أحوال عربية

القادم بعد انتخاب رئيس الوزراء العراقي

عبد الخالق الفلاح

تحديات كثيرة تنتظر رئيس الوزراء اذا ما انتخب من قبل رئيس الجمهوريةالمختلف عليه من قبل الاحزاب الكوردية ومن المرجح ان تزداد اعداد التحديات فياجواء التشرذم الشاملة في البلاد في ظل الانقسامات السياسية التي تشل النظاموانتهاكا واضحا وغير مسبوق لبنود الدستور الذي نص بعدم إمكان النواب سوى شهرواحد لانتخاب رئيس الجمهورية وهو الذي سيكلف بعد 15 يوما شخصية لقيادة الحكومة..ظاهرة عدم منهجية السلطة والسياسة تجعل من ان تسمح للكثير من الظواهرالسلبية التي أخذت بالتوسع بالاستحواذ على جزء عظيم من عقول الناس البسطاء ،لانغياب سلطة الأحزاب السياسية الوطنية الحقيقية والمجتمع المدنى و القادة الحقيقيينالذين هم الكنوز والموارد الاستراتيجي للأمم والذين لا يقدرون بثمن و هم أصحابالفعل والمبادرة والريادة في كل عمل تنموي و نهضوي ، وليس هنا من معنى في إعطاءادارة الدولة للجهلة ومن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين بالاستحواذ على أرضيات الجماهيرية البسيطة لان الجهل عدو خطير يفتك بالمجتمع ويهدد سلامه وأمنهويجعله في مؤخرة الدول. من غير الواضح كيف سيتم الخروج من الأزمة الحالية ( اختيارالشخصية القادرة لحمل المسؤولية ” التي يعيشها العراق اوالمأزق الذي عشعش علىصدور ابنائه منذ التغيير وعدم وجود بوادر للحل من قبل من هم يقودون العمليةالسياسية بكل أشكالها ومسمياتها والخلافات بين الشعب والسلطة تتوسع يوماًبعد يوم ولا تتمحور فقط للمطالبة بإصلاح حال الدولة، إنما في انعدام الثقة فيالقيادات السابقة والحالية و الفواعل السياسية متناقضة ومتباينة في الرؤى تجاهمفهوم بناء الدولة، وما تم وضعه من إطار دستوره ” الذي هو ايضاً اشتمل علىعدد كبير من العثرات والهنات فضلا عن قابلية نصوصه للتأويل المفرط، وبالتالي جرت العادةأن من يملك القوة في لحظة التأويل، هو القادر على فرض تأويله على الجميع بغض النظرعن مدى صحته.المحلل المتابع الواقعي لمختلف القوى السياسية العاملة فيالساحة السياسية العراقية،بكل المسميات ،سيلاحظ حالة من التخبط والتيه السياسيينتاب هذه القوى، تيه مرجعه بوصول خياراتها المعلنة لطريق مسدود سواء كان خيارالتفاوض والتسوية السلمية لدى هؤلاء ومن شايعهم لفقدان الرؤى والتخطيطالفكري الممنهج في قيادة البلد ،تيه يغذيه تيه مواز له لعدم القدرة لمنع الآخرينمن الوصاية والتأثير في القرار السياسي والبلد يعاني استقطابات حادة وصراعات حزبية” خالية من الأيديولوجيات “وانتشرت عوامل الفساد وتسلطت علىالرقاب وخلقت انقسامات اجتماعية تشتد خطورتها يوما بعد آخر ، والبلاد تعيش أسوأمقاضاتها منذ 10 شهور و ما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة طيلة عقدين من الزمن بلغتمن الانحدار والعنف والقتل والجدل وقلة الحيلة تترسخ في يوميات العراقيين بلا أفقللحل ولا عقلانية وفقدان التفكير بالمصير المرتبك الذي يعيشه البلد والقلق الذييوسوس في نفوس ابنائه.الخلافات والمحاور ليست بعيدة عن مأزق الحالة الداخلية التي لا تختلفمع ما كان علية قبل التغيير من حيث صعوبة العيش ولكن بشكل أكثر مأساويةوإحباط لأن مرحلة ما بعد 2003 كان نتيجة صدمة هزيمة الديمقراطية الحقيقيةالتي أضاعت البوصلة وقبل أن يصل الشعب العراقي الى خياراته وممكناته،التيه الحالي هو أكثر خطورة لأنه يأتي بعد تجارب سياسية مريرة توزعت على مجملالأيديولوجيات:الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية التي خاضت التجربة وهي تتخبطفي فشلها . الواقع أنَّه لا توجد علاقات للقوة أو ممارسة للسلطة دون مقوماتحقيقيّة وفعّالة لهذه القوّة أو هذه السلطة؛ لأنَّ المقومات والجماهير تشكلتلك النقاط التي تُمارَسُ علاقات القوة عندها بالضبط ولذلك تتسم نقاط الصراعوالتفاوت والنفي بين السلطة والجماهير وتصبح عريضة جداً ومنتشرة ، كونها لم تكنموزونة فتثير نقاط الصراع والتفاوت والنفي ، الأمر الذى لا بدّ لنا من تحديدأولى لمسألتين بغاية الأهميّة لموضوعنا وهما: تحديد الشروط الابتدائيّة المُعيقةلسير العجلة ، وتحديد طبيعة نظام الحكم في العراق و المساعِدة في رؤية وخلق تفاعلسياسي وبعكسه سوف يكشف لنا أن المواطنين يفقدون الرغبة في المشاركة فى عمليةسياسية هشة ومفقودة القوام ، فى إطار القانون والدستور، ولا يجدون القنوات الرسميةالتى تعبر عن اهتمامات الناس ومشاكلهم في الوقت الحالي، وان فرص ظهور جماعاتوتنظيمات وكيانات متطرفة وشخصيات عشوائية و معدة من معامل أجهزة المخابراتالأجنبية، أمر وارد إلى حد كبير، بل والأخطر هو زيادة إمكانية توجيه الجماهيرالعادية لمسارات غير مأمونة العواقب، ما لم تستقر العملية السياسية وإحترامحقوق الإنسان ومبادىء الحرية والديمقراطية ، وسعي الشركاء السياسيين إلى الإنسجاموالتفاعل لتحقيق الإستقرار في العملية السياسية والعمل من اجل النهوض بالمسؤوليةوبالتالي تحقيق الأمن والسيادة في عموم البلاد و يتفاعل المنضمون فيها تفاعلاًحقيقياً وفق الأطر الدستورية فلن تتحقق السيادة ولا الأمن ولا الإعمار ولا التعليمالمتطور ولا الإستثمار الأمثل للثروات ،في ظل عجز الأطراف السياسية عن إيجاد خارطةطريق للتفاهم فإن العراق معرَّض لتجدد الفوضى وستبدأ السلطة فيه في التحللوالتشرذم والانهيار الكامل والثمن الاقتصادي اذا لم تكن الاولويات لها،ويبقى الصراع بين السياسيين معركة من أجل البقاء في نظرهم وهم يعتقدون أن بإمكانهمبحث الثمن فيما بعد وأن المواطن هو الذي يدفع الثمن. وقد علق العلامة ابن خلدونعلى ذلك وعَنْون في مقدمته الشهيرة بأن الظلم مؤذن بخراب العمران. وقال: “ولاتحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب كما هوالمشهور، بل الظلم أعم من ذلك، والمانعون لحقوق الناس ظلمة، وغُصاب الأملاك علىالعموم ظلمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران”، و إذا ما أستمرتصارع الطبقة السياسية فيما بينها الذين وضعوا مصالحهم الشخصية والفئوية فوق مصالحشعبهم وبلادهم. والقضية ليست وليدة سنوات اليوم بل عملية ممتدة لسنوات طويلة، فإنذلك يحرم المواطنين من فرص النجاة والخروج من دوامة الانهيار في جميع مفاصل الدولة،مع ان موت السياسة، ليس مسؤولية الشعب البعيد عنها بل هى حالة عامة يعيشها الساسةمنذ سنوات طويلة، وهي ميتة عمليا لدى المواطنين لتجاهل حقوقهم وآرائهم وعدم تسليطالضّوء عليهم وعلى احتياجاتهم، وذلك يفقدهم حماسهم واندفاعهم بقبول من سوف يكونرئيساً للسلطة ، عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى