أحوال عربية

الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض


الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد على الكورد؟

2/2

في ظل هذا السعار المتفاقم على الكورد، وفي ظل هذه الهجمات البشعة التي لا تستهدف فقط قسد، بل كل ما هو كوردي، لا يبقى أمام الكورد سوى خيار واحد، المطالبة بالنظام الفيدرالي، فهو الضمانة الوحيدة للحفاظ على حقوقهم وهويتهم.

إذا كان كل هذا العداء يظهر اليوم، رغم وجود الدعم الدولي للحراك الكوردي، ووجود قوات قسد كقوة منظمة تحمي المنطقة بكل مكوناتها، فكيف سيكون الحال إذا غاب الدعم الدولي؟

كيف سيكون المشهد إذا تُرك الكورد بلا قوة تحميهم، وطالبوا بحقوقهم القومية؟

هل يمكن نسيان ما جرى لأهلنا الإيزيديين في شنكال؟

هل يمكن نسيان الجرائم التي ارتُكبت، ولا تزال تُرتكب، بحق أهلنا في عفرين وكري سبي وسري كانيه؟

هل يمكن نسيان صمت أولئك المتشدقين بالوطنية في سوريا، عندما كانت كوباني، ومدن كوردية أخرى في

الجزيرة، تُدمَّر تحت نيران الإرهاب؟

هل يمكن نسيان مخططات الإبادة الجماعية ضد الكورد، والتي كان يسبقها دائمًا سعار إعلامي مشابه لما نشهده اليوم؟

كل هذا حدث في زمن ما سُمّيت بـ “المعارضة السورية”، وسط ضجيج المتشدقين بالوطنية، بينما لم يكن في كل هذه الساحات، حين اشتدت المحن، سوى القوات الكوردية؛ قسد، ووحدات الحماية الشعبية، والبيشمركة، التي وقفت وحدها في مواجهة الإرهاب، حين غاب الجميع، أو تواطأوا بالصمت.

مع ذلك، ليت الأن، من يدّعون “الأخوة” مع الكورد يُثبتونها بالأفعال، لا بالخداع والمراوغة، فلا يكون تظاهرهم بالتعاطف مع الشعب الكوردي مجرد ستار لمهاجمة حراكه السياسي والثقافي وتشويه نضاله، بينما يتباكون زيفًا على معاناته.

ما نراه اليوم ليس سوى تحضير لمزيد من الإنكار والقمع، ولهذا يجب أن يكون الرد بمشروع سياسي واضح، يُحصّن الكورد من التكرار المأساوي للتاريخ، الذي علّمهم أن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع.

ما الفرق بين الصمت وخطاب الكراهية؟

1-   حين كان الإعلام السوري صامتًا، كان يُغطي على جرائم النظام بحق الكورد، ويشترك في تبييض سياسات الإقصاء والتشويه.

2-   واليوم، حين تحول إلى ساحة مفتوحة للكراهية، أصبح يشجع على مزيد من التفرقة والتدمير، ليكمل المهمة التي بدأها النظام البعثي نفسه.

3-   ما نشهده اليوم ليس “إعلامًا حرًا” بل سوقًا للفوضى والسموم، حيث يُكافأ الجهل، ويُعطى الحاقدون منصات يبثون منها سمومهم على مدار الساعة بلا حسيب أو رقيب، والأبشع من الإعلام السوري هو الإعلام العربي الدولي، والذي يأمل الكورد منهم القليل من الإنصاف.

يكررون أكاذيب البعث بأساليب جديدة، معتقدين أن بإمكانهم طمس الحقائق، رغم أن الزمن أثبت فشل هذه المحاولات مرارًا وتكرارًا.

كراهية مستمرة.. ولكنها مكشوفة

لقد كشف انتصار هيئة تحرير الشام عن المعدن الحقيقي لأولئك الذين تسببوا في دمار سوريا، والذين يواصلون تخريبها، ليس فقط بالسلاح، بل بالكلمات المسمومة والمواقف الغارقة في العنصرية.

ما نراه اليوم ليس مجرد “أصوات معارضة” أو “رأي سياسي”، بل حملة منظمة تسعى إلى تشويه الكورد وإقصائهم من المشهد السياسي، متناسين أن الكورد كانوا وما زالوا قوة رئيسية في مقاومة الإرهاب، وحماية المنطقة من الفوضى.

1-    إنهم يهاجمون الكورد ليس لأنهم يشكلون خطرًا، بل لأنهم لم يخضعوا، ولم يصبحوا أدوات في مشروع الفوضى والتطرف الذي يُراد فرضه على سوريا.

2-   إنهم يكررون أكاذيب البعث، ولكن بأسلوب جديد، معتقدين أن بإمكانهم محو الحقائق، رغم أن الزمن أثبت فشل هذه المحاولات مرارًا وتكرارًا.

ما نراه اليوم ليس فقط هجومًا على الكورد من خلال حجة قسد، بل هو دليل على الإفلاس الفكري والأخلاقي لأولئك الذين لا يعرفون كيف يصنعون مشروعًا وطنيًا حقيقيًا، فيبحثون عن شماعة لتعليق فشلهم، والكورد هم الهدف الأسهل، لأنهم رفضوا أن يكونوا جزءًا من اللعبة القذرة التي يديرها تجار الحروب والطائفيون والانتهازيون.

رغم أن النظام الفيدرالي اللامركزي هو النموذج الأمثل لسوريا، كوطن يحتضن مكوناته المتنوعة، ورغم إدراك الجميع لدوره في تحقيق الاستقرار في أكثر من نصف دول العالم، سواء في القوى الكبرى أو في دول العالم الثالث، إلا أنه يُرفض بشراسة من قبل المتربصين والحاقدين على الكورد. وكأن لسان حالهم يقول: “نرفض كل ما قد يكون خيرًا للوطن، طالما أن مصدره الكورد.

لكن، مهما اجتهدوا في نشر الكراهية، فإن الحقائق لا تُطمس، والتاريخ لا يُزيّف. سيظل التاريخ شاهدًا على من قاوم الإرهاب بدمائه، ومن كان ذراعًا له، سواء بالسلاح أو عبر منصات الإعلام المأجور.

انتفاضة 2004، ودور الكورد الحاسم في القضاء على داعش، وتدمير دولة “الخلافة” الإرهابية التي أغرقت المنطقة في الدماء، ليست مجرد محطات في تاريخ الكورد، بل شواهد حيّة على تضحياتهم من أجل سوريا، والعراق، وشعوب الشرق الأوسط، بل والعالم بأسره.

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى