المحلل الخزناجي نواري يجب على الجزائر تنويع اقتصادها و العالم يعيش أزمة الإختناق الطاقوي

حاوره محفوظ . شخمان

فرنسا

في حوار حصري مع المحلل ” الخزناجي نواري “ومدير مجلة أجانب في فرنسا.. يجب على الجزائر تنويع اقتصادها و العالم يعيش أزمة الإختناق الطاقوي

ان الدولة الجزائرية تنتهج سياسة الاقتصادية تهدف الى الاستقلالية من البترول وذلك بتحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المجالات الغذائية والصناعية وهذا ما نلاحظه من خلال منع استراد كثير من المواد لتشجيع الصناعات المحلية و الانتاج الغذائي المحلي ولكن هذه الرهنات لتحقيقها يجب اقحام الجامعة لتحقيق هذه الغاية لنقل التكنولوجيا من الدول المتطورة الراءدة في هذا المجال الى الجزائر وهذا مالا نلاحظه في الوقت الحالي فان البحوث الجامعية مزالت بعيدة عن القطاع الصناعي والغذائي، هل ستتغير منهاج الجامعة بمواكبة قطار التنمية المنتهجة من طرف الدولة الجزائرية؟

لم تنفرد الجزائر وحدها بانتهاج سياسة التقليل من تبعية إقتصادها الوطني للمداخيل الناتجة عن تصدير المحروقات بل هناك دول منتجة أخرى بادرت هي الأخرى و حققت تقدما ملحوظا في هذا المجال و نذكر على سبيل المثال الإمارات العربية المتحدة التي و على الرغم من الثروة النفطية التي تمتلكها أبوضبي إلا أنها أدركت متقدمة أن لا مستقبل لأي إقتصاد يعتمد على النفط كمحرك أساسي لاقتصادها, من جهتها المملكة العربية السعودية حددت سنة 2030 كآخر أجل لها لتحقيق اقتصاد متنوع لا تكون فيه صادرات المحروقات ممولا وحيدا لميزانية الدولة, كما أن الدول المستهلكة للطاقة أيقنت هي الأخرى أن الإنتقال نحو الطاقات المتجددة النظيفة أصبح اليوم في ضل أزمة الإختناق الطاقوي حتمية لا مفر منها, و لهذا فإن العالم اليوم يشهد لأول مرة اتفاق المنتج و المستهلك على ضرورة العبور إلى العصر الكهربائي حيث يتقلص شيئا فشيئا انتاج المحرك الحراري التي أعلنت دول أوروبية عديدة تخليها عنه تمهيدا للبدأ بالعمل في المستقبل القريب بالمحرك الكهربائي ثم بعده الإلكتروني.

الجزائر و منذ وصول الرئيس تبون لسدة الحكم تغير مسار إتصادها الوطني 180 درجة ليتحول شيئا فشيئا بعيدا عن سياسة “البازار” نحو تشجيع توطين الصناعات بما فيها العسكرية كما أشار إليه رئيس أركان الجيش الفريق الأول شنقريحة, و هو ما سيسمح للجزائر برفع صادراتها من الإنتاج الوطني خارج المحروقات و بالتالي مزاحمة صادرات المحروقات في الأرقام التي تنفرد بتحقيقها لفائدة الخزينة العمومية كخطوة أولى أملا في الوصول إلى إقتصاد متنوع, يحقق خاصة الإكتفاء الذاتي غذائيا في زمن أصبح فيه هذا المصطلح يستعمل كسلاح في حرب إخضاع الشعوب و الحكومات.

اليوم و مع هذا الإستعداد الكامل لتحقيق القفزة الإقتصادية تبقى للأسف الجامعة الجزائرية بعيدا نوعا ما في المساهمة في صناعة هذا التحول, فعلى الرغم من الكفاءات التي تزخر بها مؤسساتنا التعليمية إلا أنها لا تساهم في صياغة قوانين جديدة و تسطير خطط متقدمة تسمح للجزائر بالتأقلم مع كل هذه التطورات الدولية التي تقود نحو نظام دولي جديد لا مكان فيها سوى للأذكى حيث لم تعد القوة هي معيار النفوذ و السيطرة و الإحتكار.

الجامعة الجزائرية اليوم مطالبة بأن تكتسب لنفسها مزيدا من المرونة حتى تكوّن حسب ما يطلبه السوق و أن تتوقف عن تمويل قوائم العاطلين عن العمل بمزيد من المتخرجين الذين لا تستجيب عدد كبير من الشهادات التي يحملونها لاحتياجات عالم المال و الأعمال. هل ستخصص الدولة الجزائرية ميزانية من اجل الاستعانة من كفاءات علماء الخارج وذلك من خلال مشاركتهم في التدريس في الجامعة و البحوث العلمية كما تعمل الدول المتطورة وكما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا بعد الحرب العالمية الثانية بالاسغلال علماء الالمان وعم الاكتفاء بالكفاءات المحلية؟

الاستعانة بكفاءات الخارج ليست مرتبطة بحجم الأموال و إنما بالإمكانيات التي ستتاح لهم لأجل تجسيد أفكاره, و لهذا فإن علماء الخارج بإمكانهم خدمة البلاد أكثر و هم خارج الوطن, لسبب واضح و هو أن الجزائر لا تتوفر حاليا على البنية التحتية و لا عن الجو المناسب للإبداع, بالإضافة إلى غياب أي ربط أو تواصل بين الجامعة و المؤسسات الإقتصادية و السياسية للبلاد. ماهي السياسة المسطرة من طرف الدولة من اجل توزيع التنمية في جميع انحاء الوطن وخاصتا الجنوب والهضاب حيث اننا نلاحظ انه لاتزال وتيرة التطور لم تصل الى مستوها المرجوا في هذه المناطق ؟ التوزيع العادل للتنمية هي شعارات دأبت على إطلاقها حكومات عديدة منذ الإستقلال, غير أن التنفيذ شابه الكثير من التقصير و الإهمال, و بسبب هذه الأخطاء في تجسيد الشعارات تشهد الجزائر منذ عشرات السنين نزوحا من الجنوب و المناطق الداخلية المضلومة تنمويا إلى مدن الشمال و المناطق الساحلية التي تتمتع برعاية تفضيلية, و لهذا فإن التوزيع العادل للبرامج التنموية هو وحده الكفيل بتغيير مسار النزوح حتى يكون توزيع سكان البلاد أكثر توازنا و بالتالي يخف الضغط على المدن الكبرى و هذا لن يتأتى إلا من خلال تسطير خطط لها أهداف قصيرة, متوسطة و بعيدة المدى و على أصعدة متعددة إلى جانب التنمية, كتوسيع صلاحيات الولاة لتقليص المركزية و إستحداث دور الخدمات العمومية التي تقرب الإدارة من المواطن و غيرها..

كما يجب على المؤسسات الحكومية التي تعجز عن توفير خدماتها العمومية في المناطق المعزولة أن تفوض الكثير من مهامها لشركاء محليين, كمنح أصحاب بعض المحلات كالمكتبات مثلا صلاحية توفير بعض الخدمات التي من المفروض أن توفرها مراكز البريد.

إن التوزيع العادل للتنمية ليس مرتبط أساسا بالميزانية وحدها, بل أيضا من خلال تحرير المبادرات من خلال إطلاق مشاريع تشترك فيها الدولة و الخواص في إنجازها و تسييرها, و الأهم من كل هذا و ذاك هو ضرورة أن لا تحتكر الحكومة تنفيذ برامج التنمية المحلية و أن تقبل بمبدأ التفويض.

محفوظ . شخمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى