العصر الذهبي الاسرائيلي
محمد حمد
لم يكن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أقل عنصرية ولا اقل تعاطفا ولا اقل كرما مع دويلة اسرائيل, من الرئيس الحالي دونالد ترامب. فالخره اخو البول، كما يقول اهلنا في جنوب العراق. وكل ما فعله جو بايدن هو أنه فرض عقوبات، على الورق فقط، على حفنة من غلاة المستوطنين المتطرفين. اما دونالد ترامب، وفي الدقائق الأولى لجلوسه على عرش امريكا، قام بإلغاء تلك العقوبات التي لم تكن اصلا ذات أهمية تذكر، ولم تغير ذرة واحدة من السلوك العدواني للمستوطنين اليهود.
أن المنطق الأمريكي ومنذ عقود طويلة هو منطق اعوج. وان سياسة الكيل بمكيالين هي السياسة السائدة لواشنطن في التعامل مع بقية دول العالم. والمثال الصارخ هو أن الرئيس ترامب إعادة كوبا، الدولة المسالمة جدا، إلى خانة “دولة راعية للإرهاب” بينما في قرارة نفسه يعتبر اسرائيل، التي قتلت أكثر من أربعين ألف فلسطيني، دولة محبة للسلام والوئام والتآخي بين الشعوب ! وترامب بطبيعة الحال لم يكن بحاجة إلى اللف والدوران للتعبير عن دواخله الصهيونية الصادقة. فالحر تكفيه الاشارة.
لم اغير رايي ابدا بان اسرائيل هي التي تحكم امريكا. وبعبارة ادق أن دويلة في حالة حرب دائمة من أجل شرعنة وجودها اللا شرعي، تحكم دولة عظمى اسمها امريكا.
في العهد البائد للمخرف جو بايدن حصلت اسرائيل على اكثر من ضوء أخضر لارتكاب كل أصناف وانواع المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني. ومع ذلك لم تكن راضية بما فيه الكفاية عنه. واليوم جاء ترامب، حبيب قلوب بني صهيون، ليمنحهم حزمة كبيرة من الأضواء الخضراء من اجل الاستمرار في مسلسل الإبادة الجماعية للفلسطينيين. ولكن في الضفة الغربية هذه المرة. وسوف يطالها التدمير والتخريب الممنهج بحجج وذرائع واهية ومختلفة. وقد لا يسلم من المباني والمساكن والبنى التحتية فيها سوى “المنطقة الخضراء” غير المحصنة جيدا، والتي يقطنها السيد محمود عباس ابو مازن.
وبالمناسبة لدي سؤال بري للغاية: اما آن الاوان للسيد محمود عباس أن يقول ما قاله زهير بن ابي سُلمى قبل عدة قرون:
(سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعش – ثمانين حولا لا ابا لك يسئم) لكي يريح ويسنريح.
أن جزيرة كوبا، التي يعتبرها ترامب، دولة راعية للإرهاب. هي في الواقع دولة مسالمة أكثر من أي دولة على وجه الارض. لم تصدر عنها إساءة من اي نوع كان بحق واشنطن. وليس لديها ميليشيات مسلحة تطوف حول امريكا. وليس لها قوات عسكرية خارج حدودها أو تشارك في تحالفات عسكرية اجنبية. ولم تؤذ أحدا على الاطلاق. وليس لديها برنامج نووي سرّي كايران مثلا. فوالله يا ناس يا عالم يا بشر، لا أفهم سرّ خوف امريكا، الدولة العظمى وصاحبة اقوى واكبر جيش في العالم، من جزيرة صغيرة فقيرة ومتواضعة في كل شيء. والله ععيبة غريبة !
على كل حال، أن العصر الذهبي الذي بشرنا به الرئيس ترامب هو في نهاية المطاف “العصر الذهبي” للكيان الصهيوني. واذا استطاعت امريكا أن تعود، كما قال ترامب بعظمة لسانه، لتكون دولة عظيمة، فإن اسرائيل ستكون في كل الأحوال اعظم منها. وما علينا الا الانتطار. وقد لا نحتاج إلى وقت طويل. فالقرارات التنفيذية التي وقعها الرئيس ترامب، قبل أن يضع عجيزته على كرسي الرئاسة، تشير بهذا الاتجاه دون أدنى شك.
والقادم أعظم !