الحرب المغربية الإسبانية الجديدة

زكرياء حبيبي

عكس ما تم الإعلان عنه غداة الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى الرباط الشهر الماضي، بشأن نقل إدارة المجال الجوي للصحراء الغربية، في أعقاب الابتزاز الذي مارسه نظام المخزن على رئيس السلطة التنفيذية الإسبانية فيما يعرف بقضية تدفق الهجرة، والأعمال المربحة المثيرة لسانشيز وزوجته في مملكة الحشيش، وبالطبع فضيحة التجسس على هواتف كبار المسؤولين الأيبيريين، والتي تسمى فضيحة بيغاسوس، لا تزال مدريد ينتابها شك كبير فيما يتعلق بسياسة التوسع المفرط لمحمد السادس ونظامه المخزني.

في هذا السجل، تجدر الإشارة إلى عودة ظهور النزاعالبحري بين السواحل المغربية والكناري. وتحتوي المياه التي سيتم التفاوض عليها، والواقعة غرب المغرب وجزر الكناري، تربة تحتية غنية بالتيلوريوم والكوبالت وغيرها من المعادن النادرة التي تعتبر ضرورية للاقتصاد الحديث.

علاوة على ذلك، لا يُستبعد أن تتفاقم الأمور فيما يتعلق بالسيطرة على هذه المنطقة البحرية الواقعة غرب جزر الكناري، والتي تمتد على مساحة 350 ميلاً. ومن بين هذه الـ 350 ميلاً، توجد منطقة مساحتها 200 ميل في الجنوب الغربي تسمى جبل تروبيك، حيث تتداخل المياه الإقليمية للجانبين.

يوجد في هذه المنطقة جبل بحري يحتوي على رواسب قوية من التيلوريوم والكوبالت. ويعتبر هذان المعدنان ضروريين لصناعة الألواح الشمسية وبطاريات السيارات الكهربائية، وهما عنصران أساسيان في الاقتصاد المتجدد. وبالتالي، فإن من يسيطر على هذه المياه، سيستفيد بالتأكيد من استخراج هذين العنصرين من أرضيتها، مما سيوفر مزايا اقتصادية، وكان نظام المخزن قد حاول بالفعل السيطرة على جبل تروبيك في عام 2020، لكنه تراجع في النهاية بسبب عدم حصوله على الدعم الدولي اللازم.

وفي هذا الصدد، فإن اصطفاف بيدرو سانشيز مع موقف المحتل المغربي فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، وخضوعه لإرادة المخزن، يمكن أن يدفع نظام الأخير إلى ضم جبل تروبيك بنفس الطريقة التي حاول بها سنة 2020.

علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه المنطقة البحرية لا تتعلق بمدريد والرباط، بل أيضا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. 

وفي هذا الصدد، فإن قرار محكمة العدل الأوروبية بتعليق اتفاقيات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على أساس أنها تشمل الصحراء الغربية – التي لا تعتبر مغربية – قد يلعب دورا رئيسيا في عرقلة المفاوضات بين مدريد والرباط، خاصة إذا قررت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية جرّهم إلى محكمة العدل الأوروبية لتقييم مدى شرعيتها.

جبل تروبيك، رواسب التيلوريوم، بسعة أكبر بـ 50.000 مرة من قدرة الرواسب الأرضية

كان فريق من الباحثين البريطانيين قد استكشف بالفعل قاع البحر قبالة سواحل جزر الكناري، وحدد رواسب التيلوريوم بمحتوى أعلى بـ 50000 مرة من محتوى الرواسب الأرضية. هذا المعدن النادر القريب من السيلينيوم هو شبه موصل يستخدم في أنواع معينة من الخلايا الكهروضوئية وفي أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء. ويحتوي جبل تروبيك ما بين 5% إلى 8% من احتياطيات العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى