التطرف التكنولوجي
حنان بديع
هل بالإمكان تجنب الكارثة؟
وعن أية كارثة أتحدث؟
أتحدث عن “التطرف التكنولوجي” ..
أعلم أن التكنولوجيا تعني التطور ولا حياة دون تطور بل هي سنة الحياة ومطالبين شئنا أم أبينا لمجاراة التطور حتى لا تسحقنا الأقدام المهرولة إلى المستقبل بشهية وحماسة، لكن، وأقول لكن بل ومهلا ،، عندما أقرأ وأتابع ما يحدث حولنا بسرعة جنوينة، إنجازات مذهلة وغريبة، فمن فندق يشبه سفينة الفضاء يخدم زبائنه دون موظفين معتمدا كلياً على التكنولوجيا الحديثة، إلى (الميتافيرس) وهي الشكل القادم من الإنترنت الذي سيسود العالم خلال الفترة القادمة، ومن الواضح أنها ستكون حياة افتراضية أخرى أكثر تعقيداً ومدعومة بتقنيات تمكن المستخدم الذي يرتدي نظارته الإفتراضية من حضور الحفلات الموسيقية أو اجتماعات العمل أو الذهاب في رحلة ترفيهية إلى باريس مثلا!
ويبقى السؤآل مطروحاً عن تأثير “الميتافيرس” على صحتنا العقليةوحياتنا الإجتماعية.. ناهيك عن محاولات إدخال المشاعر البشرية للآلات لحل مشاكل الذكاء الإصطناعي وبالتالي مساعدته في التفوق علينا!!
قريباً جداً سيصبح لدينا نوع جديد من الذكاء الإصطناعي هو هجين الكتروني وبيولوجي، وهنا نحن لا نتحدث عن ذكاء إصطناعي جديد فقط بل عن إنسان جديد خارق متسلح بقدر هائل من المعلومات والمعرفة، أي سوبرمان يفوق قدرتنا البشرية ويجعل منا نسخة متخلفة إلى أبعد حد!
هل أنا ضد التكنولوجيا ؟
بالتأكيد لا ، فمن غير المنطقي أن أكون ضد التطور الذي سهل حياتنا كثيراً ، لكن التطرف في كل شىء يأخذنا إلى عواقب وخيمة وقد يفقدنا متعة الحياة الحقيقة، هذا التطور المخيف سيبدلنا بالآلة في كل مناحي الحياة، ثم لتصبح التكنولوجيا المتطرفة مصدر شقاء للبشر؟
لم لا، ففي بعض الأعمال السينمائية كانت التكنولوجيا سبباً في نهاية العالم وفناء البشر!
وعلى أرض الواقع، يبدو هذا الخيال في طريقه إلى أن يصبح حقيقة، قد تنظر أجيال المستقبل إلى زمننا وتصفه بأنه زمن تغيرات هائلة، ففي بضعة عقود ليس إلا تحولنا من مجتمع يعتمد على الآلة إلى مجتمع يعتمد على المعلومات والذكاء الإصطناعي، قد يصبح جيل المستقبل متأقلماً وسعيداً بهذا الإنجاز وأقل اضطرابا وتوجساً منا، لكننا جيل اليوم الذي شهد هذا التحول السريع ما زال يحن إلى حياة أكثر بساطة ودفئاً وأنا واحدة من هذا الجيل، أقف حائرة مذهولة متوجسة من المستقبل الغريب الذي ينتظرناوأعجز عن تخيل ملامحه.