الموضة بين جدلية التقويض وفضاءات الأداء
الموضة بين جدلية التقويض وفضاءات الأداء
يشكّل كتاب “الموضة بين جدلية التقويض وفضاءات الأداء” لمؤلفته آلاء
السعدي، دراسة سوسيو-ثقافية في الموضة بجميع تشكّلاتها في المجتمعات الحديثة
(الزّي، والغناء، والأكل، والبناء، والتسريحة، والسيارات وغيرها)، وكل ما يمتّ
إلى موضوع الموضة بِصِلة، وقد تمّ التركيز من خلاله على تشكّلات الموضة في
الثقافة العراقية، ولا سيما تلك التي أخذت حيّزاً كبيراً في التداول الاستعمالي
والاستهلاكي اليومي، وعبر مقاربات متعددة تم عبرها تسليط الضوء على المنحى
الذي سارت به الموضة منذ ستينيات القرن المنصرم، وصولاً إلى العصر الحاضر.
عرّفت الكاتبة آلاء السعدي عملها بمقدمة ومما جاء فيها: “… إنّ الموضة بجميع
تنوّعاتها، هي جزء من ثقافة تواصلية تتغيّر بفعل التغيّرات الطارئة على الظرف
العام للجمهور، من حيث أنها تعكس صورة لثقافة جديدة من جهة، والكشف عن
أسلوب جمالي حديث من جهة أخرى. وبما أن فروع وأشكال الموضة لم تكُ
بالحسبان، بعد أن كانت من أبرز المجالات التي ظهر عليها التحوّل من مرحلة
العقل والحداثة إلى مرحلة تجاوز العقل وما بعد الحداثة، فقد أصبحت محل شيوع
وانتشار وتقليد في العمارة والفنون التشكيلية والأزياء والأدب. كذلك هي إحدى
مكوّنات الثقافة في أي مجتمع وتتأثر بأي تغيّر يحدث فيه، فالأزياء تركيبة معقّدة من
الهوية الذاتية والتأثير الاجتماعي، والأنموذج الثقافي والصناعة التجارية، ومصمّمُ
الأزياء ليس شخصاً منغلقاً على نفسه، أو منعزلاً عن هذا العالم؛ بل هو فرد من
أفراد المجتمع يتأثر بكل التغيّرات الحاصلة في المجتمع، لكن يجب ملاحظة أن هذه
التغيّرات لم تَعُدْ محصورة في المجتمع الصغير الذي نعيش فيه، فالمجتمع اليوم هو
قرية كونية، فما يحدث في الغرب يؤثّر على الشرق، مما جعلها تحظى بقبول متزايد
وتأثير عالمي”.
في ضوء ما سبق، انقسم هذا الكتاب إلى فصول عدّة، ويضمُّ كل فصل ثلاثة
محاور أو ما يزيد، ويسبقها تمهيد تُلخّص فيه المؤلفة رؤيتها لبعض المصطلحات
المُوَظَّفة في هذا العمل البحثي، لتتّجه الفصول الأخرى إلى البحث عن دور الجسد
وسلطة المصمّم والمستهلك وثقافة الاستهلاك ووسائل نشر الموضة، ثم ينداح البحث
للتركيز على التمسرحات الثقافية للموضة ومكملات الأزياء، ليقف عند جدلية
التمظهر الاجتماعي ورصد أهم الظواهر وما أُشيع وانتشر منها بوصفها ثقافة
موضوية معاصرة في العراق، وأخيراً ينتقل البحث بالقارئ إلى الحياة اليومية
وتمسرحاتها الموضوية…