التحري عن السرطان تخصص دقيق
جواد الديوان
نشرت مقالات في الربع الأول من العام الماضي حول وقفة احتجاجية لاطباء نقلتها بتغطية واسعة قنوات فضائية. وفحواها الاحتجاج على استخدام الماموكراف والسونار من قبل أطباء الاختصاص الدقيق للتحري عن السرطان. وهناك خمسة أنواع من السرطان بالإمكان الكشف عنها مبكرا. وما دفع الأطباء للوقفة الاحتجاجية تعامل اطباء التخصص الدقيق للتحري عن سرطان الثدي.
وفي عالم يتطور بسرعة كبيرة يعتمد العراق الفحص الذاتي للثدي BSE والفحص السريري للثدي بالمصادفة opportunistic CBE فحوصات تحري عن سرطان الثدي. ويصاحب هذه الاليات البدائية اخبار مفزعة حول الزيادات الملحوظة في سرطان الثدي عبر الندوات في الاعلام. وبالنتيجة تزداد المراجعات للمؤسسات الصحية ليصطدم الجميع بروتين المؤسسات الصحية، ويبقى الاتجاه الاسهل القطاع الخاص. وقطع الدلالة لبعض الاطباء تشير الى التحري عن سرطان الثدي. والغريب عدم الاعتراض على مثل هذه الدلالات التي ينظمها تعليمات وزارة الصحة ونقابة الأطباء. في عام 2000 تم اقتراح وانشاء عيادات الكشف المبكر لسرطان الثدي في المستشفياخدمة ت ذات المستوى الثالث tertiary hospitals.
بعد مناقشة الواقع الوبائي لسرطان الثدي في العراق وفي المجلس العربي للاختصاصات الصحية، صدرت التوصية بإنشاء زمالة التحري تخصص دقيق ويعني بعد الحصول على البورد في طب الاسرة او المجتمع، استعدادا للبدء بتطبيق برنامج التحري عن سرطان الثدي screening of breast cancer.
والتدريب والدراسة في تخصص دقيق يرافقها حتما انجاز ونشر بحوث. ومنها، ما هو غريب لم يظهر لكل من الفحص الذاتي والفحص السريري أي اثر على تشخيص سرطان الثدي في مراحله المتقدمة او المتأخرة.
وتوضح ان 19.6% من سرطان الثدي المشخص في مراحل مبكرة (0 – 1)، في حين هذه النسبة ترتفع الى 75% في الدول المتقدمة. ولا يخفى على الأطباء وغيرهم ان تشخيص سرطان الثدي في مراحل مبكرة يعطي احتمال شفاء أكبر ويقلل من معاناة المريضة وكلف العلاج، ويقلل من احتمالية انتشار السرطان. وتفسير هذه الظاهرة (نسبة ضيئلة لسرطان الثدي المشخص في مراحل مبكرة) بسبب انخفاض مؤشر الشك لدى الأطباء low index of suspicion وكذلك عدم وجود برنامج للتحري عن سرطان الثدي، والكوادر لهذا التحري هم أطباء زمالة التخصص الدقيق (ويحتج على ذلك أطباء بأشكال مختلفة منها الوقفة الاحتجاجية المشار اليها والاختاصات من تدريب الاطباء في الزمالة على الماموكراف والسونر).
وتزداد كلف التعامل مع سرطان الثدي (التشخيص والعلاج بأنواعه الجراحي والكيمياوي والشعاعي) ومنها الكلفة المدفوعة من جيب المواطن out of pocket expenditure وتكاليف العلاج therapeutic cost للحالات المشخصة في مرحلة متقدمة اكثر من ضعف كلفة علاج الحالات المشخصة بمراحل مبكرة. وتضاعف الكلفة بسبب الحاجة المتزايدة للعلاج (العقارات وغيرها) حيث تنهك مصادر الرعاية الطبية وجيب المريض.
ان اهمال برنامج التحري عن سرطان الثدي يؤدي الى تشخيص سرطان الثدي في مراحل متقدم، وبالتالي تعريض النساء الى مخاطر واضرار مادية وينهك المصادر المالية للعناية الطبية. وعرقلة اعداد كوادر لبرنامج التحري عن سرطان الثدي يعني بقاء العراق بدون برنامج للتحري. وهذا اهدار للمال او الثروة واضرار على النساء.