مجتمع

الكريسماس عبر التاريخ

الكريسماس عبر التاريخ

عضيد جواد الخميسي

ارتبطت عطلة عيد الميلاد (الكريسماس) بعاداتها وتقاليدها لأكثر من ألفي عام، حتى أن بعضها يعود إلى ما قبل العيد المسيحي نفسه؛ ابتداءً من الهدايا المتنوعة إلى موائد الطعام الفاخرة . والتقاليد الموصوفة في هذا المقال هي عامة في جميع البلدان المسيحية الأوروبية حتى نهاية القرون الوسطى .

عيد ساتورناليا
لقد سعت المسيحية المبكرة إلى إبعاد نفسها عن الممارسات الوثنية، لذا أغلق الأباطرة الرومان لاحقاً المواقع المقدّسة القديمة ومنعوا الطقوس، وأنهوا الألعاب الرياضية التي كانت تجلّ الآلهة الوثنية السابقة . مع ذلك، فإن تغيير عادات عامّة الناس كانت مسألة مختلفة.
لقد كان عيد ساتورناليا الوثني له خصوصيته عند الناس، حيث نُقلت تقاليده المتأصلة التي استمرت لألف عام إلى مناسبة الكريسماس الجديد . فهو كان عيداً احتفالياً رومانياً يستمر مدة أسبوع ما بين 17 و23 ديسمبر/ كانون الأول، لتبجيل إله الزراعة ساتورن (زحل) ، ويتزامن ذلك مع الانقلاب الشتوي؛ وهو حدث آخر مهم في التقويم الوثني . وان سبب اعتباره أبهج الأعياد الرومانية يعود إلى دور “ساتورن ـ زحل” كحاكم على العالم الذي كان ينعم بعصر ذهبي من السعادة والرُقي . وقد وصف الشاعر الروماني “كاتولوس” في القرن الأول قبل الميلاد ذلك العيد الذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد؛ بأنه “أجمل الأيام”.
كان الاحتفال بعيد ساتورن يتضمن منح الأصدقاء والعائلة هدايا مثل الشموع والعملات المعدنية والطعام . وكان الناس يرتدون ملابس رسمية،حيث يمارسون الألعاب ويستمتعون بالمناسبة؛ بل وكان هناك حفلات يُجرى فيها تقمّص الأدوار، و تخفيف بعض القيود الاجتماعية . إذ أصبح السلوك الشعبي مثل المقامرة أو الظهور في حالة سُكر في الأماكن العامة أقل استهجاناً، وكل هذا كان قد يبدو مألوف إلى حد ما؛ بيد أن تاريخ يوم العيد قد زحف إلى يوم لاحق من ديسمبر/ كانون الأول بمرور الزمن . وقد كان لزاماً على معبد البارثينون الإغريقي في أثينا أن يضم كنيسة وبرج أجراس بين أعمدته. وهكذا تحول عيد ساتورناليا بطريقة أو بأخرى إلى مناسبة الـ كريسماس .

كريسماس القرون الوسطى
خلال القرون الوسطى عام (500 ـ 1500 ميلادي) ازداد عيد كريسماس قوةً وحضوراً ؛ فقد كان أطول عطلة في السنة، ويستمر اثنا عشر يوماً ابتداءً من عشية ذكرى الميلاد (24 ديسمبر/ كانون الأول) وانتهاءً باليوم الثاني عشر (5 يناير/ كانون الثاني) من السنة الجديدة. وكان الناس في هذه الفترة ينالون قسطاً كبيراً من الراحة، ويرجع ذلك إلى حد كبير للسبات الزراعي في منتصف الشتاء .

كانت الاستعدادات لكريسماس تبدأ من منازل الفقراء والأغنياء على حد سواء. فقد كانت أغصان الأشجار الشتوية المحملّة بأوراقها الخضراء متوفرة، والناس كانوا يجمعونها لتزيين منازلهم بالأكاليل . والكلتيون ( الشعوب الهندو أوربية) كانوا يحبذون ومنذ زمن بعيد أشجار الإليكس واللبلاب والميستلتو، التي ترتبط بالحماية من الأرواح الشريرة والخصوبة حسب اعتقادهم . وكانوا عادة ما يضعون اكليلا مزدوجاً كبيراً من الميستلتو في غرف المعيشة. ويُفسّر ارتباط الخصوبة من خلال تقليد يقوم فيه الزوجان بتقبيل بعضهما البعض تحت ذلك الإكليل، والتقاط حبة من التوت الأبيض مع كل قبلة. ومن الممارسات المهمة الأخرى التي تُتبع في المنزل بهذه المناسبة والمرتبطة بآخر التقاليد الوثنية هو جذع شجرة الـ “يول” . حيث كانوا يضعون هذا الجذع الضخم في موقد النار ليبقى مشتعلاً طوال أيام العيد الاثني عشر .
كان الهدف من الكريسماس هو الاحتفال بميلاد المسيح . وكان الحضور إلى الكنيسة متوقعاً من الجميع؛ بل وفي فترات محددة أصبح الحضور فيها إلزامياً. والكنائس المحلية كانت تبذل جهوداً كبيرة لتقديم خدمات تليق بتلك المناسبة؛ حيث تضاء الشموع، والجدران مذهبّة ولامعة، والكثير من الاستعدادات المخصصة فقط لهذا اليوم . كما تأخذ المجاميع الكورالية بأداء التراتيل والأناشيد إضافة إلى الأداء الدرامي التراجيدي لمَشاهد من قصة ميلاد المسيح . وبمرور الوقت، أصبحت تلك الفصول التمثيلية ترافقها حيوانات حيّة وأزياء للممثلين تعود إلى تلك الحقبة التاريخية .
وفي إشارة إلى هدايا الموگان الثلاثة ( كهنة إيرانيين) من الذهب واللُّبَّان ( مُنتج نباتي يُمضغ ويُستخدم كبخورأحياناً ) والـ مر(مادة صمغية تفرزها أغصان نوع من الأشجار)؛ ذلك عندما زاروا الرضيع يسوع في بيت لحم؛ حيث كان الناس في القرون الوسطى يقدمون الهدايا للأصدقاء وأفراد العائلة.
بالنسبة للأثرياء كانت الملابس والمجوهرات الفاخرة هي القاعدة، أمّا الفقراء؛فقد كان الطعام اللذيذ بكمياته الكبيرة والمتنوّعة هو التقليد المتبع . اذ كانوا ينتظرون وبفارغ الصبر هدية متواضعة مثل؛ رزمة من الحطب أو ألعاب خشبية متواضعة للأولاد ، والدمى للبنات. وكان أيضاً من المحتمل أن يقدم العبيد لأسيادهم مزيداً من الخبز والبيض، وربما حتى دجاجة في الكريسماس . من جانب آخر، فقد كان النبلاء من ملّاك الأراضي يمنحون هدايا لبعض الشغيلة الأحرار والتي هي عبارة عن ملابس أو معونة للشتاء. كما يتم تقديم الهدايا مرة أخرى في الأول من شهر يناير/ كانون الثاني و تُعرف باسم “الهدايا الأولى”. وكان الناس يتبادلون الزيارات المنزلية فيما بينهم في يوم رأس السنة الجديدة. وبالنسبة لهذا التقليد المعروف باسم “الزيارة الأولى”، كان يُفضّل أن يكون الزائر ذكراً ذا شعر داكن ومسطّح القدمين .
في القرون الوسطى كما هو الحال في الوقت الحاضر؛كان الطعام يشغل حيزاً كبيراً في متعة الكريسماس. حيث كان الأثرياء يتنافسون على موائد قصورهم الفخمة، فيقدمون لضيوفهم اللحوم مثل رأس الطاووس المشوي أو البجعة أو الخنزير البري، بالإضافة إلى الأصناف البحرية مثل سمك السلمون والمحّار. كما كانت الحلويات والفاكهة والمكسرّات مكملّة لموائد الاحتفال بالعيد مثل: اللوز والجوز والفستق، والبرتقال والكعك وكاسترد الفاكهة والتين والتمر. أما المشروبات ؛فقد كان هناك النبيذ المحلّى أو المتبّل وعصير التفاح والبيرة. وكانت وليمة الكريسماس الكبرى عبارة عن وجبة غداء متنوعة بتوقيت مبكر؛ حيث يتم تغيير مفرش المائدة بعد كل وجبة . أمّا وسائل الترفيه كانت تشمل الموسيقا وألعاب سيرك وفعاليات للمهرجين ، ومسرحيات يقدمها ممثلون جوّالون . كما أن الاحتفالات تقام في كل مكان، ويمكن أن تخرج عن السيطرة كما ورد في أرشيف الحرّاس الذين كانوا يتقاضون أجوراً لضمان مراقبة الممتلكات العامة والخاصة من التجاوز عليها خلال فترة العطلة التي تستمر 12 يوماً، وخاصة الاحتفالات الكبرى التي تقام عشية السادس من شهر يناير/ كانون الثاني ، والمعروفة باسم ليلة الثاني عشر .
كان الفقراء يستمتعون بوسائل ترفيه أكثر بساطة مثل لعب الورق والنرد، وأداء الترانيم، والعزف على الآلات الموسيقية، وألعاب الطاولة، ورواية الحكايات الشعبية، والاستمتاع بألعاب الحفلات التقليدية مثل السماح لشخص واحد بأن يكون “ملك العيد” إذا وجد حبة فاصوليا مدسوسة في الخبز أو الكعكة الخاصة ، وكان على الحضور تقليد ذلك “الملك” (لعبة تقمّص الأدوار تشبه لعبة “سيد الفساد” المماثلة في ساتورناليا). و كانت الكنائس والنقابات تنظم حفلات ترفيهية عامة مجانية في العطلة مثل عروض الدمى والتمثيليات الصامتة و المسرحيات الاستعراضية. وكان هناك أيضاً الممثلون المقنّعون، وهم فنانون محترفون يزورون المنازل ويقيمون عروضهم مقابل أجور زهيدة أو القليل من الحلوى . ويوجد تقليد آخر من القرون الوسطى مستمراً إلى يومنا هذا في الكريسماس ( بطريقة أكثر كياسة من ذي قبل) ؛ وهو مساعدة الفقراء والمحتاجين بمنحهم المتبقي من الولائم الفاخرة في القصور، وقد تتم دعوة بعض الأفراد المحظوظين إلى الوليمة نفسها، على سبيل المثال، اثنان من عبيد أو خدم اللورد .

الكريسماس الإليزابيثي
مع اقتراب القرون الوسطى من نهايتها، بدأ الدور المهيمن للكنيسة في حياة الناس يتراجع قليلاً؛ إلا أن بعض الخدمات الكنسية لم تتوقف بموجب القانون . كما أن مفهوم الإصلاح بنبذه الرسوم والنقوش والعروض في الكنائس قلل إلى حد ما من تدابير الاستعداد للكريسماس . وخلال العهد الإليزابيثي (عام1558-1603 ميلادي) استمرت “الأيام المقدسة” في اعتبارها المصدر الديني لـ “الكريسماس”، ولكن كانت هناك أيضاً نشاطات ليست دينية ترسخت كتقاليد شعبية. فعلى سبيل المثال؛ ولادة المسيح عُدّت موعداً للصيام قبل الكريسماس، حيث يبدأ من يوم “أندراوس الرسول” في الثلاثين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني . مع ذلك وبحلول ذلك الوقت، أصبح الأمر أشبه بالعد التنازلي لعطلة الكريسماس التي كانت لا تزال مدتها اثني عشر يوماً . كما كان أعداد التلاميذ الذين يذهبون إلى المدارس أصبح أعلى بكثير مما كانت عليه في القرون الوسطى، لذا فقد كانوا يُمنحون عطلة لمدة أسبوعين .
استمر تقديم الهدايا في الأول من كانون الثاني/ يناير، كما استمرت فكرة أن هذا الوقت من العام الذي يجب القيام فيه بأعمال تطوعية وخيرية. وشمل تقديم الهدايا ؛الملكة إليزابيث الأولى ملكة إنگلترا التي كانت تتلقى بانتظام المجوهرات والفساتين الباهظة الثمن والمراوح اليدوية المصنوعة من الريش ( المِهفَة). أمّا الفقراء فكانوا غالباً ما يقدمون الدبابيس والقفازات والفواكه في مثل هذا اليوم إلى أفراد عوائلهم وأصدقائهم .
ربما كان الطعام هو الجزء الذي كان الجميع ينتظره بفارغ الصبر؛ والواقع أن وليمة الكريسماس كانت في ذلك الوقت باهظة التكلفة إلى الحد الذي يجعل اعداد وتحضير الخبز بحاجة إلى وقت أطول بكثير. لهذا السبب؛ بدأت الاحتفالات في “عشية” الكريسماس من يوم 24 ديسمبر/كانون الأول، وعادة ما تُجرى في وقت متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم . وبذلك أصبح الخامس والعشرون من الشهر هو اليوم الكبير للعيد من حيث الاحتفالات العامة والخاصة، متفوقاً على تلك التي كانت تُقام في ليلة الثاني عشر .
في المنازل المزيّنة بأشجار دائمة الخضرة والشموع، كان يُقدم بها كمّ هائل من اللحوم والأسماك في تلك المناسبة، حيث أن هذه الأطعمة مُفتقدة في المائدة بأوقات أخرى من السنة. وكانت الفطائر وكعك الفاكهة المحشي والمكسرات واللحوم المخللة تحظى بقبول خاص، فضلاً عن الـ “واسيل”؛ وهو نوع من البيرة مع الفلفل الحار التي كانت تُحتسى عادةً بقدح بنّي اللون مع الأغاني .
كان الكريسماس فرصة للسفر ورؤية معالم المملكة. وفي غياب الطرق العامة المعبدّة، كان السفر بالخيول والعربات بطيء ومُتعب؛ ومع ذلك، فقد كان بعض المحتفلين يقومون بزيارة المعالم السياحية مثل “سفينة فرانسيس دريك” الذهبية في لندن، والتي قامت بأول رحلة إبحار إنگليزية حول العالم (عام 1577 ـ 1580م). وكان بريق جواهر التاج في برج لندن من عوامل جذب الجمهور في عهد أسرة تيودور (عام 1485 ـ 1603م) .
لقد تعرّض اسم كريسماس نفسه لانتقادات شديدة أثناء فترة الإصلاح الإنگليزي ، وذلك عندما اُعتبرت الإشارة إلى القداس الكاثوليكي الغير مرغوب فيه يُمارس في الكنيسة الأنجليكانية. كما تعرّضت مناسبة كريسماس نفسها لتهديد خطير من قبل المتشددين المسيحيين الذين فضلوا طقس الصيّام في ذلك اليوم . إلا أنه تم إبطال قرار إلغاء الاحتفال بيوم الكريسماس بموجب القانون في عام 1660م . وأُعيد احتساب الكريسماس عطلة رسمية في عموم البلاد وأصبحت أهم عطلات العام، والتي حلّت محل الاحتفالات بعيد الفصح بالنسبة للعديد من الناس .

الكريسماس الڤيكتوري
لقد حدثت القفزة التالية إلى الأمام بكيفية الاحتفال بالكريسماس خلال عهد الملكة ڤيكتوريا (عام 1837ـ 1901م) ، وهي الفترة التي شهدت بعض التقاليد الجديدة المهمة وأصبحت جزءاً دائماً من موسم العطلات منذ ذلك الحين . وقد أظهر الڤيكتوريون حنيناً كبيراً لاحتفالات عيد الميلاد المُبهجة في القرون الوسطى . والكثيرون منهم كانوا يضفون طابعاً رومانسياً على الكريسماس في العهد الڤيكتوري . كما أدخل الڤيكتوريون بعض فعاليات القرون الوسطى إلى هذه المناسبة مثل؛ خدمة الكنيسة في صباح يوم الكريسماس، والولائم، والألعاب، والهدايا، والمسرحيات الصامتة ، التي استمرت كأنشطة أساسية في ذلك الموسم .
كان زوج الملكة ڤيكتوريا هو الأمير القرين “ألبرت” (عام 1819-1861م) دوق کوبورگ و گوتا، الذي أدخل إلى بريطانيا ظاهرة نصب شجرة الكريسماس، لشهرتها في بلده الأم (ألمانيا) . لذلك ظهر نموذج شجرة الميلاد في ساحات المدن و المنازل في جميع أنحاء البلاد، وانتشرت تلك الفكرة من خلال المجلات المصوّرة التي كشفت عن الاحتفالات الخاصة للعائلة المالكة. كما فَضِل نبات الهَدال أو الدَّبق ( Mistletoe )عنصراً أساسياً في الزينة ،إلا أنه في النهاية أصبحت شجرة الميلاد رمزاً مهمّاً في المنازل خلال الكريسماس . كما كان يتم تزيين شجرة الشوح الصنوبرية الصغيرة (التنوب Fir ) بالشموع والهدايا البسيطة (الألعاب والحلوى والتمائم والفواكه المحلّاة) المتدليّة من أغصانها والتي يُفترض توزيعها على ضيوف الكريسماس المكتوبة أسماؤهم عليها . وكانت الترانيم والأغاني تُؤدّى مع موسيقا البيانو العائلي أو من قبل فرق موسيقية صغيرة من خارج المنازل في عشية الكريسماس ، وكانت مكافأتهم قدحاً من الويسكي أو فطيرة ساخنة.
لقد كان نظام البريد الأكثر كفاءة في البلاد ، حيث صدر طابع “الپنس الأسود” في عام 1840م بسبب زيادة النشاط البريدي وتطور العُرف المُتبع في إرسال بطاقة الكريسماس إلى الأصدقاء والأقارب البعيدين، والذي تم تفعيله لأول مرة في إنگلترا عام 1843م . فقد كانت هذه البطاقات تأتي بجميع الأشكال والأحجام، وطباعتها حجرية وتلوينها يدوياً، وغالباً ما تُزيّن بشرائط ودانتيلات . وكانت هناك جميع أنواع المشاهد المُصوّرة على البطاقات، والأكثر طلباً كانت بطاقات مشاهد الثلج ، وهو انعكاس لسلسلة من فصول الشتاء القاسية في إنگلترا خلال ثلاثينيات واربعينيات القرن التاسع عشر الميلادي . وهناك مجموعة كبيرة من الهدايا متاحة في المتاجر التي تزيّن واجهاتها لجذب المتسوقين ؛ حيث يُبعث العديد منها كنماذج لأولئك الذين لا يستطيعون زيارتهم شخصياً. وبدلاً من تصنيعها في المنازل بعد زيادة الطلبات عليها ؛ أخذ التجّار باستيرادها من ألمانيا وهولندا. ولم تكن الألعاب مصنوعة من الخشب فحسب، بل أصبحت أكثر حداثة ؛ حيث الدمى تمشي والقطارات تتحرك ، وهكذا مع باقي الألعاب. ثم باتت الهدايا تُمنح في يوم الكريسماس أو في عشيته. وأصبح يوم 26 ديسمبر/ كانون الأول يُعرف باسم “يوم الصناديق Boxing Day ” في بريطانيا لأن هذا هو اليوم الذي كان يقدم فيه أصحاب العمل للعاملين صناديق من الهدايا وبقايا الطعام .

شخصية بابا نويل
كان الأكثر شهرة من يقدم الهدايا في الكريسماس هو بالطبع “بابا نويل”؛ الشخصية المرحة ذات اللحية البيضاء الطويلة والكثّة التي تزور البيوت في ليلة الكريسماس لتترك هدايا مُفرحة للأطفال، والتي تعود أصولها إلى “القديس نيكولاس” أسقف دير ميرا من الأناضول في القرن الرابع الميلادي . وقدوم بابا نويل كان يُبهج الجميع عند توزيع الهدايا ( بما في ذلك أكياس الذهب). وطالما أن إحدى المحظوظات قد تلقت هديتها من الذهب عبر المدخنة وسقوطها بالصدفة في جورب كان معلّق لتجفيفه؛ فقد أصبحت تلك الحادثة طريقة مألوفة في تلقّي الهدايا حتى يومنا هذا عند الكثير من مناطق العالم . ولم تكن شخصية بابا نويل المستوحاة من القديس نيكولاس كفكرة فحسب؛ بل إنها جُعلت من “صميم الكريسماس” في الموروث الأوروبي . وهذا ما عكس الموقف الأكثر تعاطفاً لدى الناس، عندما أخذ الأطفال الصغار يتركون زجاجة من شراب الويسكي إلى بابا نويل مكافأة له لجلبه لهم الهدايا . كما إن تلك الشخصية المحببة التي تقدم الهدايا كانت لها مسميات عديدة، من “كريستكيند” (ألمانيا) إلى “سانتا كلوز” (الولايات المتحدة الأمريكية). والنموذج الأمريكي للرجل ذو البدلة الحمراء والكرش المتدلّي الذي ظهر منذ حوالي عام 1850م؛ أصبح رمزاً على ما يبدو في المخيلة الشعبية حول من يقدم أفضل الهدايا.

مائدة وفعّاليات الكريسماس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى