المسؤولية الإدارية

 
محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
هل يعي الإنسان معنى أن يتحمل مسؤولية الإدارة في المؤسسات العامة والخاصة والمشتركة ؟ هل يدرك الإنسان أنه بمجرد قبوله تحمل المسؤولية الإدارية يصبح مسؤولاً عن المؤسسة ونجاحها وفشلها وأي تقصير أو انحراف معياري في أداء أي فرد من أفرادها . تهتم علوم الإدارة الحديثة المتنوعة في خلق المدير المسؤول بعيد النظر الذي يستطيع أن يرسم السياسات العامة للمؤسسات ويستشرف فرص النجاح ويتوسم في الطاقم الإداري والفني أمارات الذكاء وتحمل المسؤولية والعمل بروح الفريق .
لنتخيل أنفسنا مدراء لشركة تجارية أو صناعية محدودة المسؤولية . لنتخيل حجم الضغوط التي نتعرض لها داخليا وخارجيا شاقوليا وأفقيا ورغم الصعوبات الكثيرة علينا أن نقود الشركة نحو النجاح والتكيف وتحقيق الأرباح وتطبيق أنظمة الإيزو المعمول بها . كيف يمكننا أن نستخدم خبراتنا العقلية والوظيفية ومهاراتنا في سبيل تحقيق النجاح .
تتحمل إدارة الشركة سلسلة من المسؤوليات الكثيرة تبدأ بضمان عمل الشركة وفق القوانين والأنظمة المرعية في الدولة وبما ينسجم والتوجهات العامة للدولة . وتتجسد المسؤوليات في تطبيق القوانين ذات الصلة من الناحية الإدارية والمالية والقانونية وتنفيذ الالتزامات القانونية المختلفة تجاه عمالها وتجاه المتعاقدين وتجاه الغير . وقد تأخذ الإدارة أشكالا مختلفة في المؤسسات مثل المدير العام أو مجلس الإدارة أو كليهما معا وفق صلاحيات يرسمها القانون وينظمها التشريع المالي والقانوني .
وفي كل الظروف العادية والطارئة ، يجب أن تعبر الإدارة لفظا وفعلا عن التزامها بمصالح الإدارة والدولة ويجب أن تظهر الولاء المطلق للمؤسسة التي يعمل بها أو يديرها وعليه أن يعمل على تنمية المهارات والاجتهاد لدى العاملين لديه . ويتوقع دائما من المدير التصرف بحسن النية لتعزيز فرص نجاح الشركة أو المؤسسة . وكلما كان النظام القانوني والإداري والاقتصادي قويا كانت الإدارة قوية ، وهذا المفهوم يتفاوت من بلد إلى آخر . في الدول الراقية ، الإدارة قوية جدا وتطبق معايير الجودة الشاملة وأنظمة الإيزو وكافة المعايير المطبقة في عمليات الإنتاج وخدمة الزبائن وفي بلدان أخرى نجد أن هذه الثقافة أضعف وأكثر هشاشة وظروف الحياة الاقتصادية والسياسية هي من يصنع النظام الإداري القائم . ويدخل الصراع الثقافي والقبلي في صراع المصالح الإدارية وصناعتها ويجعلها أقل عرضة للمسائلة الإدارية والقانونية نظرا لأنها محمية من قبل السلطات الثقافية والقبلية. هذا السلوك يجعل الإدارات ضعيفة البنيان ولا تتحمل المسؤولية ونادرا ما تنجح في إدارة المشاريع التي تنفذها وتسويق المنتجات التي تطرحها في الأسواق. الإدارة الناجحة هي تلك التي تتبع قواعد النظام وتتخذ القرارات الإدارية التي تحقق مصلحة الإدارة ولا تهتم بمصالح الأفراد وتتسم بالشفافية والمكاشفة وتعلن للمساهمين فيها كافة الإجراءات المتبعة والمسموح والممنوع في السياسة العامة للمؤسسة .
المدير العام و مجلس إدارة المؤسسة هما المسؤولان في المرتبة الأولى عن:
• تحديد الأهداف والسياسات الإستراتيجية للمؤسسة
• رصد التقدم المحقق نحو تحقيق الأهداف والسياسات
• تعيين الإدارة العليا
• المحاسبة عن أنشطة المؤسسة أمام أصحابها أو المساهمين.
وعندما يكون في الشركة مدير تنفيذي عليه يتوافق مع الإستراتيجية الشاملة للمؤسسة و يقدم تقارير إلى المدير العام أو مجلس الإدارة.
يتم تعيين أول مديرين للمؤسسة عند تسجيلها للمرة الأولى . أما التعيينات التالية فتخضع للمواد القانونية لعقد التأسيس أو اتفاقيات المساهمين في المؤسسة .
وعند تعيين المدير الجديد ، يسأل عن معلومات شخصية محددة للتسجيل ، ويزودون في العادة بمعلومات وافية عن أهمية العقود التي تقوم بها الشركة والمساهمين ورغبات واهتمامات المساهمين .
وعلى المدراء الجدد أن يكيفوا أنفسهم مع مذكرات المؤسسة والطريقة التي تعمل بها والقوانين والأنظمة وقوانين الشركات والعقود الهندسية الدولية والشروط التجارية الدولية ذات الصلة وطريقة كتابة المذكرات القانونية والأنظمة والمعلومات الهندسية للشركة وكل ما يسهل عمله ويفيده في انجاز المطلوب بسرعة واحتراف . ويعد المدير العام ومجلس الإدارة والمدير التنفيذي مسؤولا عن العمل في الإطار القانوني للمؤسسة وعليه أن يعلم القيود والواجبات والمحظورات في عمل المؤسسة.
يمكن للمدراء أن يعملوا جماعات أو فرادى لتحقيق أهداف المؤسسة ويمكن في حالات محددة تفويض الصلاحيات .
ويجب أن يكون المدراء على دراية بأنهم يخضعون شخصيًا لواجبات قانونية بصفتهم مديرين للمؤسسة وهم في ذات الوقت الذي يتمتعون فيه بسلطات واسعة عرضة للمساءلة القانونية . بالإضافة إلى ذلك ، تخضع المؤسسة ككيان قانوني منفصل ومستقل للضوابط القانونية والمديرين مسؤولون عن ضمان امتثال المؤسسة لهذه الضوابط .
وفي سورية على سبيل المثال ، يحدد قانون الشركات الصادر عام 2011 واجبات إدارة و مهام المدير والمحظورات في المواد 67- 70 كما يلي :
إدارة الشركة..
1-يتولى إدارة الشركة مدير أو أكثر من الشركاء أو الغير على ألا يتعدى عدد المديرين الخمسة.
2-ويجوز في الشركة التي يزيد عدد الشركاء فيها على خمسة وعشرين أن يكون لها حتى سبعة مديرين.
3- يشترط في المدير أن يكون بالغا السن القانونية متمتعا بحقوقه المدنية وإلا يكون من العاملين في الدولة أو محكوما عليه بأي عقوبة جنائية أو في جريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة ويتم إثبات توافر هذه الشروط بموجب تصريح موقع من قبل كل مدير وسجل عدلي مصدق أصولا.
4-يعين النظام الأساسي طريقة تحديد تعويضات المديرين ويجوز أن يترك للهيئة العامة تحديدها.
5-يجوز أن ينص النظام الأساسي للشركة على تشكيل مجلس للمديرين
يرأسه رئيس ينتخبه المديرون من بينهم وفي هذه الحالة تطبق الأحكام المتعلقة بمجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة لناحية النصاب وشغور مركز احد أعضاء المجلس واتخاذ القرارات وصلاحيات تمثيل الشركة ومسؤوليتهم على مجلس مديري الشركة ورئيسه.
6-لا يجوز أن يتعدى عدد أعضاء مجلس المديرين العدد المحدد لمديري الشركة.
7-تستعمل عبارة مدير في هذا الباب لصيغة الجمع ولمجلس المديرين.
8-لا يحق للمدير إحالة أي من صلاحياته المفوض بها من الهيئة العامة للغير إلا بموافقة هذه الهيئة.
9-يحدد النظام الأساسي مدة ولاية المدير ولا يجوز أن تتجاوز أربع سنوات وهي قابلة للتجديد.
10-لمدير الشركة كافة الصلاحيات اللازمة لإدارة الشركة ما لم يتم تحديدها في النظام الأساسي وتعتبر القيود الواردة في السجل التجاري سارية بحق الغير إذا تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن الشركة إلى رقم سجلها.
11-يجوز عزل المدير بأغلبية أصوات الهيئة العامة للشركة أو بقرار قضائي إذا ما وجدت أسباب تبرر ذلك .
12-إذا تولى إدارة الشركة مدير واحد و شغر مركزه لأي سبب كان جاز لكل شريك مطالبة الوزارة بتوجيه الدعوة لعقد هيئة عامة لانتخاب مدير جديد للشركة.
المادة/68/
واجبات المدير..
1-يجب على المدير أن يتقيد بتوجيهات الهيئة العامة وألا يخالف قراراتها.
2-يجب على المدير أن يعد خلال الشهور الخمسة الأولى من كل سنة مالية..
أ-تقريرا عن أعمال الشركة في سنتها المنصرمة وخطة العمل المستقبلية.
ب-الميزانية السنوية العامة للشركة وحساباتها الختامية وحساب الأرباح والخسائر والتدفقات النقدية عن السنة المنصرمة مصدقة جميعها من مدقق حسابات الشركة.
3-على المدير الحصول على موافقة الهيئة العامة للشركة للقيام بأي عمل أو تصرف يخرج عن الصلاحيات الممنوحة له بموجب النظام الأساسي للشركة.
4- يحظر على المدير أن يفشي إلى الغير أي معلومات أو بيانات تتعلق بالشركة وتعتبر ذات طبيعة سرية بالنسبة لها وكان قد حصل عليها بحكم منصبه في الشركة أو قيامه بأي عمل لها أو فيها وذلك تحت طائلة العزل والمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشركة ويستثنى من ذلك المعلومات التي سبق نشرها من جهة أخرى أو تلك التي تجيز القوانين أو الأنظمة نشرها .
المادة/69/
مسؤولية المديرين..
1-المديرون مسؤولون بالتضامن تجاه الوزارة والشركة والشركاء والغير عن مخالفاتهم لأحكام القوانين أو لنظام الشركة الأساسي أو لقرارات الهيئات العامة ويكون المديرون مسؤولين بالتضامن تجاه الشركة والشركاء عن أخطائهم في إدارة الشركة ويحق لأي مدير الرجوع على باقي المديرين المسؤولين عندما يثبت هذا المدير اعتراضه خطيا في محضر الاجتماع على القرار الذي تضمن المخالفة او الخطأ.
2-ويجب على المدير لدفع هذه المسؤولية إقامة الدليل على انه اعتنى بإدارة أعمال الشركة اعتناء الوكيل المأجور.
3-تسقط دعوى المسؤولية بالتقادم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد الهيئة العامة التي أدى فيها المدير حسابا عن إدارته ما لم تكن تلك المسؤولية ناتجة عن عمل أو امتناع عن عمل متعمد أو متعلقة بأمور أخفاها المدير عن الشركاء وفي حال كان الفعل المنسوب للمدير جرما فلا تسقط دعوى المسؤولية إلا لأحكام القواعد العامة .
المادة/70/
المحظورات..
1-لا يجوز للمدير دون موافقة الهيئة العامة للشركة أن يتولى الإدارة في شركة أخرى منافسة أو ذات أغراض مماثلة أو أن يقوم لحسابه أو لحساب الغير بعمليات في تجارة مماثلة أو منافسة لأغراض الشركة.
2-لا يجوز أن يكون لمدير الشركة مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود والمشاريع التي تعقد مع الشركة أو لحسابها إلا إذا كان ذلك بموجب ترخيص تمنحه الهيئة العامة ويجب تجديد هذا الترخيص في كل سنة.
3-لا يجوز للمدير أن يحصل من الشركة على قروض أو كفالات لصالحهم أو لصالح أقربائهم حتى الدرجة الرابعة بما فيها هذه الدرجة.
وفي المملكة المتحدة ، يحدد قانون الشركات لعام 2006 سبعة واجبات عامة للمديرين وهي:
• التصرف ضمن الصلاحيات وفقًا لقانون المؤسسة واستخدام تلك الصلاحيات فقط للأغراض التي منحت لها.
• تعزيز نجاح المؤسسة لما يحقق صالح أعضائها.
• اتخاذ القرار المستقل.
• العمل باهتمام عقلاني ومهارة واجتهاد.
• تجنب تضارب المصالح
• عدم قبول رشاوى أو فوائد من أطراف ثالثة
• للإعلان عن مصلحة إدارة المؤسسة في صفقات أو ترتيبات مقترحة
يتم تفسير هذه الواجبات القانونية في المملكة المتحدة وفقًا للسوابق القضائية السابقة والتي لا تزال ذات صلة.
بالإضافة إلى المهام العامة السبعة المذكورة أعلاه ، يخضع المدير للوائح والتشريعات الأخرى بما في ذلك قانون الإعسار لعام 1986 ، وقانون إخلاء المسؤولية لمديري المؤسسات لعام 1986 ، وقانون الصحة والسلامة المهنية في العمل لعام 1974 ، وقانون جرائم القتل العمد للشركات والقتل الجماعي 2007.
قد يكون أعضاء مجلس الإدارة عرضة للعقوبات إذا فشلت الشركة في أداء واجباتها القانونية. وإذا كان هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص المختص مثل مدير آخر أو طرف ثالث قد تم تكليفه بمهمة التأكد من الامتثال للأحكام القانونية فيجوز استخدامهم كدفاع عن القضية . وفي بعض الدول ومنها سورية ، عندما يتخذ المدير العام قرارا بناء على معلومات اختصاصية فنية أو قانونية أو مالية معللة تكون مسؤولية المدري العام بالحد الأدنى .
هناك مسؤولية أخرى لأعضاء مجلس الإدارة وهي التأكد من أن المؤسسة تحتفظ بسجلات محاسبية كاملة ودقيقة . و يجب تقديم ميزانية ختامية وحساب ربح وخسارة لكل فترة مالية إلى المساهمين وتقديمها إلى مسجل الشركات أو الجهات الوصائية والرقابية المختلفة .
يتحمل المدراء مسؤولية شخصية مدنية وجنائية عن تصرفاتهم أو سهوهم عند توجيه المؤسسة . ويمكن أيضًا استبعادهم من العمل كمدير للشركة ويمكن في بعض الحالات أن يكونوا مسؤولين شخصياً عن ديون الشركة .
كما يتعين عليهم التأكد من الالتزام بالصحة والسلامة المهنية وأنظمة البيئة والإطفاء في العمل وعليهم التأكد من التقيد الصارم بقوانين السلامة المهنية حفاظا على ممتلكات العمل وأرواح العاملين وعليهم توجيه العقوبات المسلكية الصارمة لمن يخالف هذه التعليمات حتى لو لم تتضرر المؤسسة من سلوكهم .
يمكن للمدراء أن يطلبوا من الآخرين انجاز الأعمال المختلفة ولكن ذلك لا يعفيهم من مسؤوليتهم القانونية في حال الخطأ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى