الذاكرة و البزنزة بين المد والجزر مرة اخرى

                            حفظ الله الجزائر المجد والخلود للشهداء الأبرار

يذكر رشيد بوجدرة ان الغاية من تأليف كتابه ” مغتصبو التاريخ ” (قام بترجمة الكتاب بنفسه ). هي الردّ على السكوت المفضوح، بل الاحتفاء بكتاب “سي بوعزيز بن قانة .. آخر ملوك الزيبان” لحفيدة الباشاغا بن قانة “فريال فيرون”، وردّا على كتّاب آخرين , ويضيف : ” لقد قرّرت كتابة هذا “الهجاء” بعد فضيحة فريال فيرون من سلالة قبيلة بن قانا وهي “تُؤلّهُ” سلفها عبد العزيز بن قانة “ملك الزيبان” على حسب قولها، إرادة منّي في تنقية التاريخ الوطني الذي لطّخته الأيادي القذرة وما كتبه بوعلام صنصال وعلي بومهيدي وسليم باشي وكمال داوود وياسمينة خضرة ووسيلة طمزالي وغيرهم، وقد أرادو أن يجعلوا من ألبير كامو جزائريا أكثر من الجزائريين؟ وحاولت أن أبرهن أنّ هؤلاء الأشخاص يعانون من مرض عضال سمّاه فرانز فانون بـ “عقدة كراهية الذات”، كتبت هذا الكتاب أمام صمت أغلبية الصحافة وأمام جبن بعض المثقفين الذي أداروا رؤسهم أمام هذه “الخبائث المخبّأة”).قام كمال داوود برفع دعوى ضد بوجدرة بعد صدور الكتاب رغم أن رشيد استشهد ببعض النصوص من مقالات كمال داوود , حيث نشر الاخير مثلا مقالا بتاريخ 18 أوت 2014 في جريدة لو كوتديان دورون تحت عنوان “الجزائر بلد قذر إلى أبعد الحدود”، وفي هذا المقال يكتب ما يلي: “إنّ الأرض هي ملك لمن يخدمها، وإذا لم نقدر نحن على فلاحتها فمن الأحسن أن نعيدها إلى الكولون”) ، وأيضا يستدلّ على ذلك بمقابلات تلفزيونية أجراها كمال مع وسائل الإعلام الفرنسية يصرّح فيها كيف أن القضية الفلسطينية لا تهمّه أبدا ورؤية مشاهد قتل أطفال غزة أمر لا يعنيه…وغير ذلك، ومنها تصريحه للقناة الفرنسية الثانية قائلا: (حرب غزة؟ لا تهمّني! القضية الفلسطينية! لا تهمّني! الـ 600 طفل الذين قتلوا أثناء غزو غزة لا يهمّني!) . انه الاستلاب الحضاري بمفهومنا اليوم الانبطاح واكثر من الذوبان التقرب من الغرب بسب ” الذات” وكل شيء جميل وموروث لا يمكن لغير بني جلدتنا التجرأ على التفكير في نزعه , الشاهد اليوم صلصال مع دريانكور , وداود مع ماكرون حديث عن الاستدمار والذاكرة المرغوبة , ذاكرة مجدهم التليد والاعتراف فقط بأولي الأرحام فهم اولى بالمعروف :

حيث انه بتاريخ : 09-01-2023 , وعبر مقال نشره كزافيي دريانكور (1) في صحيفة لوفيغارو الفرنسية بعنوان : الجزائر تنهار، هل ستجر معها فرنسا ؟ قدّم السفير الفرنسي السابق في الجزائر لعهدة رئيسين , تقييماً نقدياً للسنوات الثلاث من الفترة الرئاسية لعبد المجيد تبون، معبّراً عن خشيته من تداعيات الوضع السياسي الجزائري على فرنسا ، وقال إن ثلاث سنوات مرّت منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية، وإن صداقته واحترامه للشعب الجزائري، تلزمه بالتذكير ببعض الحقائق عن الواقع السياسي والأوهام الفرنسية وعواقبها، زاعما أن “الجزائر الجديدة” بصدد الانهيار، وتجرّ فرنسا معها في طريقها للانهيار، بشكل أقوى من تسبّب الأزمة الجزائرية في سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة عام 1958 .(3)ويضيف السفير السابق أن “الواقع الجزائري ليس كما يُرسم لنا: لقد سقط نظام بوتفليقة الفاسد في عام 2019، وبعد الاضطرابات، كما في أي ثورة، فإن الجزائر الناتجة عن (الحراك) ستكون كما قيل لنا عنوانا للتقدم، والاستقرار والديمقراطية”. لكن ما حصل حسب زعم، دريانكور، فإن “جميع المراقبين الموضوعيين يلاحظون أنه منذ 2020 , وبعد بعض الأسابيع من الامل , اظهر النظام وجهه الحقيقي: نظام عسكري، مدرّب على أساليب الاتحاد السوفييتي السابق، وحشي، بواجهة مدنية فاسدة مثل سابقتها التي أسقطها الحراك، مهووسة بالحفاظ على امتيازاتها، وريعها، وغير مبالية بمحنة الشعب الذي يتباهى بمعارك وهمية مع فرنسا ” العدو السرمدي ” . وقمع امال كانت مكنونة في حراك لدمقردة البلاد .تمر الان 03 سنوات على انتخاب عبد المجيد تبون . مع امل التجديد . كيف هو الحساب الختامي لعهدته , وماهو الدرس المستخلص بالنسبة لفرنسا ؟ صداقتني للجزائر واحتراماتي للشعب الجزائري يحتم علي التذكير بجلاء الحقيقة السياسية للفكرة الوهمية الفرنسية ونتائج ذلك .اذا كان ولابد من اجمال موجز لفضاعة الوضعية , ساقول ان ” الجزائر الجديد ” , حسب التسمية المروجة بالعاصمة الجزائر , على شفا جرف هار تحت اعيننا وقد تجرف معها فرنسا الى الهاوية ؟ ويضيف ، إنه يوجد، اليوم، في السجون الجزائرية سياسيون وموظفون وعسكريون يرتبطون بالنظام السابق، بالإضافة إلى صحافيين كتبوا مقالات تنتقد أو تتحفّظ على سياسة النظام، وأيضاً بوجود آخرين نشروا رأيًا مخالفًا على وسائل التواصل الاجتماعي. ، واتُهم البعض الآخر بتلقي أموال من الخارج. لكن عبقرية هذا النظام تتجلى خاصة في تمكّنه من جعل هذه الحكاية تُبتلع من قبل الفرنسيين، وهنا يقوم بالإشادة بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي أدلى بها في أكتوبر عام 2021، لصحيفة “لوموند”، حيث قال: “إن تاريخا رسميا أعادت الجزائر كتابته تم بناؤه على كراهية فرنسا”، وتحدث عن “ريع الذاكرة”، وعن “نظام سياسي عسكري مرهق”، ليكون بذلك قد أشهر وضوحا لم يُظهره أي من أسلافه. لكنه انتقد بشدة “اندفاع” ماكرون بعد ذلك إلى الجزائر العاصمة، التي أدلى منها بالتصريحات التي كان الجزائريون ينتظرونها بشأن الذاكرة والهجرة، قبل أن يرسل رئيسة وزرائه مع خمسة عشر وزيراً إلى الجزائر.الوتيرة، سيبقى عدد قليل من الناس في الجزائر. وبالتالي، فإن ثمن عمى فرنسا أو تنازلاتها سجر عليها هجرة جماعية.

وفي الختام يذكر إن فرنسا تواجه مفارقة مزدوجة: من ناحية، التحالف بين جيش مناهض لفرنسا والإسلاميين الذين يكرهوننا، حيث يشترك الاثنان في كراهية فرنسا، والإرادة القوية للقضاء على بقايا الاستعمار لغويا وثقافيا، مع جعل فرنسا تدفع ثمن ماضيها الاستعماري، من خلال الهجرة والاعتذار. والمفارقة الثانية هي أنه بعد 60 عاماً من استقلال الجزائر، ما زالت مشكلة اتفاقات إيفيان تراوح مكانها. وبالتالي، انتصرت الجزائر في المعركة ضد المستعمر السابق: تبقى (الجزائر) مشكلة بالنسبة لفرنسا، فهي تنهار، لكنها قد تجرّ باريس معها، يحذر غزافييه دريانكور، قائلا إن الجمهورية الرابعة ماتت في الجزائر، فهل تستسلم الجمهورية الفرنسية الخامسة بسبب الجزائر(2) ؟

ما كاد حبر مقال السفير يجف (عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ لتجر معها فرنسا الى الهاوية ) . حتى أدلى ماكروون بتصريح لمجلة ( لوبوان) لكمال داوود ( 3) وصرح : ” لا يمكن أن أطلب الصفح عن الحقبة الاستدمارية لان طلب بالصفح يعني القطيعة . ليس جرد حساب .كانت هناك حرب والاعتذار لن يصلح شيء .الغفران الجماعي الوحيد الذي طلبته هو من الحركى . لان فرنسا تعهدت بحمايتهم والترحيب بهم وخانتهم . ثم أعرب عن أمله في استقبال نظيره الجزائري في باريس هذا العام 2003 ( والحقيقة انه استعمل لفظ يعني العودة وليس الزيارة 4 ؟) . لمواصلة العمل على الذاكرة والمصالحة بين البلدين

حيث انه في تاريخ : 11-01-2023 وقد أصبح كمال داوود كاتبا في مجلة ” لوبوان” وسهل عليه إجراء مقابلة مع ماكرون ، حول الذاكرة ، أظهر ماكرون لمحاوره أنه “لا يخشى الملف الجزائري”. وذكره بأنه وهو العاشق لألبير كامو، لا يحتاج طبعا تفهيمه لشخصية” سيزيف ” ، الرجل الذي يجب أن يدفع صخرة باستمرار دون سبب، وهو سعيد على الرغم من انه على شفا جرف هار ؟”. وردا على سؤال حول اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري ؛ اكد ماكرون على أنه لن يطلب الاعتذار، وشرح ذلك قائلا: “ كانت هناك حرب. الاعتذار أو عدم الاعتذار، لن يصلح أي شيء. يجب أن نعود إلى الواقع و إلى التاريخ ونصفه. لست مضطرا للاعتذار، والكلمة ستقطع كل الروابط. الأسوأ هو أن نعتذر وبعد ذلك يمضي كل منا في طريقه. عمل الذاكرة والتاريخ ليس ميزانا لجميع الحسابات. الغفران الجماعي الوحيد الذي طلبته هو من الحركى (1)، لأن الجمهورية الفرنسية تعهدت بحمايتهم والترحيب بهم وخانت كلماتها عدة مرات. كما طلبت الصفح من عائلة موريس أودين وأحفاد علي بومنجل..”؟

حيث انه بتاريخ : 30-12-2022 , وفي حوار مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية , تحدث رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، ، عن عدة جوانب في علاقات البلدين، منها ملفات الذاكرة، التأشيرة، وقال انه سيزور فرنسا في 2023 في إطار زيارة دولة.فرنسا كانت من أنصار المرحلة الانتقالية في الجزائر خلال الحراك، لكن الشعب الجزائري اختار الانتخابات. وان الشعب الجزائري هو من سيُقرر إن كنت سأترشح لعهدة ثانية.واعتبر رئيس الجمهورية أنه “يتعين على فرنسا التخلص من عقدة المستعمر كما على الجزائر التحرر كذلك من عقدة المستعمر، فالجزائر الآن قوة افريقية لا تمت بصلة لما كانت عليه في 1962”.ولدى تطرقه إلى مسألة الذاكرة، ذكر رئيس الجمهورية أن قرار تنصيب لجنة المؤرخين من الطرفين قد اتخذ من طرفه ومن قبل الرئيس الفرنسي، مشيرا الى أن “جزء من زمن الاستعمار يجب تحريره من السياسة وتركه للتاريخ”.

يخطأ من يظن أن الأمر غير مدبر بليل , لكن وهذا الفرق بين الحديث من منطلق معلومات وبين التحليل , الذي نكتفي به لأنه المتاح .

— تهميش —–

(1) السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافيي دريونكور XAVIER DRIENCOURT

(بين عامي 2008 و2012، ثم بين 2017 و2020).تجربة صدر له كتابين : مارس 2022 تحت عنوان اللغز الجزائري l’Enigme Algérienne سردية لنشاط سفارة فرنسية في الجزائر. في 9 ديسمبر2022 كتابه الثاني عن الجزائر ( ايفيان والموقف الدولي منه ) ، الذي يصف ردود فعل العديد من البلدان على اتفاقيات إيفيان واستقلال الجزائر. شهادات فريدة.

(2) الإشارة إلى إسقاط الثورة الجزائري للجمهورية الفرنسية الرابعة ( 1946- 1958) . فيه ” ان ” وقد يفهم فهما مزدوجا .

دستور الجمهورية الرابعة 13 أكتوبر 1946.أسست الحكومة نظام ضمان اجتماعي شامل تعهد بتأمين البطالة، وتأمين المعاقين وكبار السن من أصحاب المعاشات، وبالرعاية الصحية لجميع المواطنين. تشكلت 21 حكومة على مدار تاريخها الذي إمتد لإثنى عشر عاماً. علاوة على ذلك، ثبت أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع السيطرة على المستعمرات الفرنسية . بعد سلسلة من الأزمات، وأبرزها الثورة الجزائرية 1958،التي سارعت باسقاط الجمهورية الرابعة.

(3) Lors d’un entretien avec l’écrivain Kamel Daoud à l’hebdomadaire «Le Point», Emmanuel Macron ne demandera pas «pardon» pour la colonisation de l’Algérie «Je n’ai pas à demander pardon, ce n’est pas le sujet, le mot romprait tous les liens.» . a également invité son homologue algérien à se rendre en France en 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى