رأي

البحث عن يقظة ما بعد الإستسلام .

 
محمد حسين يونس
أنظر للوجوه .. فارى إستسلاما .. لما فرض عليهم من بؤس ..و عوز .. و جوع ..وصراع يومي من أجل توفير لقمة العيش .. و الحفاظ علي المكانة الطبقية ألا تتدهور مع الزمن .
و أسأل نفسي .. الأ توجد نهاية لهذه المأساة فأجدها تجيب ( ما طار طير و إرتفع .. إلا كما طار وقع )..
نعم لا يوجد ثبات في الحياة .. انها تحمل داخلها .. كل عوامل التغيير .. و كل ما علينا هو أن نكثف من الإيجابيات.. و نخفض من القدرة المعاكسة علي النمو لينقلب الحال بين غمضة عين و إنتباهتها
اليوم لن أصف المشكلة فالجميع يعيشون فيها .. و يعانون من ( فامبيرز ) يمتصون دماؤهم .. و ينزحون خيرهم و يتركونهم يتصارعون علي الفتات .
كلنا نعلم أن ما يسمي بألإصلاح الإقتصادى تسبب في كارثة زيادة أعباء الحياة علي المحتاجين .. و التخمة للأثرياء من الحاكمين .
و نعلم أن ديون مصر الخارجية تعدت مئات المليارات ( 150 مليار دولار).. تمتص أرباحها و خدمتها .. إيرادات الموازنة .. و تترك البلاد تزيد من قروضها لتغطي إلتزاماتها ..و (إنجازاتها )
و أن كبار الضباط الذين يمسكون بمفاصل الإقتصاد والعمل .. حتي الإعلام و الترفيه .. يصبغون الأداء بصبغتهم .. التي تنفذ الأوامر لصنع (الإنجازات) بسرعة بغض النظر عن تكاليفها أو أضرارها الجانبية .. أو المستوى الفني الناتج.. حتي لو كان الأمر يتطلب هدم الأف الوحدات السكنية .
و أن هذا الإسلوب في العمل تسبب في كوارث إقتصادية و تكنيكية لن .. نتعرف عليها إلا بعد عقد أو عقدين .. عندما يحط الطير الذى طار.
ما أريد الحديث عنه الأن .. هو..هل هناك إمكانية للخروج من هذه المتاهه ..و ..كيف .. و من الذى سيقوم بهذا
بين شعوب العالم لازال هناك دول.. تحكم بالديكتاتورية و الطغيان فيما يسمي ((بالإستبداد الشرقي)) .. منها روسيا و كوريا الشمالية .. و شعوب في أمريكا اللاتينية و إفريقيا .. حيث الحكم عسكريا يرأسه زعيم ملهم مفدى .. له الكلمة الأولي و الأخيرة .. يحي و يميت بإشارة من يده .. يسيطر علي كل المقدرات الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية ..و يوجه ثروة بلاده في الإتجاهات التي يراها من وجهة نظره مناسبة لدوام حكمة
هذا الإستبداد الشرقي .. كان النظام السائد في العصور القديمة .. بين الشعوب التي لها تاريخ مع إستعمار الشعوب التي تجاورها .
رايناه في الصين و فارس و مصر و اليونان و بين الرومان و العرب والمغول و التتار و الهون و الأتراك .. بل كنظام حكم المواطنين الأوائل في أستراليا و أمريكا .
الحكم الديكتاتورى الإستبدادى العسكرى .. تسبب في العصر الحديث ( بدايات القرن العشرين ) في وفاة ملايين المواطنين ودمار أوروبا بسبب طموحات ديكتاتوريين ( موسليني و هتلر ) ..و رغبتهما في السيطرة علي العالم .
ومن المأساة .. تعلم الناس.. أن الحكومات ( الفاشية ) تعتبر أكبر خطر علي البشرية .. خصوصا لو قادت شعوبا تمتلك ثروات مادية و بشرية .
لذلك و منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .. جرى بين الشعوب ألأكثر وعيا و تقدما ..إدانه هذا النوع من الحكم.. مع التمسك بديموقراطية .. يكون فيها المواطن ( حرا و أمنا ).
الديموقراطية تتقدم في العالم ببطء .. و تنتشر بصعوبة .. بسبب أن مع حرية شعوب ما بعد الحرب العالمية الثانية .. لم تتغير كثيرا الأهداف الإستغلالية للمنتصرين أو نقص السعي للسيطرة علي مقدرات الأخرين سواء بالحرب أو السلم .
في نفس الوقت الديموقرطية و الحرية لا يقدمها ديكتاتور علي طبق من فضة لشعبة ..لانها تحتاج للكفاح و الوعي لإكتسابها .. و لثقافة أممية إنسانية .. و قدرة تنظيمية علي مقاومة الظلم .. لإستمرارها .
و مع معرفة حقيقة أن الفاشيست عادة ما يهدفون إلي تسطيح و تغريب .. من يحكمون .. و التورط في مغامرات إقتصادية و عسكرية .. مهلكة .. و متلفة للثروة .. نستطيع أن نفهم .. لماذا لم تنتصر الديموقراطية و تغطي بمظلتها أغلب شعوب العالم حتي اليوم بعد ثلاثة أرباع القرن من إنتصار الحلفاء .
و هكذا نجدأن معظم سكان العالم الثالث و منهم بلدنا .. تعساء ( بحكوماتهم ) غير قادرين علي التقدم أو المشاركة .. يعانون من سيطرة رجال الدين و العسكر لإبقائهم علي حالهم .. ضحايا .. لمغامرات الديكتاتور و عصابته
نعم بلدنا ليست إستثناء .. فنحن لم نعاني من ويلات الحرب العالمية الثانية .. لقد إقتربت قوات رومل الألمانية حتي حدود الأسكندرية ..ثم لاقت هزيمة في العلمين بواسطة قوات مونتجمرى البريطانية ..لذلك لم تتقدم إلا قليلا علي درب الديموقراطية قبل أن تسحقها أحذية بيادة العسكر
في .. هذه الأيام ( 1940 ) ولدت .. مع وسط غير موات .. تسيطر فيه الدعاية الفاشيستية ( سياسية و دينية ) علي عقول الناس .. و يتصور الشباب منهم أن الحل لنيل الإستقلال هو في إتباع خطوات هتلر .. و حشد جميع الإمكانيات تحت أمرة زعيم واحد و عصابتة ..و توجيهها في إتجاة التصنيع الحربي و تكوين الجيوش و خوض المعارك .. السياسية و العسكرية .
هذا هو الفكر المغلوط الذى سيطر بخطابات مختلفة فاشيستية خالية من قدرتهم علي التنمية المتسارعة .
لقد كان هتلر النموذج و القدوة ..لشباب القوات المسلحة ..بالخصوص .. تدفعهم ثقافتهم المسطحة في إتجاه معاداة .. الحلفاء المنتصرين و الإنضمام للمعارضين و مقاومتهم في كل مكان .
هذا الفهم أضاع علي العقلاء منا .. ما كانوا ينادون به .. من ديموقراطية .. و حرية .. و عدالة إجتماعية .. و أمن .. و أنهي التطور في إتجاه التحالف مع القوى التقدمية الصاعدة.. بعد سقوط دول المحور ( المانيا و إيطاليا و اليابان ) .
تطبيقا لهذا
في خمسينيات القرن الماضي .. بعد أن أصبحت الأمور أكثر وضوحا .. و العالم الحر يدين الفكر الديكتاتورى و الإستبداد الشرقي .. إنتصرت جماعة الضباط ( الأحرار ) .. و إختارت لنفسها دربا فاشلا إنتهي زمنه و عصرة ..
لتحكم مصر و لمدة ثمانين سنة .. فاشيستية .. أمنية عسكرية .. محبطة.. تهزم عدة مرات .. و لا يبق أمامها بعد الفشل المستمر إلا الإستسلام .. لقوى إستعمار جديدة تبزغ من أمريكا .. و تتحول بالإستعمار .. و السيطرة علي الشعوب من الإخضاع الكولوني بواسطة القوات العسكرية إلي الإخضاع الإقتصادى بواسطة الديون .. و فوائدها .
نحن في مصر ندين.. لبنوك و مؤسسات ..التحكم الخارجي في الشعوب .. في نفس الوقت .. نعيش بميزانية مهتزة تعاني من العجز الذى يصل لمئات المليارات .. من عملة تدهورت حتي أصبحت غير قادرة علي مقاومة تغول الذهب و الدولار .. و يعيش أغلبنا علي حافة الفقر .. و جزء ليس بالقليل .. في إطار الفقر المدقع .
بمعني أننا مع خمسينيات القرن الماضي ضللنا بداية الطريق .. و إستمرينا علي الدرب الخاسر لثلاثة إرباع القرن . لم نتغير أو نعدل ما تسبب في هواننا و إستعمارنا من جديد .
بلدنا عانت طول تاريخها من الإستبداد الشرقي سواء بواسطة أبنائها أو الغرباء …. لقد إنتكسنا لالف سنة بعد الأسرة الخامسة أو السادسة ..و عشنا في فوضي تحت حكم أوليجاركي .. و لالف سنة أخرى تحت سيطرة الجريكو رومان .. و الف ثالثة تحت حكم قبائل البدو العرب و الأتراك .. و في كل مرة بعد الاف عام كان بإمكاننا النهوض و الإستمرار .
فلماذا لا نقوم ثانيا رغم الضرر الذى تسبب فيها الكهنة ذوى العمائم البيضاء و أخوتهم ذوى العمائم السوداء ..
لو أن حزمة من المثقفين كان بمقدورهم كشف العبث الذى يجرى .. لصبغ عقول الناس بسمات التواكل وعبادة الحاكم و الرضي بما هو كائن .. وعدم القدرة علي التغيير .فإن بإمكانا تخفيض الضرر القادم من ناحية الكهان .
كذلك الضرر الذى تسبب فيه حكم الفاشيست .. و الرعب من السجون و المعتقلات .. يمكن مقاومته لو أن حزمة من المثقفين كان بمقدورهم .. كشف الزيف و العبث الذى جرى و تسبب في تعاسة أجيال عديدة عاشت في مصر .. بعد 1956 عندما خرجت قوات العدو من الحدود .. و حلت محلها .. قوات أكثر شراسة و تنكيلا بدعم من أصحاب رؤوس الأموال و رجال البنوك .. و السياسة .
إذا فالأمر يرتبط بالثقافة و الوعي و وصف الحقائق و تسمية الأمور بأسمائها .. و كشف زيف ما تصدره جماعة الديكتاتور .
كذلك بالعمل اليومي الدائب الذى لا يتوقف يمكن تعديل المزاج العام .. و هو أمر لن .. يعطي ثماره مباشرة .. بقدر أنه سيكون تراكمات كمية بطيئة .. ستتحول في يوم ما إلي تغير نوعي .. يطالب بالحرية و الأمن و العدالة الإجتماعية .
..هذا علي المدى البعيد ..
أما علي المدى القريب فأنا أعرف أن ما سأقترحة .. سيجعل من عاشوا تجارب إنتخابات الرئاسة في الثمان سنوات الماضية .. و ما قبلها في الزمن المباركي .. يبتسمون .. ويقولون أنه حديث محكوم علية بالفشل .. و لكنه كما قال ماوتسي تونج .. سيكون مجرد فشلنا العاشر .
نحن في حاجة إلي حزب ( علني ) له برنامج واضح للخلاص .. يسعي بين الناس .. ويرشح مندوبا له في إنتخابات الرئاسة بعد سنتين .. و يتحمل الخسارة .. و الإبعاد ..و التشتيت و الإضطهاد ..
و لكنه سيكون قادرا علي أن يجعل الأمور أكثر فهما ..بأن التنمية و التقدم ليس معناهما بناء القصور .. والكبارى و الطرق و المدن البالغة الثراء .. و جعل طبق الفول يباع لأولاد الذوات بخمسين جنيه في السحور..و أن الديون التي تتوالد بمتوالية هندسية ستكون عبئا علي الأجيال القادمة .. و أن وضعنا الإقتصادى في ظل حكم المليارديرات .. يقود للإفلاس
إذا كان بمقدور حزب ( علني ) إيضاح .. أن الحياة لا تستقيم في ظل الصوت الواحد و الزعيم الواحد و الرأى الواحد و سيطرة إعلام التوجية المعنوى و كبت جميع الأصوات الأخرى ..
و أن ما يمارس علينا الأن من تخريب لعقول الناس هو شكل من أشكال ..الدعاية النازية الخطرة التأثير .
فإننا كشعب نكون قد وضعنا أقدامنا علي أول الطريق .. للتحرر من إسلوب الإستبداد الشرقي في الحكم .. و يكون هناك بعض الأمل أن نصبح في يوم ما مثل البلاد التي تطل علي شمال البحر الأبيض و تتمتع بالديموقراطية و الحرية و النمو المتوازن .
لقد دمر رجال الدين و العسكر الديموقراطية الوليدة ( الكسيحة ) التي عشنا في ظلها مع مطلع القرن العشرين .. و سيحتاج .. تصحيح الوضع لعشرات بل مئات السنين .. حتي بنتشر الوعي بين الناس .. و لان مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة .. لذا .. فإن علينا الإستعداد لبدء الرحلة بعد سنتين عام 2024 .. مع إنتخابات البرلمان و رئاسة الجمهورية القادمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى