أحوال عربيةأخبارأخبار العالمفي الواجهة

الروس وطوفان الأقصى حقائق مهمة

الروس وطوفان الأقصى حقائق مهمة

هناك نقاط مهمة جدا تجاوب على سؤال حيوي له علاقة في الموقف الروسي من مساندة العرب في قضاياهم وأيضا بالنسبة لموقفها بما يختص في عملية طوفان الأقصى وتبعاته على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية.

لقد شاهدت الجمهورية الاتحادية الروسية في حربهم العسكرية ضد أوكرانيا انه لا يوجد أحد من الدول العربية يساندهم ويقف معهم ما عدا “الجمهورية العربية السورية “، فليس هناك دولة عربية أخرى على المستوى الرسمي تساند الروس ما عدا السوريين.

وأيضا الأقاليم التي ضمتها روسيا الى أراضيها لم تؤيدها في ذلك أي دولة عربية ومنها شبه جزيرة القرم التي تم دمجه مع روسيا في العام 2014 ما عدا “سوريا” و “دولة السودان”، وحتى في مؤتمر القمة العربية الأخير الذي حضره الرئيس السوري د. بشار الأسد، تفجأ العالم وايضا الروس بأنه تمت دعوة الرئيس الاوكراني! للحديث في تلك القمة! وهو ما اعتبره الروس “موقف” عدائي” “غير مبرر” و “غير مفهوم” “منفعيا” بالنسبة للمصلحة القومية العربية، ونظرا اليه ب “عدم الارتياح” وقرأوه على انه “امر سلبي” وانحياز للطرف الاخر الاوكراني.

ورغم كل ذلك لم تتخذ الجمهورية الروسية الاتحادية أي ردات فعل اضرت العرب.

هنا علينا ان نفهم ك “عرب” على المستوى الرسمي والشعبي:

ان الحرب الروسية ضد اوكرانيا هي “حرب” “وجود” “روسية” وليست من الأمور السهلة التي سيتجاوزونها في هذه المرحلة، وخسارتهم العسكرية يعني “دمار الدولة الروسية” ودخول سيطرة حلف الناتو في كامل الجغرافيا الروسية من خلال النفوذ والسيطرة والتحكم بما سيؤدي لتفكك الجمهورية الروسية لدويلات صغيرة هشة ضعيفة لا تملك قرارها السيادي ولا استقلالها الحقيقي النابع من مصالحها القومية.

ان حلف الناتو حاليا هو يدفع بكل قوته الداعمة لأسقاط الدولة الروسية ومؤسساتها في مختلف أنواع الدعم العسكري والأمني والاقتصادي والدعائي الذي يتم تقديمه لأوكرانيا ضد الروس، الذين يعتبرون “تقدم” حلف الناتو الى مناطقهم الحدودية مع استغلال الموقع الجغرافي الاوكراني هو بمثابة “حرب إبادة ضد القومية السلافية وباقي الأرض الاوراسية مع قومياتها التابعة لجمهوريتهم وأيضا ضرب للموقع الديني الأرثوذكسي.

اذن خسارة الروس لتلك الحرب يعني نهايتهم واسقاط دولتهم مؤسساتيا وبلعها ضمن الليبرالية الجديدة التي يتبناها بخباثة حلف الناتو مع برمجة اللوطية والغاء الشخصية القومية والدينية وخلط الأعراق والغاء دور العائلة والأب وغيرها من الإفطار الابليسية.

والعكس هو الصحيح حيث مع كسب وانتصار الجمهورية الروسية هذه الحرب فأن في ذلك تأمين لجبهتها الداخلية، وضمان استقرار حدودها، ويتحول ما يتبقى من أوكرانيا “ان تبقى منها شيء!؟” لمنطقة عازلة فاصلة بينهم وبين منظومة الحلف الطاغوتي الربوي العالمي واداته العسكرية الممثلة في حلف الناتو.

لذلك هذه الحرب ليست “لعبة” عند الروس وليست “نزهة” والوضع الروسي الداخلي لا ستحمل فتح جبهة عسكرية أخرى في موقع جغرافي مختلف، فالمسألة حياة او موت، على العكس من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي واليته العسكرية الممثلة في حلف الناتو و “شلة” الدول الوظيفية التابعة، الذي في أسوأ احواله فأنه سيعتبر خسارة الموقع الأوكراني هو “خسارة اقتصادية”، وليس ضرب في وجودهم الشيطاني على الكرة الأرضية.

علينا ان نفهم انه هو عندما يشاهد الروس تفرق العرب وعدم اتحادهم وغياب تنسيقهم وتضاربهم في المواقف السياسية، فأنه مصلحيا وحسب حساباته القومية السلافية فلن يجد فائدة من دعم القضية الفلسطينية ومجمل القضايا العربية إذا كان هناك من العرب الرسميين يتأمرون ويتحركون مع أعداء العروبة !؟ ويخدمون في الموقف والحلف والانتماء الصهاينة، فليس من المنطق والعقل ان يكون السلافي الأرثوذكسي الاوراسي أكثر عروبة من العربي الرسمي.

صحيح ان الجمهورية العربية السورية لديها تصور محوري يريد ان يحشد القوة العربية من اجل فلسطين وهذا الامر موجود ومستمر ضمن عقلية عاشها ويمارسها حزب البعث الحاكم هناك منذ أيام المرحوم حافظ الأسد، حيث حاولوا “لملمة” الموقف العربي الرسمي ك “حالة موحدة” حيث نجحوا في مواقع زمنية وفشلوا في مراحل زمنية أخرى.

وسوريا القومية العربية البعثية الاصيلة قادت مشروع للتضامن العربي لتحشيد الامة العربية في الطريق الصحيح وبذلت كل طاقاتها وحركات دبلوماسيها وسياسييها المحترفين لذلك الهدف، وحتى كان دور سوريا القومية البعثية محوري ورئيسي واساسي في انشاء “مشروع مقاومة الشر الصهيوني” من خلال الموقع الجغرافي اللبناني تنسيقا وترتيبا مع حليفها البديل عن اقليمها الجنوبي المصري الذي دخل مع الصهاينة في معاهدة كامب ديفيد.

الان ضاع التضامن العربي وغاب التنسيق وهناك انشغال سوري في الحرب العالمية على أراضيها وغزو الأجانب الامريكان والاتراك والبريطانيين والفرنسيين والالمان والصهاينة المتواجدين داخل الجغرافيا الوطنية السورية، ومع ذلك استمر الثبات السوري القومي العربي في الموقف والمبدأ والصمود، ولكن تظل سوريا “موقع جغرافي عربي واحد”، وفي غياب العرب عن الوحدة والتنسيق والتضامن فأن الروس السلاف لن يكونوا عربا أكثر من العرب أنفسهم.

ان علينا ان نقرأ الساحة الدولية و كذلك على النظام الرسمي العربي ان يعرف ان هناك زمان جديد و ما بعد طوفان الأقصى ليس كما كان قبله , و ان هناك تراجع للحلف الطاغوتي الربوي العالمي عن مواقع سيطرته و نفوذه و هناك تنين صيني قادم و دب روسي متأهب و مجموعة اقتصادية عسكرية امنية تتمثل ب “دول البريكس” ستكون ضمن عالم متعدد الأقطاب , و منها سيتم تشكيل دول جديدة و مواقع للحكم مستحدثة حسب مقاسات مصالح هذه الأقطاب , و ما حدث بعد الحرب العالمية الاولي من فرض الكيان الصهيوني ك “قاعدة عسكرية” على حجم دولة فلسطين العربية المحتلة , اصبح في طريقه للزوال و النهاية بعد ما حدث في عملية طوفان القدس , و علينا ك “عرب” “رسميين” و شعبيين” ان لا نشاهد المشهد الاجرامي الدموي في قتل الفلسطينيين و أطفالهم و نسائهم بدون رحمة و لا شفقة فقط .

بل ان نشاهد ما هو إيجابي على المدي الزمني القادم من سقوط فكرة استمرار وجود الكيان العسكري العنصري الصهيوني وانكسار “وهم الجيش الذي لا يقهر، والموساد وأجهزة الاستخبارات التي تعرف كل شيء!؟ هذا كله سقط في مزبلة التاريخ وانفجرت فقاعات الوهم.

من الواضح ان استمرار وجود هذا الكيان في المدى الزمني المستقبلي أصبح من المستحيلات وطوفان القدس ثبت وحفر هذه القناعة ك “وشم في الروح” ف “فلسطين … كل فلسطين ستتحرر ليس ضمن خطاب عاطفي ولكن ضمن قراءة واقعية حركية تقرأ الحدث وتحسب ابعاد تأثيراته على كل واقعنا العربي، فقيادة الحلف الطاغوتي الربوي العالمي ممثلا في الولايات المتحدة الامريكية ليست هي فاذا القوة والسيطرة والتحكم أيام غزوها الغير قانوني للأفغانستان والعراق.

ان جيش الولايات المتحدة الامريكية المشغول في الباس رجاله “المخصيين” في التنانير واحذية الكعب العالي وترقيص جنودهم لن يكونوا في موقع رجولي للدفاع عن ارضهم الوطنية ناهيك عن دخولهم عسكريا في أراضي الاخرين.

ومن هو من العرب إذا ظل يعيش في زمان القطب الواحد “القديم” فأن الواقع الزمني القادم سيجرفه بعيدا الى مكان مختلف.

لذلك جزء من الفهم المطلوب هو ان نقرأ كيف نستفيد من روسيا ك “قوة إقليمية” في صراعنا الوجودي ضد الصهاينة، وان نستغل حاجتها الوجودية هي أيضا ضمن مصالحنا العربية، ومن يخالف هذا الكلام فأنه سيعيش خارج التاريخ وأساسا لن يكون له دور في المستقبل، فكما قلنا ما بعد “طوفان الأقصى” ليس كما قبله، والأيام بيننا.

د.عادل رضا

طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري

كاتب كويتي في الشئون العربية والاسلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى