الإستيطان ….ومسلسل الخداع المستمر

راسم عبيدات

منذ قيام الحركة الصهيونية وتجسيدها المادي دولة الكيان على أرض فلسطين،واحد  اهم مرتكزاتها الأساسية، الإستيطان الإحلالي الإقتلاعي…هذا الإستيطان الذي لم يستطع أي زعيم صهيوني الإقتراب منه ،فمجرد التلفظ بالعمل على تجميده او وقفه،ولكون ذلك يتناقض مع الأسس التي قامت عليها الحركة الصهيونية واستراتيجياتها في الإقتلاع والطرد والتهجير والتطهير العرقي، ومن هنا كل من يتلفظ بوقف او تجميد هذا الإستيطان،سيجد نفسه منتحراً” سياسياً وشخصياً،ولذلك كان الإستيطان والتسابق بين القوى الحزبية لدولة الكيان بمختلف تلاوينها ومركباتها السياسية ،في إقامة المزيد من المستوطنات والبؤر الإستيطانية في صلب برامجها الإنتخابية،واستقطاب الأصوات لصالح احزابها وبرامجها على اساس انها الأكثر اخلاصاً للمشروع الصهيوني ….هذا الإستيطان استمر ومستمر في قضم الأرض الفلسطينية وابتلاعها على طول مساحة فلسطين التاريخية، بدون توقف،والمعادلة الجديدة التي تريد ان ترسيها حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية مع شريكتها الإستراتيجية أمريكا في العدوان على شعبنا، معادلة ا ل م ق ا و م ى يقابلها استيطان وشرعنة بؤر استيطانية جديدة،هذه معادلة خادعة ومضللة ،وهي تهدف الى بث اوهام كاذبة عند قيادات شعبنا،الذين ما زالوا يعيشون الوهم، بأن امريكا وقوى الإستعمار الغربي مؤمنة بحل الدولتين،وبأنها لن تسمح بتدمير هذا الحل،ولذلك عليها ان تتصدى لقوى ا ل م ق ا و م ة،لأن ذلك يدمر هذا الوهم الكاذب ” حل الدولتين” ،ولكن كما يقول المأثور الشعبي “الميه بتكذب الغطاس”،فأظن بأن القرار المتخذ في مجلس الأمن الدولي في كانون اول /2016،بالإجماع 14 دولة وامتناع امريكا عن التصويت،قال بشكل واضح بأن الإستيطان في القدس والضفة الغربية غير شرعي،وعلى حكومة الكيان ،ان توقف كل مشاريعها ومخخطاتها الإستيطانية في القدس والضفة الغربية…ومع رفض حكومة الكيان لهذا القرار ورفعها لوتيرة الإستيطان في القدس والضفة الغربية ،لم تقدم لا أمريكا ولا دول اوروبا الغربية على فرض أي عقوبة على دولة الكيان لرفضها هذا القرار والعمل على تنفيذه،بل استمروا في بيع الوهم والكذب والخداع للسلطة الفلسطينية،عن رفض الخطوات الاحادية ورفض الإستيطان،وانهم متمسكين بحل الدولتين ….والمعادلة المخادعة الجديدة التي تتحدث عنها دولة الكيان في مخاطبتها لشريكتها الإستراتيجية امريكا، بأنها ستقدم على شرعنة المزيد من البؤر الإستيطانية مع كل عملية م ق ا و م ة فلسطينية جديدة ،يثبت الواقع وبالحقائق كذبها وزيفها وخداعها،ففي فترة كارثة أوسلو، النكبة الفلسطينية الثانية، وحتى اليوم وجدنا أن الإستيطان تضاعف وتسارع بشكل كبير حيث اعداد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس ارتفعت ،من 250 ألف مستوطن عام 1993 الى 750 الف مستوطن حالياً،والطموح برفع هذا العدد الى مليون مستوطن في ظل حكومة التطرف والفاشية الحالية،ويفترص بأن فترة أوسلو،هي فترة سلام ..؟؟،والشرعنة للبؤر الإستيطانية ،رغم أن الإستيطان كله غير شرعي، كانت في صلب البرنامج الإنتخابي للتحالف الحكومي المتشكل ، بن غفير وسموتريتش تحدثوا عن ضرورة  شرعنة  80 بؤرة استطيانية في الضفة الغربية،والعودة الى احياء المستوطنات التي تم اخلاؤها في عام 2005، وتعزيز البؤر الإستيطانية المعزولة والمقامة في قلب الضفة الغربية،والحديث يجري الان بأن الحكومة بصدد الموافقة على 43 مشروع استيطاني، بإقامة 7032 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية ….ومن هنا نقول بأن هذه المعادلة المقلوبة والكاذبة والخادعة والمضللة،وإن كانت تسعى لعدم التصادم مع امريكا ولتجاوز الإعتراض والإنتقادات الأمريكية عليها،لأن لها أولويات في العالم، لا تريد ان يؤثر عليها التصعيد في المنطقة،والذي قد يفجر ويشعل المنطقة،ولكن الواقع والحقائق تقول، بأنه كلما ارتفعت وزادت عمليات ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية تراجع الإستيطان،وكلما تراجع العمل ا ل م ق ا و م والفعل و ا ل م ق ا و م ة  الشعبية تصاعد الإستيطان …وبناء او اقامة مستوطنات جديدة،هي ليست وليدة اللحظة،فهي مخططات جرى ويجري اقرارها منذ سنوات طويلة،فقرار هدم التجمع البدوي في الخان الأحمر،واقامة مستوطنة جديدة في المنطقة المسماة (E1)، متخذ منذ اذار /2010،ومستوطنة” نوف تسيون” في قلب المكبر والتي تكبر وتتوسع،قرار بنائها وإقامتها منذ عام 1999 ،وقرار إقامة 9000 ألآلاف وحدة استيطانية على ارض مطار القدس مقر منذ سنوات،وكذلك قرار اقامة مستوطنة “جعفات همتوس” على ارض بيت صفافا…دولة الكيان تجيد الكذب والتضليل والخداع،لكي تستمر في إحتلالها ورفضها لأي قرار او تسوية سياسية،تمنعها من الإستمرار في الإحتلال والإستيطان، نجد بأن عقليتها العنصرية والإستعمارية تتفتق كل يوم،عن خطط ومشاريع استيطانية ومشاريع طرد وتهجير وإقتلاع وتطهير عرقي جديدة،تمكنها من السيطرة على أكبر مساحة من الأرص الفلسطينية وأقل عدد من السكان .وكما هو الحال في خدعة معادلة الإستيطان و ا ل م ق ا و م ة،لجأت حكومة وبلدية الكيان الى خدعة جديدة في هدمها لمنازل المقدسيين، خدعة ومعادلة جديدة تقوم على أساس “الهدم الذاتي بدون غرامات”، المقدسي الذي يهدم مسكنه بيديه، لن يتحمل تكاليف الهدم التي تقوم بها بلدوزرات وجرافات بلدية الكيان والقوى الشرطية والأمنية التي ترافقها في عمليات الهدم ،هذه المعادلة تجنب بلدية ودولة الكيان الإنتقادات الدولية،ولا تسبب لها الحرج ولا تجلب لها المزيد من العقوبات،وكذلك فهي تظهر المواطن المقدسي الذي يهدم منزله بيديه،بأنه ارتكب مخالفة وهو مسؤول عن تحمل نتائجها،وليس أنه مجبر على القيام بذلك،لأن تكاليف عملية الهدم قد تصل الى أكثر من 100الف شيكل ،والتي تزيد من اعبائه المالية والإقتصادية،وهو الذي ربما استدان وباع مصاغ وحلي زوجته،او صرف كل ما يملك في سبيل إقامة بيت يأويه ويأوي أطفاله ..

ولذلك بلدية الكيان، لا تريد ان يكون قرار الإنسان المقدسي، بأن يترك جرافات وبلدوزرات بلدية الكيان تقوم بعملية الهدم وتحمله لتكاليف عملية الهدم، ومثل هذه العقوبة،لا يوجد في أي دولة من دول العالم، قانون يجبر مواطن يرزح تحت نير الإحتلال، أن يدفع لمن يحتله تكاليف قيامه بهدم بيته…وكذلك دولة الكيان،تدرك بأن قيامها بعملية الهدم وما يحتاجه منها ذلك لحشد قوة عسكرية وشرطية لتنفيذ عملية الهدم، يؤدي الى اعمال م ق ا و م ة ومواجهات واشتباكات بين سكان البيت المنوي هدمه ومحيطهم الإجتماعي  مع جيش وشرطة الكيان…ناهيك عن أن تلك العملية بهذه الطريقة البشعة والا اخلاقية، تفضح وحشيتها وعنصريتها وتجلب لها السخط والإستنكار العالمي، والمطالبة بفرض عقوبات عليها،فمشاهدة أطفال يقفون على ركام بيوتهم المهدومة في البرد وبدون مأوى،يبحثون عن بقايا كتبهم ودفاترهم والعابهم بين ركاب منزلهم المدمر،منظر يستفز المشاعر ويراكم المزيد من الحقد،ويدفع نحو الإنفجار،وتصاعد اعمال ا ل م ق ا و م ة.

عقلية صهيونية حاقدة وعنصرية  تروج لخططها ومشاريعها لتهويد الأرض  وطرد  وتهجير اصحابها، يجري في ظل عالم ينتهج الإنتقائية والإزدواجية في معايره وفي عقوباته ،ويوفر الحماية لدولة الكيان في المؤسسات الدولية،ويجعل منها دولة فوق القانون الدولي خدمة لمصالحه واهدافه الإستعمارية.

فلسطين – القدس المحتلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى