التواصل الاجتماعي خطر ثقافي
يوسف السعدي
لكل أمة من الأمم ثقافة عامة يمتاز بها البلد عن غيره من البلاد، وهذا نوع من أنواع التباين والتفاضل بين البلدان، وهي تشكل مجموعة من القيم والمبادئ التي تميز مجتمع هذا البلد، في جميع جوانب الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، وتكون محل افتخار واعتزاز أبناء المجتمع، أن من نعم الله على العراق أن ثقافته العامة هي ثقافة الإسلام العظيم، والقيم العربية الأصيلة.
في الوقت الحالي أصبح هناك غزو ثقافي كبير للبلدان المتماسكة في بنيتها الاجتماعية، والعمل على تصدير كل ثقافة تساهم في هدم المجتمع المتماسك، وليس كما كان في السابق يتم الغزو الثقافي كما كان في السابق عن طريق المبشرين والرحالة، وإنما أصبح أكثر خطورة وسهولة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي يقضي عليه ناشئينا وشبابنا معظم ساعات يومهم.
أن عملية حماية ناشئينا وشبابنا من هذا الخطر يبدأ من الاسرة التي يجب أن تقوم بعملية التوعية، وتوضيح أهمية استغلال الوقت هذه المواقع الاستغلال الأمثل من خلال الاطلاع للاستفادة من العلوم الحديثة مع عدم التأثر بالافكار الغريبة على المجتمع العراقي صاحب الثقافة الاسلامية التي تحتويها هذه المواقع.
ايضاح ناشئينا وشبابنا أن عملية قضاء وقت طويل على هذه المواقع وما يسببه من أمراض جسدية ونفسية، أيضا جعل الانسان كالريشة تتقاذفه الافكار من كل طرف من دون أن يكون له القدرة على الحكم على صواب هذه الأفكار من عدمه.
بالاضافة الى حالة الجهل الفكري الذي تسببه هذه المواقع، وهذا الى يؤدي الى ضعف المنطق العام للشخص وعدم قدرته على التعبير بشكل صحيح عما يريده، لأنه لا يمتلك خزين كافي من العبارات التي تجعله قادرا على التعبير عما يريد، يجب علينا أن نوضح للشباب أنهم لا ينجروا و يأيدو اي كلام تتداوله هذه المواقع إلا عند تأكد من صحته، لما لهذا الأمر من عواقب وخيمة على أكثر من طرف.
أن مسؤولية توعية شبابنا من مخاطر هذه المواقع تتحملها جميع الاطراف، الاسرة، المدرسة، المجتمع.
لعل من المفاهيم الرائجة للغزو الفكري والثقافي وحدوثه في المجتمع المسلم من خلال ما تحدثه وسائل التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي التي أفردت مساحات الفضاء فيها المجال لإلغاء الحدود الجغرافية، وبالتالي نقل المجتمع إلى مجتمع آخر يحمل سمات جديدة ، ولما لها من تأثير قوي على المستخدمين وخاصة على شريحة الشباب تلك الشريحة التي تواكب العصر الذي شهد مولد هذه المواقع والتي وجدت عنده إقبالا وتداولا ، ونسبة لأهمية هذه المرحلة العمرية في تأثيرها على المجتمع والإسهام في بنائه وتعميره.
يُمكن تعريف مواقع التواصل الاجتماعيّ بأنها تقنيّة تُسهّل تبادل الأفكار والمعلومات من خلال التواصل بين المجتمعات الافتراضية، وهي تعتمد بشكل رئيسي على وجود الإنترنت المُتصل بأجهزة الحاسوب، أو الأجهزة اللوحيّة، أو الهواتف، وتُمكّن المستخدمين من الوصول بسرعة إلى المحتوى الذي قد يكون معلومات شخصيّة، أو مستندات، أو مقاطع فيديو، أو صور، وتُستخدَم مواقع التواصل الاجتماعي عادةً للتفاعل مع الأصدقاء والعائلة، كما أصبحت وسيلة للوصول إلى العملاء بهدف الترويج للمنتجات والخدمات، ويبلغ عدد عدد مُستخدمي هذه المواقع أكثر من 3 مليار مُستخدِم حول العالم؛ تتراوح أعمار 90% منهم بين 18 إلى 29 عاماً.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي ذو حدين، الإيجابي والسلبي، المفيد والسيئ. ولا ينكر متابع تأثيرهما على الرأي العام بمختلف الأعمار والعقول، بل غدت أسرع وسيلة لإيصال الرسائل والتأثير الجماهيري وحشد الجموع ونشر الحقائق والأكاذيب.. وممارسة أشكال من غسل الأدمغة وشراء الذمم وغيرها.. وأصعب أو أخطر تأثير لها في عدم فهم وتأمل العقول لما يكتب وينشر! أو إعادة التغريدة دون فهم! أو التعقيب بحماقة وسطحية لا يراد منها إلا طلب للشهر دون التفكير في عواقب الأمور..!
إنه وعلى الرغم من كل التغيرات التي طرأت على المجتمعات المعاصرة، فلا تزال الحياة الأسرية ذات أهمية وقيمة كبرى بالنسبة إلى كل فرد، لا تعادلها جماعة أخرى، ومن ثم فإن رعاية الأسرة وحمايتها من كل ما من شأنه التأثير في بنائها ووظائفها يعتبر من الأمور التي يحرص عليها أي مجتمع.
ولقد تزايد الاهتمام بالأسرة في عصر تتزايد فيه التغيرات وتتعرض حياة الفرد والمجتمع لاختبارات وتحديات، ولذا فإن وضع الأسرة في عصرنا الحالي مصحوب بالمخاطر وخصوصاً الأطفال، ما يتطلب معه الاهتمام بالأسرة ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضاً على المستوى الدولي.
وتكتسب الأسرة أهميتها من أنها تعمل على تحقيق عملية البناء والإنماء، حيث تقدم للمجتمع أثمن ثروة يعتمد عليها في بنائه ونمائه، ألا وهي الثروة البشرية. ومما لا شك فيه أنه في عالمنا المعاصر الذي تنتشر فيه الألعاب الإلكترونية على الأجهزة الذكية المتعددة، والتي هي بمتناول يد الأطفال من سن الروضة إلى سن الثامنة عشرة، أي مرحلة المراهقة الخطرة، يعيش فيها الطفل والمراهق في عالم افتراضي يأسرهما ويوجه قدراتهما وطاقتهما بسرعة فائقة نحو الجذب والتفاعل اللا إرادي، والتي يقضيان معها منعزلين ساعات طوالاً دون رقيب أو حسيب، وتجعلهما يعيشان عالماً افتراضياً يعزلهما عن الواقع، وتدفعهما بعد ذلك إلى ما لا تحمد عاقبته، ومن ذلك ما انتشر أخيراً من ألعاب تستهدف جميع الفئات العمرية، وخصوصاً الشباب، الأمر الذي بدوره أنهى دور الطفل التقليدي في محيط أسرته بالمشاركة والتفاعل الجماعي، ما يزيد مخاطر إصابته بسلوك الانطوائية والعدوانية، الشيء الذي مما لا شك فيه يتطور إلى أمراض نفسية وعدوانية معقدة، وخصوصاً الألعاب التي تكون نهايتها مأساوية مثل الانتحار، لا قدر الله، لأن هذه الألعاب تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها للأسف تستخدم أساليب نفسية معقدة وتجتذب محبي المغامرة وعاشقي الألعاب الإلكترونية، لأنها تستغل لديهم عامل المنافسة تحت مظلة البقاء للأقوى. وهو ما حصل بالفعل لأطفال في دول عربية شقيقة مع لعبة «الحوت الأزرق»، ولعبة «مومو» المميتة، ولعبة «تحدي الشنق» الموجود على تطبيق (تيك توك).
ان استراتيجية الغزو الثقافي النابعة من العولمة والياتها المتقدمة تسعى لسحق الثقافات القومية واختراقها ،والعالم الاسلامي قد اقترب من العالم الغربي الذي صدرت عنه العولمة عبر التاريخ مرات عديدة ،فلقد تاثر العرب في الغرب كثيرا بوسائل متنوعة اهمها كان الاعلام في بناء الافكار واعادة بناء الثقافات للدول الاسلامية وتفتيت الهويات فلقد تعرضت الثقافة العربية والاسلامية المعاصرة لموجات تشويه وتغيير كبيرة من تاثير العولمة سعيا من ورائها لاختراق الثقافة الاسلامية .