النخبوية والشعبوية والفوضوية والنهبوية
كاظم فنجان الحمامي
هذه مصطلحات لمراحل مرت بنا، وتعايشنا معها، وربما كانت مفروضة علينا منذ منتصف القرن الماضي. .
سنبدأ بتعريف النخبوية ومن ثم الشعبوية، ومن بعدها الفوضوية، أما النهبوية فهو اصطلاح سمعته اليوم من الدكتور (صاد) جزاه الله خيراً، وهو صاحب الفضل في ابتكاره، وأرى انه ينطبق على ما نحن عليه من أزمات مالية ومصرفية، وسنأتي على ذكره في نهاية المطاف. .
فالنخبوية تتمثل بمجموعة من الأشخاص المسيطرين الذين لهم التأثير الاقوى في كل مجال من مجالات الحياة، لكنها تتمحور بالقوى السياسية المسيطرة بشكل كبير على الوزارات والهيئات، وليس من السهل التسلق والقفز الى مواقعهم المتعالية. .
اما الشعبوية فهي ليست نظاماً سياسياً محدداً بل يمكن اعتبارها ضرباً من ضروب السياسة، يسعى إلى تمثيل الناس العاديين الذين يشعرون بأن النخبة أهملتهم وتجاهلتهم. وبالتالي هي عبارة عن حراك سياسي يتحدث باسم الجماهير ضد النخبة الحاكمة. .
اما الفوضوية فهي صورة عبثية لقوانين بلا تطبيق، وجرائم بلا عقاب، وحكومة ضعيفة لا حول لها ولا قوة، وممتلكات مستباحة، وأمن مفقود، لا دستور ولا عدالة ولا نهضة ولا خدمات. .
ولقد تعايشنا مع كوابيس هذه المراحل الثلاث منذ عقود، وهي التي اوصلتنا إلى مرحلة النهبوية، ففي كل عام يُتحفنا ديوان الرقابة المالية بقضايا يشيب لها الولدان، آخذين بعين الاعتبار أن تقارير الديوان ما هي إلا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، ثم جاءت المحاصصة لتمنح النهبوية بعداً سياسيا مدعوماً، فكانت ظاهرة استغلال المناصب من أبرز الانتهاكات الادارية الملموسة، وما تمخض عنها من نهب للمال العام، وتهرب ضريبي ورشوة ومحسوبية، وعقود مشبوهة، وتعسف وظيفي، واحتكار صريح للمناصب العليا. فالنهبوية كارثة مدمرة عصفت باقتصادنا الوطني، واستنزفت مواردنا المالية في ظلّ غيابٍ كلّي للحوكمة الرشيدة. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين. . .