رأي

اقبلوا على تعلّم القرآن الكريم

هل نحن في حاجة إلى دروس إضافية حول أهمية القرآن الكريم في حياتنا؟ بل حاجتنا ماسة إلى العناية الفائقة العملية به تلاوة وحفظا وفهما وتطبيقا، واغتنام كل فرضة للاستثمار في ذلك.

· هلمّوا إلى المدارس القرآنية

العطلة المدرسية على الأبواب، على الأولياء الصادقين مع ربهم المهتمين بصحة أبنائهم النفسية وسلامتهم في الدنيا والآخرة أن يبادروا إلى تسجيل أبنائهم وبناتهم في المدارس القرآنية سواء التابعة للمساجد أو الجمعيات أو الكتاتيب، ليمتنوا علاقتهم بكتاب الله ويحسنوا صحبته ، وعليهم أن يتابعوا دراستهم بها بكل جد، وأن يساهموا في العناية بهذه المدارس، ويفتحوا قاعات للتعليم في بيوتهم إن كانت واسعة، ويقدموا لها يد المساعدة ماديا ومعنويا، ويوفروا لها الحاجيات المطلوبة كالمكيفات مثلا، وينفقوا على معلمي القرآن و الطلبة المحتاجين، وأن يعطوا لهذا الغرض من أموال الصدقات والزكاة، فهي تدخل تحت مصرف “وفي سبيل الله”، وأن يساهموا أيضا في تكريم الفائزين في مسابقات حفظ القرآن، ويكرموا الحفاظ النجباء…كل هذا من العناية بالقرآن الكريم وربط الأجيال به، ودور الأولياء لا يقتصر على التسجيل في المدارس القرآنية بل يمتد إلى المتابعة، فذلك جزء من الرعاية والتربية والوقاية من الآفات الخطيرة التي تتصيد الأبناء والبنات، وتواجد هؤلاء في قاعات الدرس في أجواء إيمانية حصن حصين وتدريب على الحياة الإيمانية التي تحفظهم في الدنيا وتُدخلهم الجنة.

القرآن هو حصننا المتين في وجه الدعوات الهدامة، هو الذي يحفظ أبناءنا وبناتنا من الانحراف، فلْنجعل من ذريتنا جيلا قرآنيا يهزم المخدرات والمهلوسات والتفسخ الأخلاقي والعلمانية، والتعليم القرآني – سواء الصيفي أو المتواصل طول السنة – لا ينبغي ان يقتصر على الأطفال الصغار بل يجب أن يحتضن المراهقين والشباب من الجنسين، ومن العيب والتقصير الشديد واللامبالاة القاتلة ان يهتم الأولياء بتسجيل أبنائهم وبناتهم في الكاراتي والجودو وفي المخيمات الصيفية (وهذا شيء جيد ومطلوب) ويهملوا تعليمهم القرآن فتكون فلذات أكبادهم عرضة لآفات الصيف في الليل والنهار، بالشوارع والأحياء الموبوءة بالمخدرات والمهلوسات وأنواع الانحراف والجرائم.

· هكذا علِموا القرآن الكريم

إذا كان واجب الأولياء تسجيل أبنائهم في المدارس والكتاتيب ومتابعة دراستهم والعناية بالمؤسسات القرآنية ماديا ومعنويا فإن واجب معلمي القرآن أن يؤدوا مهامهم النبيلة باعتماد الطرق الحديثة التي يفرضها الواقع النفسي والعقلي الذي طرأت عليه تغييرات جوهرية لا يجوز تجاهلها بل يجب الالتفات إليها بالطرق والأساليب المناسبة، ولنا أن نلاحظ التعبير النبوي الكريم “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”…فقد قال “من تعلم” ولم يقل “من حفظ”، فما الفرق؟ الحفظ وحده شيء جميل لكن العبرة بالفهم الصحيح من أجل العمل الصحيح والتطبيق الواعي الحكيم، وقد عرفنا من التجربة الطويلة أن الطريقة العتيقة حفظت القرآن في الصدور – وهذا جزء من معجزة هذا الكتاب – لكنها لم تخدمه كثيرا على مستوى العقول والسلوك، وقد بينت النظريات البيداغوجية الحديث أن التلقين وحده لا يشكل شخصية قوية ولا يخدم قضية ما، لذلك لا بد مع التلقين من التفكير والفهم والإدراك، لذلك وجب الانتباه إلى هذه الوصايا:

  • ليس المهم أن يحفظ الطالب كثيرا بل يجب أن يحفظ جيدا ولو قليلا من السور، فالحفظ الجيد لحزب واحد أفضل من التباري في حفظ عشرة أحزاب سرعان ما ينساها.
  • يجب ترك المبالغة في أحكام التلاوة والغنّة والادغام والنون ونحوها التي توحي بأننا أمة معتنية بالقرآن، متميزة في التدين مع أن الخلل يحيط بنا من كل جانب…الاعتدال هو الحل لأن الواقع يؤكد أن المبالغة في الأحكام يصبح غاية وبالتالي حجابا يحول دون التدبر والفهم.
  • يجب حتما التركيز على الفهم إذ لا قيمة للحفظ بغير فهم، فيمكن الاعتماد على كتاب وجيز في التفسير لشرح الكلمات والمعنى العام للطلبة.
  • وأهمّ من كل هذا ينبغي تربية الطلبة على أن القرآن للعمل والتطبيق وليس فقط للحفظ والتلاوة.
  • علموهم أن القرآن هو دستورهم الأكبر وهو سرّ الفوز في الدنيا والآخرة فهو كلام الله تعالى ، فيه أحكامه وأوامِره ونواهيه وغير ذلك من المعاني النفيسةِ التي تُستخرج بالتدبرِ والنظر، والمسلِم مطالب بأن يقوم بذلك مع حِفظِ القرآنِ ومعرِفةِ مبانيه ومعانيه، وخيرُ الأعمالِ وأنفعُها للفرد والمجتمعِ المسلم هو تعلُّمه وتعليمُه لأنه هو طريق الهِداية والصلاحِ، وأَفضل المسلمينِ وأَرفعهم ذِكرا وأَعلاهم عند اللهِ درجة من تعلّم القرآن تلاوة وحفظا، وتعلّمه فقها وتفسيرا، فأصبح عالِما بمعانيه، فقيها في أحكامِه، وعلَّم غيرَه ما عِنده مِن علومِ القرآنِ مَع عملِه به، فخير النَاسِ من جمع بين هذين الوصفين؛ مَن تعلَّم القرآن وعلّم القرآن، وراعى كل منهما كل جديد يخدم التعلّم والتعليم. عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى