين بينغ، وبغض الطرف على الملفات التي تمّ طرحها على طاولة النقاش والتي تركزت حول ملف الحرب في أوكرانيا ومحاولة فرنسا استعطاف الصين من أجل لعب دور فاعل كقوة حيويّة في المنطقة، إلاّ أن مخرجات اللقاء بحسب متابعين تمّ اختصارها في صورة المائدة المستديرة الكبيرة التي أعدها شي لنظيره الفرنسي والتي لم تكن الأولى بحيث شهد اللقاء الذي جمع سابقا بوتين وماكرون في العاصمة موسكو نفس المشهد تقريبا.
طاولة في بيكين وأخرى في موسكو بالحجم الكبير، لا تعبّر فحسب على البعد الجغرافي بين حليفة أمريكا ونظيرتيها الشرقيتين، بل تعبّر كذلك على التباعد الفكري والجفاء الذي يخيّم بسوداويّة على رؤى الطرفين لمختلف الأحداث والتطورات بالعالم.
ربما هي إهانة أخرى لماكرون الذي أصبح أضحوكة العالم بعد سلسلة الصفعات التي تلقاها حتى داخل الدول الإفريقيّة في صورة الكونغو خلال الزيارة التي تمت من حوالي شهر، والتي أسقطت شعبيّة الرئيس الفرنسي وربما وراءه فرنسا التي انتكس علمها من مدّة وتراجعت سياستها الخارجيّة بشكل لافت في عهد ماكرون الذي ربما سيخرج من الباب الضيق وسيترك وراءه دولته التي ستفقد لا محالة مراكز هامة أمام منافساتها في أوروبا التي تتوجه نحو التفكك الجزئي بكل مؤسساتها على خلفيّة الأزمات المتلاحقة التي يشهدها العالم والتي مسّت في الصميم دول القارة العجوز بشكل متفاوت لكن ربما كان لفرنسا حصة الأسد .
اللقاءات التي تجمع بين أقطاب الغرب ونظرائهم من الشرق ربما ستكون بشكل ماراثوني في قابل الأيّام، ولا نعتقد بأنّ ثمة بشائر في الأفاق حول صيغ تفاهم وأرضيات وفاق، مقابل ذلك ربما ستشهد العلاقات الدولية مزيدا من التحالفات الجديدة بين دول ومجموعات كانت في حالة قطيعة بالأمس القريب، فرقعة الشطرنج الجديدة نقلات بيادقها ستحركها مقتضيات ترتيبات ما بعد كوفيد وحرب أوكرانيا .