التعليم ..في جملتين مفيدتين.. مشروع تعليمي

سيامند حسين إبراهيم

عندما نسمع هذه الجملة يتبادر للذهننا المدارس الاوربية والامريكية الحديثة حيث يتواجد عدد كبير من الأبنية وملاعب وقاعات ومخابر علمية ووجبة غداء وإلى ما هنالك من مظاهر الاهتمام ولكن حقيقة هذا من شروط التعليم الناجح أي أنها ألية مناسبة للتطور والتقدم بالتعليم أما التعليم الناجح بمعناه الشامل فيعني ببساطة الجملة التالية (مواكبة التعليم لتطورات العصر الحديث وموائمة التعليم لسوق العمل) حيث أن مواكبة التعليم لتطورات العصر الحديث يعني تحسين وتحديث التعليم والعملية التربوية بشكل يجعل من الطالب يستفيد من دراسته في حياته.
إن التعليم من حيث النوعية يتفاوت من دولة إلى دولة ولكن بشكل عام فمصطلح التعليم الخشبي يعاكس مصطلح التعليم الحديث أو الناجح وهذا المصطلح يطلق في بلدان العالم الثالث بشكل عام من صفات هذا التعليم: اتجاه معظم طلابه إلى الدراسات الأدبية والفكرية أو الحشو الأدبي، أيضا اعتماد مناهج هذه الدول على الحفظ البصم دون فهم او ادراك للعلم المدروس بالإضافة إلى انعدام وسائل الحداثة والتطور في المدارس والأهم من كل هذا أن التعليم الخشبي لا يفيد المتعلم في تأمين مستقبل ناجح أو الإفادة في تطوير مجتمعه.
كمثال بسيط على ما سلف نحن نشاهد مئات الالاف من طلاب الكليات الأدبية يحفظون اشعار وقصائد وقصص مر على كتابتها الف سنة واكثر والمشكلة الحقيقية بأن هذا المتعلم بعد تخرجه سيدرك بأن كل ذلك الجهد العصبي والفكري في حفظ قصيدة لشاعر توفي منذ قرون يصف فيها قرية اندثرت منذ مئات السنين لن ينفعه في تأمين عيش كريم أو بناء مستقبل أو تطوير حياته أو حياة المجتمع. يحضرني هنا مثال طريف لبعض من اصدقائي تخرجوا من كلية الاقتصاد ولكنهم يجدون صعوبة كبيرة في الامساك برزمة نقود وعدها بشكل مناسب رغم براعتهم على الورق في كتابة عملية مصرفية (من حساب فلان إلى حساب فلان) وهذا هو اوضح مثال على أن التعليم لا يواكب سوق العمل او الحياة خارج اسوار المدرسة. الأكثر غرابة من كل هذا هو رغم وجود الكم الهائل جدا من درسة الكليات الأدبية في الوطن العربي فأنه نادرا ما نرى فيلسوفا أو باحثا تاريخيا يبحث في المواقع الاثرية أو جيولوجياً يدرس طبقات الأرض في مراكز بحث علمية او كتاب روايات وشعراء كما نجده في دول الغرب التي لا تولي اهتماماً كبيرا بالجانب الأدبي من التعليم كما تولي الجانب العلمي.
الجواب الذي يردده كل المسؤلون في دول العالم الثالث عن سبب عدم تحديث التعليم وتحويله إلى تعليم حديث تكنولوجي ومفيد هو عدم وجود امكانيات مادية لتطوير التعليم رغم أن تجربة الدول الصاعدة كماليزيا واندونيسيا وغيرها من دول شرق اسيا يفند هذا الادعاء حيث أن تلك الدول وقبل أن تطور أقتصادها حتى قامت بالتعاقد مع مدرسين وباحثين من الغرب للاستفادة من خبرتهم وجلبت اجهزة والات لمعهد او جامعة او مدرسة محددة بعينها ثم بعد أن تخرج طلاب هذه الجامعة اصبحوا الدفعة الأولى من طلبة العلم اللذين طوروا بلادهم وأخرجوها من فئة العالم الثالث. المفارقة في دولنا العربية والشرق اوسطية عامة هو وجود خريجين مبدعين من ناحية التكنولوجيا والاختراع ولكن نادراً ما نجد أحداً من هؤلاء يصنع جهازاً طبياً يساعد المرضى أو ينتج دواءً لعلاج مرض ما أو انتاج بذور زراعية هجينة ومفيدة للتربة الصحراوية التي تتصف بها معظم الدول العالم الثالث أو تطبيقاً مفيداً على الانترنت وحتى إن وجد فهو للحجز في فندق أو مطعم أو لحساب الوزن والعمر ونسبة الحب!
وذلك ليس لعدم وجود كفائات أو عقول منتجة ونيرة بين شعوب العالم الثالث بل لعدم وجود دعم من القطاع العام او الخاص للإنتاج المحلي من ناحية التطوير والبحث العلمي والاكتفاء بالمستورد رغم غلائه وقلته وذلك لأسباب ربحية بحتة فقط لا غير.
الفكرة الأكثر تراجيدية في الدول العالم النامي هو محبة شعوبها للتعلم والانعتاق من الجهل وتطوير نفسها لتواكب الدول المتقدمة نحن لا نطالب بتهميش الاداب والعلوم الفكرية والثقافية على العكس تماماً بل بإيجاد فرص عمل حقيقية وتلائم اختصاصاتهم حسب تطور ظروف الحياة واشغالهم في مجالات دراساتهم وإحداث مجالات جديدة وايضاً فتح الباب أمام التصنيع الالكتروني والميكانيكي والطبي وفتح مدارس صناعية ومهنية بحيث ينتج جيل متعلم في كل المجالات حتى التي لا تتطلب شهادة، وذلك لتنظيم العمل وجعله على مسار واحد كالدول المتقدمة والتي تفتح معاهد ودورات وجامعات للخياطة والازياء والحلاقة والدهان والنجارة والحدادة وإلى ما هنالك من حرف يدوية تعتبر حرف تقليدية بسيطة في دولنا.
إذاً التعليم الناجح هو الذي ينفع المتعلم والمجتمع ويطوره ويكسبه حياة كريمة. ولا يكون متناقضا من حيث الدراسة ومن حيث الدخول إلى سوق العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى