المتهكمون البواسل!!

د. صادق السامرائي
تهكم: صوت المستهزئ

الغريب في أمرنا أن العديد من النخب الثقافية ذات موقف تهكمي وعدواني على الطاقات المعرفية بأنواعها، ولا تجد عندها القدرة على التفاعل الإيجابي معها، وتصر على أن الزمن خالي من الأفكار والثقافة، وأنها لوحدها تحتكر كل شيئ، وكأن الزمن توقف عندها وإنحصر في جيلها الذي تحسبه الوهج الوهاج، والزمن الساطع بكل شيئ.

وهذا تعبير عن نرجسية مرضية، وتعالي وإنحطاط وهوان، وعدم القدرة على مد الأجيال بالقدوة المعرفية، والمشاركة في إستثمار الطاقات وتأهيلها، كما يحصل في مجتمعات الدنيا، فمن عجائبنا، أن الواحد منا يرى ما حوله بعين التصاغر والإهمال، كأنه الواقف على جبل فيرى الناس صغارا ويرونه أصغر وأوهن مما يتوهم.

ومن المعيب أن تتنصل النخب عن مسؤوليتها وتتمسك بنظرتها الإزدرائية للأجيال المتوافدة إلى نهر الحياة وسوح إبداعها المعرفي، فمن واجبها أن تأخذ بيدها وترعاها وتنمي طاقاتها، وتصنع منها كينونات مضيئة، ذات قدرة تنويرية على صناعة الحياة الأفضل.

وكثيرا ما تتوارد رؤاهم وتصوراتهم وطروحاتهم التهكمية المتعالية، الخالية من المنفعة والبعيدة عن السلوك الإبداعي التفاعلي الطيب الرحيم، فما يريدونه أن تقدسهم الأجيال المعاصرة وتتمسك بمنطلقاتهم، وكأن الحياة توقفت عندهم.

ويشتركون بأنهم ينثرون المصطلحات السلبية ومنها ” التصحر الفكري”، الجدب الثقافي”، ” الخواء الشعري”، “الزمن الهزيل”.

فهل أن الحياة مستنقع راكد؟

لماذا لا يجيدون السباحة في نهر الوجود الإنساني الدافق، ويعبرون عن مواكبتهم لمسيرة الأجيال؟

إنها حالة تستدعي الوقوف عندها بجد وإفتكار، فالأجيال تتساند لا تتماحق، كما يتوهمون بأنهم سيمحقون عطاءات ما بعدهم من الأجيال بإقتراباتهم السلبية وطروحاتهم السوداوية.

إن الحياة وفقا لقوانينها الكونية مستمرة وتعبر عن نفسها، ولا تعوقها مصدات اليائسين البائسين.

والأجيال ستورق وتنطلق في مشوار إبداعي معاصر أصيل!!


د. صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى