المقاومة: الدولة المستقلة.. ورسالة لنتنياهو
الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري
تتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر التاسع على التوالي، وسط تعثر في التوصل لاتفاق مع حركة حماس يفضي إلى وقف للنار، فيما يتصاعد الغضب من نتنياهو داخل إسرائيل، لفشله في التوصل إلى اتفاق يطلق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين أخذتهم حماس إلى داخل القطاع منذ السابع من أكتوبر، لاسيما من قبل أسر وعائلات هؤلاء المحتجزين.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين، بالمقابل تعرقلت جهود التوصل إلى الصفقة الأخيرة بعد رفض إسرائيل لها بدعوى أنها لا تلبي شروطها، مما لا شكك فيه، إن نتنياهو يريد حرباً بلا نهاية، وذلك لضمان بقائه على كرسي رئاسة الوزراء لأطول فترة ممكنة، من أجل عدم الإطاحة به من رئاسة الليكود، أو محاكمته وسجنه في حال انتهت الحرب.
ولعل من الضروري في هذا الصدد الإشارة إلي أن هذه الحرب تجاوزت قطاع غزة وغيرها من المدن الفلسطينية وأصبح عنوانها البارز هو الحرب من أجل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ومستقبل الشعب الفلسطيني والوصول الى المسجد المبارك، كما أن هذه الحرب ستجبر نتنياهو على إعادة كتابة التاريخ من جديد وخاصة بعد مقتل أكثر من ثمانية من جنوده في رفح.
صحيح أن المجازر التي ترتكبها إسرائيل ستحفر عميقاً في ذاكرة الشعب الفلسطيني، لكن مناظر المجازر كفيلة بإخراج جيل فلسطيني ليقاتل العدو بكل شراسة ممكنة، لا ليستعيد حقه وأرضه المغتصبة فقط، بل لينتقم شر انتقام من قتلة لم يعهد التاريخ أمثالهم منذ محارق النازية المزعومة.
ولذلك، ومهما نجح العدو في قتل المقاومين وتدمير أسلحتهم، فإنه لن ينجح في قتل عزيمة الفلسطينيين، وستجد المقاومة مقابل كل مقاتل يُستشهد منها آلافاً من المتطوعين مكانه، بما يجعل الصراع ممتداً ومستمراً، ويرفع من عزائم وقدرات المقاومة بكافة أشكالها.
الملفت هنا إن ما يحدث حالياً في إسرائيل يشير إلى أن حزب الليكود وصل لنهاية دوره، إلا أن الشعبية الهائلة والاستثنائية التي كان يتمتع بها نتنياهو من قبل شعبه أصبحت من الماضي، بالمقابل ترتكب إسرائيل وأمريكا مقامرة خطيرة في غزة، حيث أن تدخلهما لا يحظى بأي شعبية في العالم، بذلك تفقد إسرائيل وأمريكا تدريجياً أهم عوامل القوة التي تتحصنان بها، ليضاف كابوس جديد يقض مضجع تل أبيب والبيت الأبيض وزعمائهما السياسيين، وهو إستمرار المقاومة بتحقيق الانتصارات على جميع المستويات والجبهات.
وفي مسلسل تساقط منظومة الجيش الإسرائيلي بدء استقالات قادة في مؤسسة “جيش” الاحتلال، تطفو على السطح تباينات وخلافات أكثر حدة، مع انعدام الثقة بين الأطراف كافة في “إسرائيل”، وهو ما يعزز وجود طبقة قيادية عسكرية كاملة ستستقيل بسبب عملية طوفان الأقصى، وهو أمر سيترك فراغاً كبيراً في هذه المؤسسة.
بالتالي إن المؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن إسرائيل العدوانية ومن ورائها على عتبة النهايات، لذلك من المأمول آن تدرك تل أبيب حجم مغامرتها اليائسة في غزة ورفح، وتبادر الى مراجعة حساباتها، ومن هنا يبدو أن النهاية السياسية لمشوار نتنياهو آتية لا محال، فهو كـ “الرجل الميت” الذي ينتظر مصير الإعدام .
مجملاً…..إن ما يجري في غزة اليوم من إنتصارات لا يحدد خارطة مستقبل المنطقة فحسب، بل يحدد مصير الإرهاب الإسرائيلي الذي يلفظ أخر أنفاسه ، وهذه هي صرخته الأخيرة، صرخة الموت، وهنا نقول أن غزة على موعد مع النصر ولا يفصلها سوى خطوات قليلة من زمن اللحظة التاريخية التي ستضع حداً لرهانات أمريكا وذيولها في المنطقة وانكسار تدريجي لمنظومة الحرب على غزة .