أحوال عربية

الحريديم يختارون الموت بدلاً من التجنيد

وقت نتنياهو انتهى… الحريديم يختارون الموت بدلاً من التجنيد

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

بعد أعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “نتنياهو” عن هدف الحرب والذي يشكك جيشه في إمكانية تحقيقه، وفي تصريحات مختلفة، وعد نتنياهو بمحو حماس من على وجه غزة، ولم يوضح المعنى العملي لهذا الالتزام، ولكن كيف سيتم تحقيق هذا الهدف؟ ومتى سيعرف الجيش الإسرائيلي والحكومة أن إسرائيل قد خسرت بالفعل وغرقت في مستنقع غزة.

اليوم تشهد الإدارة الإسرائيلية تخبطاً سياسياً كبيراً منذ أن شنت قوات الاحتلال حربها على قطاع غزة، فخلال الأيام الماضية، قفز إلى الواجهة موضوع إجبار تجنيد (الحريديم) وإنخراطهم في صفوف الجيش، ولكنهم يفضلون الموت على التجنيد، خصوصا مع استمرار الحرب على غزة وحاجة جيش الاحتلال إلى أكثر من 20 ألف جندي إضافي، وفي الوقت نفسه يتخذ الإسرائيليون خطوات عملية غير مسبوقة نحو الهجرة ونقل الأموال وشراء العقارات في الخارج.

وقد وجد نتنياهو نفسه أمام خطر حقيقي يهدد بتفكيك الائتلاف الحكومي، عقب تحريك مشروع “قانون التجنيد” الذي دأبت الحكومات المتعاقبة في العقد الأخير على تأجيله، لضمان استمرار دعم الأحزاب الحريدية لها وتجنب إسقاطها.

فمفاعيل تلك المعركة تشير إلى تآكل بنية وجود إسرائيل من خلال هروب الإسرائيليين الكثيف إلى الخارج تحت وطأة المشاكل الداخلية وصمود المقاومة الفلسطينية أيضاً ونبوءات ومخيفة عن زوال قريب.

ويشير دخول الإسرائيليين إلى دائرة النزوح وسقوط صواريخ المقاومة في تل أبيب وجنوب القدس وتعطيل جلسات أعضاء الكنيست وهروبهم إلى الملاجئ بالصورة القاتمة إلى زيف مقولة الأمن والاستقرار، ويعطي انطباعاً للإسرائيليين عما قد يحصل في المستقبل القريب، فباتوا يتفقدون جوازاتهم لاستخدامها عند الضرورة.

بالنسبة للإسرائيليين لم تعد إسرائيل آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار والأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وذلك لان المواجهات العسكرية لم تعد محدودة، بل أصبحت ضربات المقاومة تستهدف كل إسرائيل وبشكل موجع، وبذلك فقد الجيش الإسرائيلي قدرة الردع، وظهرت حقيقة ضعفه، وبالتالي لم يعد “المشروع الإسرائيلي” بأبعاده الدينية التاريخية مغرياً وعنصر جذب لليهود للبقاء.

وفيما تبدو الحكومة الاسرائيلية مشغولة بملابسات الهزائم المتلاحقة والتحولات الاستراتيجية في الحرب، حيث إرتفع الجدل وسط إتهامات مباشرة لنتنياهو من داخل الحزب الحاكم بأنه هو الذي ورط اسرائيل في مُستنقع المقاومة نتيجة طبيعية لفشله السياسي.

لذلك نتنياهو أمام معادلة صعبة ، ضغوط داخلية لم تتوقف بالتهديد بإسقاط حكومته، وضغوط خارجية لقبول تفاهمات دولية لوقف الحرب في ظل سقوط المزيد من المدنيين الفلسطينيين، وما بين الخارج والداخل يبدو مصير نتنياهو معلقاً ما بين الخيارين، في ظل أهداف وضعها في 7 أكتوبر، بات تحقيقها صعباً للغاية وأهمها القضاء على المقاومة والإفراج عن الرهان والأسرى الإسرائيليين.

ببساطة، أن الحرب بالنسبة لنتنياهو هي مجرد بقاء في السلطة، ومصالحه تعني استمرار الكوارث والحروب التي بدأت بسبب أنانيته السياسية وحب السلطة، ومن هنا يعود ليورّط نفسه متجاهل دروس الماضي لكنه مضطر إلى لعب هذا الدور لتحقيق أهدافه.

لا شك ترتكب إسرائيل مقامرة خطيرة في غزة ، حيث أن تدخلها لا يحظى بأي شعبية في العالم، بذلك تفقد إسرائيل تدريجياً أهم عوامل القوة التي تتحصن بها، ليضاف كابوس جديد يقض مضجع تل أبيب وزعمائها السياسيين، وهو إستمرار رجال المقاومة بتحقيق الإنتصارات على جميع المستويات والجبهات، ومن هنا لم تعد عبارة زوال الكيان المؤقت مجرد حلم أو شعار، بل صارت هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه، خاصة بعد الإعداد والاستعداد من قبل رجال المقاومة لمواجهة إسرائيل الإرهابية، ومراكمة الإمكانيات والخبرات التي يملكها هؤلاء الرجال.

بموازاه ذلك يبدو أن إسرائيل أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، بهمة المقاومة وبهمة من لا يريدون أن تدنس أرض الانبياء بأقدام أقزام الارهاب .. إسرائيل سوف لن تبقى منها الا ذكريات القتل والتدمير التي خلفتها طوال السنين العجاف ، ذكريات مزينة بلون الدم ورائحة الموت.

وأختم بالقول…. إن الحرب قادمة لا محالة، وأن المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما إما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية شاملة ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى