الجالية الإسلامية تحيي ذكرى مناسبة الإسراء و المعراج لسنة بتأطير وإشراف مسجد ستراسبورغ الكبير
الجالية الإسلامية والعربية المغاريبية تحيي ذكرى مناسبة الإسراء و المعراج لسنة 1446هــ/2025م. بتأطير وإشراف مسجد ستراسبورغ الكبير,
بأجواء إيمانية مفعمة بالروحانية والتأمل وبكل محبة وايمان، أحيت الجالية الإسلامية عامة والعربية والمغاريبية بمسجد ستراسبورغ الكبير بفرنسا لسنة 144هــ-2025م, بتأطير وإشراف مسجد ستراسبورغ الكبير, بمناسبة ذكرى ليلة الإسراء والمعراج كعادته السنوية بإحياء كل المناسبات الدينية والموسمية على غرار باقي الجهات، على سيد البشرية سيدنا وحبيبنا إمام المرسلين وخاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة والتسليم نبينا محمد بن عبد الله، الذي أسري به ليلة 27 من شهر رجب في رحلتي الإسراء والمعراج الخاصة به للتخفيف عنه وتكريمه كما جاء في أثر السلف من سيرته العطرة.
وتم الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج من خلال اللقاء الإيماني الّذي عقد في أمسية روحانية في مسجد ستراسبورغ الكبير المسجد المتربع على بقية المساجد بستراسبورغ بمنطقة الألزاس شرق فرنسا. موقعا استراجيا، مساحة وعددا يوفق مئات المصلين و الرواد.
حيث يحتفل المسلمون في أرجاء بقاع المعمورة كل سنة بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة 27 من شهر رجب. روحانية وإيمانية. بأنها ليلة عظيمة، والتي تعد معجزة من المعجزات التي حصلت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأن شهر رجب يعد من أفضل الشهور التي يمكن للعبد أن يتقرب فيها إلى الله عز وجل، فيستحب فيها الصيام والقيام بالصلاة والتلاوة وكثرة الإستغفار والتسبيح والتحميد والصدقات والصلاة على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
بحيث تقام الإحتفالات بالمناسبة الدينية والثقافية والإجتماعية كل ونظرته ورؤيته لطريقة الإحتفال وإمكانياته وخصوصياته وقدراته سواء المادية أو الإجتماعية, ومن بين هاته الإحتفالات التي تقام في ربوع بقاع العالم الإسلامي إحياء مناسبة الإسراء والمعراج عامة بالمساجد خاصة بالدول العربية والمغاربية منها, توارث المسلمين هاته المناسبة الكبيرة وانتقال السلف من المهاجرين خارج الديار منها الدول الأوروبية عامة منها فرنسا بحكم الحقبة الإستعمارية , في جو مكن الجالية المغاربية من التلاحم والتضامن فيما بينهم والتفكير في توفير أماكن للعبادة منها إقامة الصلوات الخمس والجمعة والأعياد ومنها التفكير في بناء مساجد والتي تمت بحمد الله والتي توسعت رقعتها لعشرات المساجد والمصليات عبر أرجاء مدينة ستراسبورغ منها مسجد ستراسبورغ الكبير.
الإسراء والمعراج:
الإسراء والمعراج هي رحلة زمانية ومكانية خص الله بها نبيه وحبيبه سيدنا محمد رسول الرحمة المرسل للبشرية جمعاء، رحلة انطلقت من مغرب السادس والعشرين من شهر رجب إلى ليلة السابع والعشرين 27 منه باتفاق علماء الجمهور.
رحلة أرضية خاصة وفريدة من نوعها، هيأها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى القدس الشريف، ومن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة أرضية ليلية.
والمعراج رحلة من الأرض إلى السماء، من القدس الشريف إلى السماوات العلا، إلى مستوى لم يصل إليه بشر من قبل، إلى سدرة المنتهى، إلى حيث يعلم الله عز وجل بخصائصها.
ولسوف يعطيك ربك فترضى:
بعد الحزن يأتي الفرح و بعد العسر يأتي اليسر فلا حزن و لا عسر يدوم، ما دام العبد واثقا من ربه سبحانه هو خالقه القادر على كل شيء.
رحلتي الإسراء والمعراج، هي رحلة علمية برؤى مختلفة مثلت حدثا فارقا في تاريخ الإسلام برمته، وحملت الكثير من المعاني والدلالات والدروس والعبر عبر عديد المحطات من خلال التأملات المتعددة التي ما زالت ممتدة إلى وقتنا الحالي هذا، منذ القدم ومتواصلة في حاضرنا المعاصر، وستظل مستمرة تمدنا بالكثير من الدروس وتنيرنا بالعبر وآلاف التأملات من مواعظ وإرشادات لا تعد ولا تحصى، لأنها إحدى المحطات جد المهمة في تاريخ الإسلام كله والبشرية جمعاء وبعثة الله لنبيه الحبيب رحمة للعالمين.
فجاءت رحلة الإسراء والمعراج كمكافأة له للتخفيف عنه ومواساته ومنحة ربانية كهدية غير متوقعة، على ما لاقاه من آلام وأحزان، ونَصب وتعب، في سبيل إبلاغ دين الله ونشر دعوته، مسحت ومحت أحزانه وأفرحته وأسعدته وأدخلت البهجة والسرور إلى قلبه و رزقته من حيث لا يعلم و جمعته بالأنبياء والمرسلين وصلى بهم وهو خاتم النبيين و المرسلين.
إحياء ذكرى الإسراء والمعراج:
افتتحت الأمسية بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم، وكلمة ترحيبية و تذكير بالمناسبة مداخلة قيمة بعد الصلاة والسلام والثناء على حمد الله بالتعريف بالمناسبة وعناصرها، من حيث مضمونها وجوهرها، زمانها ومكانها وفصول محطاتها. بحيث أراد الله سبحانه وتعالى أن يربط بين المسجدين، المسجد الحرام الذي بدأت منه رحلة الإسراء، والمسجد الأقصى الذي انتهى إليه الإسراء، أراد الله عز وجل لما يعلمه بعد ذلك أن يرتبط في وجدان المسلمين هذان المسجدان، وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله تعالى (الذي باركنا حوله)، وصف الله هذا المسجد بالبركة، وهذا قبل أن يوجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن المسجد النبوي لم ينشأ إلا بعد الهجرة إلى المدينة المنورة فأراد الله أن يوطد هذا المعنى ويثبته في عقول الأمة الإسلامية وقلوبها، حتى لا يفرطوا في أحد المسجدين، والذي صلى فيه المسلمون مدة طويلة من الزمن، حينما فرضت الصلاة عليهم، كان المسلمون يصلون إلى بيت المقدس، كان بيت المقدس قبلتهم، قبل تحويلها إلى المسجد الحرام، فهي القبلة الأولى، وهي أرض الإسراء والمعراج، وهو المسجد الذي لا تشد الرحال إلا إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبهذا كانت القدس هي المدينة الثالثة المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة.
رحلة الإسراء والمعراج. مقدمات ومقاصد:
جاءت رحلة الإسراء والمعراج في خضمِ أحداث اشتد وقعها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لهذه الرحلة مقدمات كثيرة كانت بمثابة تهيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليقبل على هذه الرحلة مستشعرا حاجته وحاجة الأمة كلها لها، كما كان لهذه الرحلة مغاز ومقاصد أراد الله عز وجل أن تصل إلى نبينا الكريم، وإلى عقولنا وقلوبنا جميعا، لندركها ونتبعها، ونسير على هداها.
حماية داخلية وحماية خارجية:
كان لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى أن يحمى حمايتين ماديتين قبضهما له الله عز وجل وهما حماية خارجية وحماية داخلية:
الحماية الخارجية:
فتمثلت في وفاته عمه أبي طالب، الذي كان يحميه من أذى المشركين ويدافع عنه ناصرا له، خاصة وأن عدم إسلام أبي طالب كان سببا في مجاملة الكفار له، وهو مؤثر على الحبيب المصطفى.
الحماية الداخلية:
فتمثلت في وفاة رفيقة حياته مصدقته ومؤازرته السيدة خديجة رضي الله عنها، والتي كانت له السكن الذي يلجأ إليه في البيت، فتمسح بيد الحنان والعطف، وبيد الرعاية على متاعبه من حركة الحياة التي يحياها، وبذلك هيأ المولى عز وجل لحماية النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته ومؤازرته مصدرا إيمانيا في البيت، ومصدرا غير إيماني في الخارج، فحين يكون هذان المصدران بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون حياته في الخارج مكفولة الحماية بسبب عمه، وفي الداخل مكفولة الأمن والاطمئنان والاستقرار والهدوء بواسطة زوجه الحنون.
ولكن الله عز وجل شاء أن تموت زوجته السيدة خديجة في نفس العام الذي مات فيه عمه أبو طالب، العام العاشر من بعثته صلى الله عليه وسلم، وهنا يفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم السكن الذي كان يأوي إلى حنانه وعطفه، كما فقد الحماية الخارجية.
الربط بين العقائد والمقدسات:
إن تقدير الله عز وجل لأن تكون رحلة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لا يخلو من حكمة عظيمة، وإشارة بليغة، فهذا المسار المخطط من قبل الله عز وجل قد ربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدُن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، كما يربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعا، وكأنما أريد بهذه الرحلة الكبرى إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، واحتضانه لها، وحمايته لها، وارتباط هذه الرسالة بتلك الأماكن جميعًا، فتصبح هذه الأماكن جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الخاتمة، ولا يحق لأحد أن ينكر على أصحاب هذه الرسالة اهتمامهم بتلك الأماكن، والدفاع عنها ضد أي اعتداء.
لم تخلوا رحلة الإسراء والمعراج أيضا من مغزى آخر، وهو أن الله عز وجل أراد أن يبلو ويختبر المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيرى مدى صدق إيمانهم، وثبات عقيدتهم، عندما يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم أخبار هذه الرحلة التي لا يتصورها عقل في هذه الحقبة من الزمن، هل سيثبتون على تصديقه صلى الله عليه وسلم، أم ستتخلخل عقيدتهم، وينهار إيمانهم من تكذيب القوم له، ولم يدفعه ذلك لكتمان أمر هذه الرحلة، فإن ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بالحق الذي جاء به، جعلته يصارح القوم بما رأى، كائنا ما كان رأيهم فيه. وقد بادر كثير من المؤمنين بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، واهتزت قلوب بعض منهم، فارتدوا عن الإسلام بالفعل، واتخذها بعضهم مادة للسخرية والتشكيك، ولكن هذا كله لم يكن ليقعِد الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجهر بالحق الذي آمن به، وفي هذا مثل لأصحاب الدعوة أن يجهروا بالحق، ولا يخشون وقعه في نفوس الناس.
المغزى من الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج:
يعرف منذ القدم حسب الدراسات والبحوث والكتابات العديدة المتعلقة بالإسراء والمعراج، أن عموم الناس متمسكون و مصرون على الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج وإحيائها بكل روح إيمانية عقائدية، وتعتني بهذه المعجزة من خلال المشاهد التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته على واقعنا الحالي المعاش لنقوِمه ونصلح ما أصبحنا عليه من اعوجاج وفساد وخروج عن الدين، بالإضافة إلى قراءة المشاهد التي رآها في ضوء الحياة، ولنقرأ ذلك على وجهين مختلفين، قراءة واقع، وقراءة نص في ضوء واقع، وذلك لأن قراءة النصوص في ضوء الواقع هي مفتاح القراءة الاحترافية المثمرة، وتعد فريضة لأنها تخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، فضلا عن أن التفكير العلمي المنهجي نعمة من الله سبحانه و تعالى.
إن ذكرى الإسراء والمعراج، ذكرى عطرة تلامس قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض عامة وبأرض الغربة بديار المهجر للجالية الإسلامية المتمسكة بتعاليم دينها وعلى نهج سلفها من الآباء والأجداد، محافظة على مورثه و تاريخه المجيد. حيث تمثل جزءا أصيلا من مكونهم العقدي، كما أنها معجزة الإسراء في مضمونها تحيا بها نفوسهم، بما تحمله في طياتها من معاني دروس وعبر ومواعظ وإرشاد، حيث جاءت لتبين لنا الثقة بالله وذلك من خلال تكريمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مشواره الحافل بالمآثر والمناقب, من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبعد معاناة كبيرة من أذى قريش وبطشهم، مؤكدا أن رحلة الإسراء والمعراج قطعية الثبوت لأنها ثابتة بالقرآن والسنة، حيث أنزل المولى عز وجل سورة الإسراء، كما جاء ذكر معجزة المعراج في سورة النجم، موضحا أن جميع هذه الآيات هي آيات صريحة لا تحتاج إلي تأويل أو بيان، بالإضافة إلى الأحاديث الواردة في صحيح البخاري ومسلم، وقد تلقت الأمة بالإجماع ما جاء في البخاري ومسلم بالقبول، وبين أن جمهور العلماء المسلمين في كل مكان وزمان أجمعوا على وقوع معجزة الإسراء والمعراج.
فقرات يرمانج الإحتفال :
تضمنت فقرات برنامج احتفال احياء مناسبة ذكرى الاسراء و المعراج كما يلي:
أمسية دينية محضة خاصة , إيمانية روحانيةعلمية ثقافية تروي رحلة الصعود الليلية لسيدتا و حبيبنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه للسماء العلياء.
سرد قصة تفاعلية عن الاسراء والمعراج ودروس روحانية
فسحة تبادل حر في الأسئلة و أنشطة تأمل عن المناسبة.
مسابقة بمناسبة الاسراء والمعراج مع تقديم جوائز للفائزين بها.
فضاء الأطفال بتخصيص طاولات للرسم. للإستمتاع بوقتهم الثمين و إحياء المناسبة من خلال تصوراتهم الفكرية.
مجالس روحانية بالمناسبة.
وختامها مسك دعاء ختم المجالس.
كانت ليلة دينية مفعمة روحانيات إيمانية و بصدق خشوف و تأميل للأفراد الجالية و حضور مميز كبار وصغار , عاشوا في ساعات من الفرحة والسعادة الإيمانية التي طالما ينتظرونها اعاداها على الجميع بالخير و اليمن و البركات وبصالح الأعمال,
وعليه : بالرغم أن تواجد الجالية الإسلامية في العصر الحديث بالمهجر في أرض غير أرضهم الأصلية أرض أسلافهم المسلمين أين يصعب القيام بعبادتهم بكل أريحية توقيتا وزمانا ومكانا إلا من أسعفته الظروف. ورغم ذلك يحرص مسجد ستراسبورغ الكبير على إحيائها. في ككل مناسبة وحدث. المسجد الذي بات منارة مشعة لجميع المصلين لمختلف الجنسيات منذ أن رأى النور ودخل حيز الخدمة الفعلية.
فرغم ذلك فإن الذكرى والمناسبات الدينية العريقة لم تندثر ولم ينساها المهاجرين، إذا يورثونها لخلفهم من الأبناء والأحفاد بكل حرص كما توارثوها من سلفهم رحمهم الله كما أخبرنا كبارنا من رواد المساجد لمن لهم عقود من التواجد بستراسبورغ.
لأنهم عرفوا أنهم بدون التمسك بجذورهم سوف يضعون ويتيهون ويصعب عليهم الرجوع إلى جادة الصواب.وبذلك لا يورثون شيء لخلفهم. فمن هذا الباب والمنطلق أصبح أولى إهتمام القائمين على هذا الصرح المسجد العريق مسجد ستراسبورغ الكبير, من حيث نوعه ومضمونه مكانة وإسما.
فتحية شكر و تقدير لجميع القائمين الساهرين على مسجد ستراسبورغ الكبير, وعلى حرصهم الثممين على إحياء المناسبات و الأحداث الدينية الخاصة و تنظيمهم المحكم في نجاح الحدث بورك فيهم.
وبخاتام الأمسية أسدل الستار على إحياء مناسبة الاسراء و المعراج لسنة 1446هـــ/2025 على أمل اللقاء مجددا مستقبلا في مناسبة قادمة
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا.