أحوال عربيةأخبار العالمأمن وإستراتيجية

هل ترد دمشق على إسرائيل ؟

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

القراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل الكيان الإسرائيلي سعيداً هذه الأيام فكلما حقق الجيش السوري انتصاراً على الجماعات المسلحة، تنفذ إسرائيل عدواناً شرساً بالصواريخ على مواقع عسكرية ومدنية سورية، وتتصدى الدفاعات الجوية السورية للصواريخ الإسرائيلية وتمنعها من تحقيق أهدافها، فالتساؤل الذي يبرز أمامنا هنا والذي سنحاول أن نجيب عليه خلال هذا المقال هو: إلى متى ستبقى إسرائيل بين الحين والآخر تنفذ اعتداءاتها على سورية بدون ردع، وهل سترد سورية على الاعتداءات الإسرائيلية بضرب أهداف داخل إسرائيل؟

في الآونة الأخيرة، شددت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سورية وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك، فقد استهدفت المطارات المدنية وأخرجت مطار دمشق عن الخدمة واستهدفت مطار حلب كذلك، كما قامت إسرائيل باستهداف مباني سكنية في دمشق وريفها وأزهقت عشرات الأرواح من المدنيين.

لذلك قررت إيران تزويد الحكومة السورية بمنظومات رادار وصواريخ دفاعية من منظومة (15 خرداد) كما سيتم تزويدها أيضاً بقنابل دقيقة للطائرات المقاتلة وذلك ضمن مساعي إيرانية-سورية لتعزيز الدفاعات الجوية السورية في مواجهة الغارات الإسرائيلية المستمرة.

سورية تمتلك صواريخ يمكن أن تصل إلى مطار تل أبيب، وأيضا مضادات للطائرات قادرة على ضرب المقاتلات الإسرائيلية، التي تقلع من المطار، إيران تساعد وتساند سورية باستمرار.

و سبق أن أعرب المحللين السياسيين الإسرائيليين عن تخوّف الكيان الإسرائيلي من القدرات العسكرية الإيرانية، لا سيما بعد الكشف عن تزويد إيران لروسيا بالطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية، وعلّق حينها رئيس الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية “عميت ساعرط”، على هذا التعاون بقوله: “يجب النظر بجدية، لِما قد يترتّب على هذا التقارب من تداعيات تطال الأمن القومي الإسرائيلي”.

و خطورة هذه الخطوة بالنسبة لـ “إسرائيل” لا تكمن فقط بوجود هذه المنظومة الإيرانية في سورية، بل هي وجود تعاون روسي- إيراني، مترافق مع غضب روسيا من السلوك الإسرائيلي فيما يخص حرب أوكرانيا بعد أن صوتت إسرائيل مع قرارٍ في الأمم المتحدة يدعم سلامة أراضي أوكرانيا وطالبت بانسحاب الجيش الروسي فوراً، بالإضافة الى مساعدة أوكرانيا على تطوير أنظمة الإنذار الصاروخي، وضمن هذا الإطار تحاول روسيا أن تجعل إسرائيل تدفع الثمن من خلال السماح أكثر لإيران للتحرك بحرية أكبر في سماء سورية، مع زيادة حجم التعاون العسكري والقتالي فيما بينهما الذي يمكن أن يؤثّر على قدرة إيران لمواجهة الكيان الصهيوني الإرهابي.

وأعتقد أن الجانب الإسرائيلي سيرتدع في حال قام الجيش السوري باستهداف الداخل الإسرائيلي، لأن التجربة مع إسرائيل تؤكد أن الرادع الوحيد الذي يفهمه القادة الإسرائيليون، هو الرادع العسكري الذي يسبب الخسائر للكيان الإسرائيلي.

واضح جداً إن الذي يؤخر الجيش السوري تنفيذ الرد بشكل حاسم على الاعتداءات الإسرائيلية، هو إنشغال الجيش السوري بمحاربة الإرهاب بشكل كبير على كل الجغرافية السورية، وانشغاله أيضاً بالتحضيرات للانسحاب الأمريكي من شمال شرق سورية وتحرير إدلب من المسلحين، هذا الأمر سيستدعي عملا كبيرا من القوات المسلحة السورية.

وعلى الجهة الاخرى إن إيران غير معنية حالياً بالتصعيد مع إسرائيل، والسبب الرئيسي هو أن الايرانيين حريصين على عدم فتح جبهات جديدة، و لن يتصرفوا بإنفعال وإرباك، وإنما سيأخذون الوقت المناسب لتحديد الخطوة الآتية بهدوء وحزم، وهذا ما عكسه اللقاء الاستخباراتي الايراني السوري بالقول من أن صبر الحكومة السورية إزاء الهجوم الإسرائيلي على أراضيها قد يستنزف إن آجلاً أو عاجلاً مما سيؤدي إلى تداعيات وخيمة على المنطقة ولعل هذا التصريح هو رسالة تحذير قوية وواضحة للطرف الإسرائيلي المعتدي على وطننا الغالي على قلوبنا “سورية”.

مما لا شك فيه إن إدارة نتنياهو الفاشلة والمجرمة بحق الإنسانية والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية ما تزال لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع سورية ومحور المقاومة أمام موقف الدفاع عن قضاياه، لذلك فإن استهداف إسرائيل الإرهابية سورية ليس سوى حلقة من حلقات استهداف محور المقاومة عموماً في المنطقة. ولولا الضوء الأخضر من واشنطن لما تجرأ الكيان الصهيوني على قصف مواقع في سورية أو لبنان بدعوى أن هناك مستودعات للأسلحة والصواريخ الإيرانية تهدد أمن إسرائيل

مجملاً… إن مساعدة دول محور المقاومة للجيش السوري، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر من ناحية الكم والكيف، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع حزب الله، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع الجيش السوري سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.

بإختصار شديد…. إن الحرب قادمة لا محالة، وأن المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما إما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى