الريف يطالب باستقلاله والمغرب على أبواب الجمهورية

 
زكرياء حبيبي
 
“من بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة”، هذه المقولة القديمة تنطبق بشكل رائع على النظام المغربي المنبطح لقوى الشرّ وعلى رأسها الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية والمغتصب لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني المقاوم. ولسبب وجيه، فإن المخزن المغربي الذي حاول ويحاول دائمًا زرع الانقسام في الجزائر، ويعمل على ذلك بدون كلل أو ملل، من خلال دعواته ودعمه القوي ل”استقلال منطقة القبائل” وعلى شتى المستويات، يجد نفسه اليوم محرجًا للغاية من الحركة الشعبية في الريف التي تريد الانفصال العلني عن المغرب، والحصول على استقلالها وتحرير نفسها من حضن المملكة المُتصهيّنة.
هنا، نتذكر أولاً التصريحات الخبيثة والبغيضة للسفير المغربي لدى الأمم المتحدة، المدعو عمر هلال، والتي اعتبر فيها أن “شعب القبائل في الجزائر يستحق أكثر من أي شعب آخر أن يتمتع بالكامل بحقه في” تقرير المصير”.
وغني عن القول، بأن الجزائر لم تتذوق هذا الانجراف الذي أراده المخزن كرّد فعل تجاه بلدنا على موقفه الثابت في ملف الصحراء الغربية، مع حق تقرير المصير كعقدة غوردية، خاصة وأن منطقة القبائل الجزائرية، باستثناء عدد قليل من التفاح الفاسد من حركة MAK، التي صنفتها الدولة الجزائرية كمنظمة إرهابية، وتعمل بأجر من أسيادها ومشغلوها، لم تُخفِ قط انتمائها إلى الجزائر الواحدة الموحدة وغير القابلة للتجزئة، فركوب القصر الملكي المغربي موجة الحركة الإرهابية الانفصالية للمغني “فرحات مهني” الذي تبرّأت منه حتى والدته، والذي ظلّ ولا يزال يُغرّد خارج السرب، ولم ينجح في تجنيد سوى “كمشة” من المُناصرين الذين اشترى ذممهم بالأموال الوسخة التي تلقّاها من الصهاينة والقصر الملكي المغربي.
على العكس من ذلك، الريف، الذي طالما تم التخلي عنه والذي طالب دائمًا بحقه في الاستقلال، يمثل منطقة بأكملها في شمال البلاد، والتي كانت دائمًا غارقة في القمع، وفي أحسن الأحوال في الإقصاء والتهميش.
علاوة على ذلك، فهي تتمتع بهوية إقليمية قوية وحافظت تاريخياً على درجة معينة من الاستقلال تجاه السلطة المركزية في الرباط.
تعود الرغبات الأولى للانفصال عن المملكة العلوية إلى عام 1922 عندما أعلن المقاوم الكبير عبد الكريم الخطابي، قيام الجمهورية الكونفدرالية لقبائل الريف بعد هزيمة الجيش الإسباني. وبعد سنوات قليلة، نصب نفسه أميرًا للمؤمنين بعد أن رفض السلطان مولاي يوسف الانضمام إلى قضيته ومحاربة فرنسا الاستعمارية.
نعم، يمكن لحركة الريف التباهي بكونها الفاعل الرئيسي في الحرب ضد المحتل الفرنسي، على عكس الأسرة العلوية التي لعبت دائمًا دورًا مزدوجًا في إدارة مصالحها. ومن هنا جاءت الشرعية التي منحها لها التاريخ للمطالبة باستقلالها عن المخزن، وهذا ما لا ينطبق على منطقة القبائل التي كانت دائمًا، مهما قيل أو يقال، تشكل جبهة موحدة مع السلطة المركزية عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح الجزائر العليا، الدليل الأكبر على ذلك، هو الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، عندما نهضت وانتفضت القبائل كرجل واحد مع كل الجزائر الواحدة والموحدة، وغير قابلة للانقسام، ضد فرنسا.
دعوات استقلال الريف تُفقد المخزن المغربي عقله
القصر الملكي المغربي، وأمام حالة الإحتقان والغليان التي يعيشها الريف المغربي، وبالأخص في مدينتي الحسيمة والناظور، عمل ويعمل المستحيل من أجل تحويل أنظار الرأي العام الداخلي المغربي بالأخص، واختلاق أزمات خارجية يكون لها تأثيرها المباشر على مشاعر المواطنين المغاربة، تجعلهم يلتفون حول المخزن.
إننا كجزائريين ننصح السلطة المغربية أن تبحث عن مهدّئات أخرى بعيدا عن الجزائر، التي برهنت مرارا وتكرارا بأنها ترفض اللعب بمصير الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، وأن هدفها النبيل يتمثل في تصفية الأجواء، وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بنفسه، لفسح المجال واسعا أمام بناء المغرب الكبير، الذي يمثل أهم حلم للشعوب المغاربية، وهي على يقين أن شطحات وانبطاحات المخزن المغربي لن تغير مسار التاريخ، ولن تُوقف عجلته عن الحركة، لأن إرادة الشعوب هي التي تنتصر دائما.
الملك الحسن الثاني وأمازيغ الريف
الحسن الثاني الذي سبق له أن قصف بالطائرات منطقة الريف “الأمازيغي” عندما كان وليّا للعهد، ردّ وببساطة على احتجاج الشباب والتلاميذ الأمازيغ بالرصاص سنة 1984، وبحسب الشهادات أنه تمّ جمع الأموات والمُصابين في شاحنات نقل “الزبالة”، وحُفرت لهم خنادق دُفن فيها الجميع بمن فيهم الأحياء.
كل هذا ما هو إلا مشهد واحد من مسلسل الرعب “الهيتشكوكي” الذي تعامل من خلاله القصر الملكي المغربي مع الأمازيغ المغاربة، وهو المسلسل الذي لا يزال متواصلا بأشكال أخرى، أبرزها إبقاء منطقة الريف التي ثارت ضدّ سلطات الحماية الفرنسية، إبان “الإستعمار” ورسمت بطولات كبيرة في تاريخ المُقاومة المغربية، تحت مستوى الفقر، بحرمانها من المشاريع التنموية، وحرمان أهلها من تولّي المناصب الحساسة في مختلف أجهزة الدولة المغربية.
هنا يتوجّب أن يعي القصر الملكي المغربي الحاقد على استقلال الجزائر، أن الأمازيغ في الجزائر، هم أسياد، ودورهم في تاريخ الثورة الجزائرية كان حاسما، في رسم مستقبل الجزائر المُستقلّة، وقادة الأمازيغ في الجزائر، وفي فجر الإستقلال، وبمُجرّد أن شنّ القصر الملكي المغربي حربه على الجزائر “حرب الرمال” سنة 1963، تناسوا خلافاتهم الدّاخلية، وانطلقوا صوب الحدود الجزائرية المغربية لردّ العدوان المغربي، والدفاع عن سيادة الجزائر المُوحّدة، ولا أنتظر من موقعي كمُلاحظ ومُحلّل للأحداث، سوى أنّ أحرار القبائل في الجزائر، سيُوجّهون أقوى صفعة للملك المغربي محمد السادس الفاقد للتوازن، ليؤكّدوا له بأن أبناء وأحفاد الأمازيغ الأحرار في الجزائر، الذين وقفوا في وجه عدوان أبيه سنة 1963، لا يُشرّفهم أن يتطاول “شبه ملك” عليهم، ويُنصّب نفسه بالباطل مُدافعا عنهم، ويصفهم بالمقهورين وهم الأسياد في بلدهم الجزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى