الحل النّاجع للأمراض النفسيّة
رشيد مصباح(فوزي)
**
يعتقد بعض النّاس أنّه بمجرّد آداء ركعات وامتناع عن الأكل والشراب قد حقّقوا الغاية من الدّين. ثم حين تعترضهم بعض المشاكل والصّعاب، فإنّ ذلك يضعف مناعتهم ويتملّكهم اليأس ويقنطوا من رحمة الله. مع علمهم أن سبب هذه الأمراض النفسيّة الرّوحيّة هو الاعتقاد الخاطئ بأن التديّن هو القيام ببعض الحركات والامتناع عن الأكل والشراب لفترات معيّنة، مهملين بذلك الجانب الخُلقي والرّوحيّ التعبّدي، باعتبارهما أسمى الغايات؛ فما الغاية من وراء هذه الطّقوس إن لم تترك أثرها في النّفوس؟
بسبب أمور بسيطة وتافهة تجد بعض النّاس يعاني من الأرق والقلق المزمن… وغيرها من الأمراض النفسية التي أصبحت ميزة في عصرنا هذا. وآخرون يعانون من الخلافات وتدهور العلاقات فيما بينهم، وإذا ما رجعنا إلى الأسباب قد نجدها بسيطة وتافهة هي الأخرى. وحلّها يكمن في فهم الدين الفهم الصّحيح؛ بتنفيذ أوامر الله والانتهاء عند نواهيه. كما كان عليه النّبي صلى الله عليه وسلّم والصّحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
إن معظم المشاكل النفسيّة، كالتي نعاني منها في هذه الأيّام، بدايتها تكون مجرّد فكرة متسلّطة وتؤثّر فينا وتتملّكنا، وتغدو طبيعة فينا لا نستطيع التخلّص منها. وفي مثل هذا يقول (ابن القيم) ــ رحمه الله ــ: ((دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة. فدافع الفكرة، فان لم تفعل صارت شهوة. فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة، فإن لم تدفعها صارت فعلًا، فإن لم تتداركها بضدّه صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها)).
وفي مثله ذهب بعض الفلاسفة والمفكّرين، وعلماء النفس المعاصرين من بينهم (بيير داكو) صاحب كتاب: “الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث”).
إن جحود الحضارة الماديّة المعاصرة لتراثنا الرّوحي سبب من أسباب تفشّي الأمراض النّفسية التي نعاني منها في هذه الأيام. وإذا كان الانسان في هذا العصر قد أبان عن قدراته في تطوير وتطويع الوسائل والأساليب الماديّة بطريقة تفوق الوصف والخيال فإنّه مع ذلك بقي عاجزا عن إيجاد حلول للمشاكل النفسيّة التي يعاني منها الإنسان في هذا الزمان.
إن إصرار الحضار المعاصرة على العلوم التجريبية، مع تجاهلها لتراثنا الرّوحي لحل معضلة المشاكل والأمراض النفسية المستعصية، وذلك بسبب خلفية عقائدية، زاد الأمور تعقيدا، و لم تفلح معها جميع الأدوية الكيماوية المصنّعة في مخابر الشركات الربحيّة المجهّزة بأحدث التقنيّات في توفير الطمأنينة الغائبة على الرّغم من توفّر جميع أسباب الرّفاهيّة ووسائل الرّاحة في هذه الأيّام، ما جعل النّاس يلجأون إلى ممارسة بعض الطقوس مثل “اليوچا” وغيرها للتخلّص من التوتّر وبعض الأمراض النفسيّة التي تؤدّي إلى الكآبة، ولو علم هؤلاء ما في هذا التراث؛ الذي هو تراث ديننا الإسلامي، “من حلاوة و طلاوة” لأتوه حبواً. وهو علاج ربّانيّ ناجع لكثير من الأمراض النّفسيّة والعضويّة، خالٍ من الأثار الجانبيّة (كما هو الشأن بالنسبة للأدوية المصنّعة).
قال الإمام بن أدهم: «لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السرور والنعيم إذًا لجالدونا عليه بالسيوف».
قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.