الإعلامية إيمان مزريقي في مقال نقدي بعنوان “الثقافة ضد التهميش” و جمعية التسامح تكرم هذي الأخيرة

كشفت المكلفة بالإعلام لجمعية التسامح إيمان مزريقي خلال إختتام فعاليات الدورة الثانية من المهرجان العربي للنقد حول التسامح في كتابات المرأة و الكتابات الموجهة للطفال في مقال نقدي لها بعنوان “الثقافة ضد التهميش” ، أنه ما جدوى أن تقام المهرجانات الثقافية إن كانت بلا أثر؟ و ما معنى أن يحتفي المثقفون بالإبداع إن كان محاصرا باللامبالاة الرسمية؟ كيف يمكن للثقافة أن تصنع وعيًا جماعيا ، إذ كانت هي ذاتها ضحية تهميش ممنهج؟ أسئلة جوهرية يطرحها الواقع الثقافي في تونس اليوم حسب الإعلامية و ذلك في ظل سياسات تتعامل مع الثقافة كترف لا كمحرك للتغيير، و قد جاء مهرجان النقد العربي للثقافة و الإبداع في دورته الثانية ليكشف بوضوح هذا التناقض، حيث إصطدم الفعل الثقافي بواقع متصلب ، يضيق على المبادرات الجادة و يقابل الإبداع بالصمت أو في أحسن الأحوال بالفتات ، إذ لم يكن إختيار موضوع التسامح في الكتابات النسائية و تلك الموجّهة للطفل مجرد ترف فكري ، بل محاولة لفتح جبهة للنقاش حول دور الأدب في بناء القيم الإنسانية و مواجهة العنف الرمزي و المادي المسلّط على الفكر الحر ، فقد استقطبت الجلسات العلمية كوكبة من الأكاديميين و الأدباء من تونس و من العالم العربي ، تناولوا فيها قضايا الجندر و الهوية السردية و التصوير الأدبي في مسعى لاكتشاف كيف يمكن للأدب أن يواجه نزعات الإقصاء و التطرف و يؤسّس لمساحة أرحب من الحوار و التفاعل الثقافي ، حيث و رغم جدية الطرح تقول الإعلامية إيمان لم يحظى المهرجان بأي دعم يذكر ، بل على العكس فقد واجه عراقيل متعددة ، بدءا من غياب التغطية الإعلامية خاصة على مستوى الحضور ، مرورا بعدم الإهتمام الرسمي وصولا إلى ضعف الإمكانيات اللوجستية و كأن الثقافة الجادة باتت عبئا أو كأن الفعل النقدي يجب أن يبقى حبيس الصالونات المغلقة، دون أن يتحول إلى قوة تغييرية و ليس هذا بجديد فلطالم اختزلت الثقافة حسب الكاتبة في مهرجانات شكلية و خطابات مكررة ، أما حين يكون الفعل الثقافي جادا، و حين يتجاوز المجاملات ليطرح إشكالات حقيقية فإنه يواجه التجاهل أو حتى العرقلة و العزلة و هنا السؤال الأهم ، كيف يمكن الحديث عن مشروع ثقافي وطني تكون فيه الفضاءات المستقلة هي وحدها التي تتحمّل مسؤولية الفعل الثقافي؟ كان هناك حضور عربي مكثف ، خاصة من الجزائر التي أثب مثقفوها مرة أخرى أن الفكرية ليس لها حدود ، فلقد كانوا الأكثر دعما و الأكثر مشاركة و الاكثر إنسجاما مع روح المهرجان في مشهد يعيد التأكيد على أن الثقافة الحقيقية لا تعترف بالجغرافيا بل تنتمي إلى من يحملها بصدق ، في النهاية يبقى السؤال : هل يمكن للثقافة أن تنتصر في معركة كهذه؟ الإجابة ليست سهلة، لكنها تكمن في إستمرار المحاولة في الإصرار على أن تكون الكلمة أقوى من الصمت و في أن يظل المثقف ، رغم كل شيء حاملا لمشروعه النقدي حتى لو أغلقت في وجهه كل الأبواب ، لتحظى الإعلامية إيمان مزريقي في الأخير بتكريم خاص من طرف الجمعية في جو إحتفالي مميز .
الطيب بونوة