قانون وعلوم سياسيةقانون وعلوم سياسية و إدارية

تجاوز قاضي المحكمة للنص القانوني في العقوبة

وليد عبدالحسين جبر

مثلاً لو سألت عن مدى جواز تجاوز المحكمة للحد الاعلى المقرر في النص القانوني للعقوبة او تخفيفها حتى اكثر من الحد الادنى لها فسيجيبك الكثيرين بعدم جواز ذلك على اعتبار ان المحكمة مقيدة بنصوص القانون خاصة في القانون الجزائي و بالتالي ليس لها ان تجتهد مقابل النص وهذه اجابة لا تصدر عن غير المتخصصين بل يرددها حتى جمعٌ من اهل القانون!
والسبب انهم غاب عنهم الذوق القانوني في قراءة نصوص القانون ولم يراجعوا ما قرأوه ودرسوه في القانون ، فمراجعة بسيطة لإحكام قانون العقوبات بشأن الاعذار والظروف المخففة او الظروف المشددة سيصبح لديهم واضحا ، الصلاحية التي منحتها نصوص القانون للمحكمة في تخفيف العقوبة الى اقل من الحدد الادنى المقرر لها في النص العقابي او تشديدها الى اكثر من الحد الاعلى المقرر.
فمثلا المادة (131 ) من قانون العقوبات صريحة بأنه” اذا توفر في جنحة عذر مخفف يكون تخفيف العقوبة على الوجه الاتي:
اذا كان للعقوبة حد ادنى فلا تتقيد به المحكمة في تقدير العقوبة. واذا كانت العقوبة حبسا وغرامة معا حكمت المحكمة بأحدى العقوبتين فقط. واذا كانت العقوبة حبسا غير مقيد بحد ادنى حكمت المحكمة بالغرامة بدلا منه” والحكم نفسه حينما يقتضي الامر التشديد لذا اشارت المادة( 136) بأنه ” اذا توافر في جريمة ظرف من الظروف المشددة يجوز للمحكمة ان تحكم على الوجه الاتي:
1 – اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة في السجن المؤبد جاز الحكم بالإعدام.
2 – اذا كانت العقوبة السجن او الحبس جاز الحكم بأكثر من الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد على ان لا تزيد مدة السجن المؤقت في اي حال عن خمس وعشرين سنة ومدة الحبس على عشر سنوات.
3 – اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الغرامة جاز الحكم بالحبس مدة يجوز ان تبلغ ضعف المدة التي يمكن ان يحكم بها طبقا للمقياس المقرر في الفقرة 2 من المادة 93 على ان لا تزيد مدة الحبس في جميع الاحوال على اربع سنوات..
4– اذا كان العمل ينطوي على مخالفة الاحكام المنصوص عليها في الاقسام الفرعية2 4 ( ا) الى ( د) من القانون الاساسي الذي تم بموجبه انشاء المفوضية المعنية بالنزاهة العامة، يفقد مرتكب المخالفة فورا وبصورة دائمة اهليته للعمل في وظيفة حكومية او للتعاقد على توفير بضائع او خدمات للحكومة. وقد تكون عقوبته في تلك الحالة، ما لم يقتضي نصا اخر في القانون عقوبة اكثر صرامة، السجن لمدة تصل الى عشر سنوات وغرامة تصل الى عشرة 10 ملايين دولار امريكي او ما يعادلها بالدينار العراقي، ومصادرة جميع او اي من المبالغ المالية والاشياء والاصول الملموسة المستحصلة من ارتكاب المخالفة او من ممارسة نشاط يتعلق بها، وارغام المخالف على تعويض المتضررين”
فيكون واضح لديكم مدى الصلاحية والسلطة التقديرية التي منحت لمحكمة الموضوع في تقدير العقوبة وهنا يمكن ان يلعب المحامي دور كبير في المساهمة باستعمال المحكمة لهذه الصلاحية لصالح موكله او ضد خصمه ولكن كما ابتدأنا المقال يحتاج الامر الى ذوق قانوني في قراءة النصوص بل وحتى ملف الدعوى وفي كتابة الطلبات واللوائح الدفاعية او الايضاحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى