الديمقراطية مسؤولية وثقافة والتزام
قاسم معلة حسين
ــــــــــــــــ
الحاكم في النظام الدكتاتوري يفرض نفسه بالقوة ويتجاهل اي مطالبات شعبية او حقوقية بالتنحي وهو امر طبيعي فهو يستعين بالجيش والمخابرات ويظل جاثما على صدور الناس ولكن الامر يختلف قدر تعلقه بالديمقراطية ففي هذه الاخيرة آليات حاسمة تنبثق اساسا من مجمل الثقافة الديمقراطية وتقاليدها المعروفة وكذلك من خلال صندوق الاقتراع الذي يعكس مفاعيله على عموم مؤسسات الحكم والسلطة والنظام الاجتماعي. فالمسؤول الذي تجاوزته المرحلة واعطى ما عنده عليه ان يغادر موقعه لعناصر وطاقات جديدة عسى ان يكون لديها التوثب والحماس اللازم والافكار المناسبة لبدء مرحلة جديدة مختلفة ببرامج جديدة . المسؤول القديم بحكم الواقع يجب ان يرحل فاسحا المجال والزمان والمكان لغيره فلكل مرحلة رجالها وآفاقها واشتراطاتها بفرضية ان الانسان بطبيعته محدود القابليات ولايمكنه ان يغطي جميع المراحل والازمنة . كما ان الظروف الاقليمية والعلاقات الدولية تفرض تاثيراتها ايضا فالعالم بات مثل قرية صغيرة ويتأثر ببعضه البعض بطريقة او اخرى. ان من اخطر الآفات تمسك المسؤول بموقعه سواء الحزبي او الحكومي رافضا اي تغيير يطاله زاعما انه القدر الدائم والمطلق الذي يجب الايعترضه عارض وهذا الشعور هو ما يجعل الامم والحركات والشعوب تراوح مكانها وتنغلق على ذاتها لانها باتت اسيرة فكر محدد ورؤية احادية بعيدة عن الواقع ومتغيراته التي لاحدود لها في عالم تتسارع فيه التطورات السياسية والاقتصادية والعلمية . ومن الامثلة الحية والقريبة مثال رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون فعلى الرغم من انه شاب في مقتبل العمر وكانت شعبيته الاعلى في بريطانيا الا انه استقال فور اعلان نتائج استفتاء البريكست وقال بصراحة انها مرحلة جديدة تتطلب شخصا غيري . وغادر وانزوى ولم يعد له ذكر . ان ثقافة مغادرة الموقع هي التزام اخلاقي قبل كل شئ يجب ان تسود في واقع العراق بما اننا اخترنا المشروع الديمقراطي فهو مشروع متكامل ولايتجزأ ويجب احترام اسقاطاته وتداعياته وبخلاف ذلك تعم الفوضى ويختلط الحابل بالنابل ويخسر الجميع .
قاسم معلة