السنيدي يكشف عن “وثائق تاريخية “
السنيدي يكشف عن “وثائق تاريخية .. من جعلان بني بوعلي”
يواصل الباحث في التاريخ العُماني أحمد بن خميس السنيدي بحثه في كتابة وتحقيق جزء مهم من تاريخ عُمان، ففي كتابه الصادر عن دار الآن ناشرون وموزعون في الأردن تحت عنوان: ” وثائق تاريخية .. من جعلان بني بوعلي، (1319هـ – 1391هـ / 1902م – 1971م)”، يرصد السنيدي ما يقارب 259 وثيقة أعاد جمعها وحققها ورتبها في كتاب واحد.
الكتاب الصادر حديثا يأتي استكمالا للجهد الكبير الذي بذله السنيدي في كتابه الأول والذي رصد فيه تاريخ قبيلة بني بو علي خلال الفترة الممتدة بين العامين 1790 و1958م. واستعرض ما سطره المؤرخون عن القبيلة، وما تناقلته الروايات الشفوية عن نسبها وأماكن انتشارها وتشكلاتها السياسية وصراعاتها السياسية في محيطها الذي عاشت فيه، وجاء بعنوان: “بني بوعلي.. تاريخهم الاجتماعي والسياسي”
وبذل السنيدي جهدا كبير في جَمعِ ما تمكَّن من جمعهِ من وثائقَ لأهالي جعلان بني بوعلي من مُختلفِ الأطياف، وحرص على طلب الوثائق من أُسَرٍ مختلفةٍ، لكنَّ السنيدي يبدي تخوفا بسبب إحجام كثيراً من مالكي الوثائق عن إظهارها لأسبابٍ متنوِّعةٍ، منها: تخوُّفهم من غضبِ بعضِ الناسِ لاحتواءِ الوثيقةِ خِلافاتٍ قبليّةٍ، أو عائليّةٍ رغمَ أنَّ هذا العُذرَ لا ينسَحِبُ على وثائق البيوعِ، والرهنِ، والوصايا، والأوقافِ الشرعيةِ لعدم اشتمالها على خلافاتٍ، وهذا يجعلُ الوثائقَ حبيسةً، وقد تتعرَّضُ للتلف فلا يستفيد منها الباحثون.
وبتواضع الباحث المجد يؤكد السنيدي أن هذا العملُ المتواضعُ محاولة منه لإبراز شيءٍ من واقعِ الحياةِ ونشاطِ السُّكانِ في جعلان بني بوعلي في الفترةِ المُحَدَّدَةِ ضِمن الإطار الزمني، ومدى حاجتِهِم إلى توثيق عقود المعاملاتِ بينهم، وعنايةِ المُتعلمين بهذهِ المهمَّةِ العظيمةِ؛ وخاصة الوثائق التي كتبت لحفظ حقوقِ الناس، وتنظيم شؤونهِم، وقد رتَّب الباحث الوثائقِ ترتيباً زمنيّاً، ثم عمِل على إبراز الوثيقة، ثم كتابةِ نصِّها مع توضيحٍ لمُحتواها، إنْ لزمَ الأمرُ، وذِكرِ الشخصياتِ الواردةِ في الوثيقةِ مع ضرورة التقيُّد بالنص، وذلك تجنُّباً للخروج عن الفكرة العامة للنص الذي يُفْقِدُهُ قيمتَهُ التاريخية.
ويؤكد السنيدي أنه في بعض الحالات قد أحتاج إلى إخفاء لَقَبٍ لا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ، أو اسمِ قبيلةٍ لشخصٍ قد دخل في حِلفِ قبيلةٍ أخرى ولا يرضى بذكر اسم قبيلته السابقة، كما قام بتحديدِ إطارٍ زمنيٍّ لهذا الكتاب، فالعامُ 1319هـ / 1902م جعله بدايةً باعتبار أوَّلِ وثيقةٍ أدرجها في هذا المجموع، وأما نهايةُ الإطار الزمني فهو عام 1391هـ / 1971م طِبْقاً لآخِرِ وثيقةٍ ضمَّنْها هذا الكتاب، وقد عزم على كتابة فهرسٍ للأماكن، والأعلامِ الواردةِ في الوثائق، لكنَّه لم يتمكَّن من ذلك لضيقِ الوقتِ، وكثرةِ المشاغِل، كما يقول.
ويؤكد الباحث في خاتمة كتابه انه حرص على جمعِ شيءٍ يسيرٍ مِن الوثائقِ التاريخيةِ لجعلان بني بوعلي، وترتيبها ترتيباً زمنيّاً، وتحريرِ نصِّها، وتوضيحِ معاني الكلماتِ الدارجَةِ الواردةِ في ثنايا الوثائق، مع الحِرصِ على كتابةِ تاريخِها الهجري، والميلادي بدقةٍ ليكون هذا المجموعُ بالفعل مرجِعاً مهمّاً للباحثين التاريخيين، ولكُلِّ مَن أرادَ دراسةَ أحوال مَن سبقونا؛ الدينيةِ، والاجتماعيةِ، والسياسيةِ، والاقتصاديةِ، والزراعيةِ.
ويختم السنيدي: لقد تبيَّن لي مِن خلالِ دراستي لهذه الوثائق أنَّ الجيلَ السابق الذي يشملُهُ الإطارُ الزمني لهذا الكتاب (1319هـ – 1902م حتى 1391هـ – 1971م) كان على قدرٍ كبيرٍ من التنظيمِ في كل النواحي، فاعتنى عنايةً فائقةً بجانب التوثيق في المراسلات الرسميةِ، وسندات الوكالة الشرعيّةِ، والوصايا، والوقف الشرعي، والتملُّك، وإقرارات الديون، والبيع، والشراء، والنفقةِ، كما اتضحَ لي من خلال تتبُّعي لهذه الوثائق؛ حِرْص محرِّريها على استخدام التاريخ الهجري، مؤكدا أن هذه الوثائق تتميَّزُ بوفرةِ المعلومات الواردةِ فيها، لِذا أتمنَّى من الباحثين دراستها، وتحليل محتواها، كما أتمنَّى ممَّن يمتلكون الوثائق أنْ يجعلوها متاحةً للباحثين الجادِّين، حتى لا تكون حبيسة العُلَبِ، والصناديق، فتكونَ عُرضَةً للتلف مع مرور السنين.
ومن الجدير ذكره أن الكاتب العُماني أحمد بن خميس السنيدي أسس في كتابه الأول “قبيلة بنو بو علي” الصادر الآن ناشرون وموزعون في الأردن هو استكمالا لمهمته في تقصّي وتتبع تاريخ اهل عُمان من خلال رصد الأماكن والأعلام المؤثرين والصور والوثائق الرسمية والمراسلات وذلك استجابةً لطلب عدد من الأشخاص المهتمين بمادته التاريخية والاجتماعية، وأشار على طبيعة الجهد الذي بُذل في العمل على مجموعة الأحداث التاريخية المتشابكة التي تمس قبيلة بني بوعلي، لا سيما أن القبيلة كانت مؤثرة في محيطها، وكانت عنصرا فاعلا في الأحداث السياسية التي شهدتها مسقط خلال تلك الفترة، وما واكب ذلك من حملات عسكرية وغزوات تعرضت لها عُمان من الخارج.