اضراب المعلمين … الطلبة هم الضحية و”التوجيهي” في رقبة الجميع.

تمارا حداد.
لا شك أن الكل الفلسطيني مع المُعلم فهو يُمثل محور الإرتكاز في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية التي يتبناها النظام التعليمي وعلى عاتقه تقع مسؤولية تحويل الأفكار والرؤى التجديدية والمعارف والمهارات واتجاهات العلوم إلى الطلبة، والكل المُجتمعي مع أخذ حقوق المعلمين وتوفير له بيئة العمل المناسبة ومعايير العمل اللائق وضمان حقوقه المكفولة له بموجب القانون تُمكنه من أداء رسالته السامية والقيام بواجبه على أكمل وجه.
وكما أن حماية حقوق المعلم الأساسية في الأجر العادل والضمان المُجتمعي والحفاظ عليها وعدم السماح بالتجاوز عليها والدفاع عن حقوقهم ومنع التغول عليها ومتابعتها تنعكس إيجاباً على أداء المعلم والوفاء برسالته النبيلة في التربية والتوجيه وغرس القيم والأخلاق وبناء الوطن والمحافظة على الاستمرار من أجل تحقيق تقرير مصير الوطن حتى نيل حريته من خلال العلم وتقديم رسالته وهي مسؤولية المعلم قبل الجميع.
كما أن إيجاد المُناخ المُلائم لاضطلاع المعلم بدور جديد وفعال وتحديث دوره في الصف من مُلقن إلى مُساهم في إعداد طالب وتعزيز قُدراته، فالمعلم القُدوة الحسنة والمثل الذي يحتذى به فمهمة المعلم من أخطر المهمات تتحكم في مصير الأجيال ومستقبل المجتمعات، ان للمعلمين حقوقاً كثيرة وامتيازات يستحقونها باستمرار إعطاء الراتب الشهري والعلاوات والحوافز والترقيات وتحقيق مطالبهم في العمل من حقوق الحماية الإدارية(كحق التظلم) للمسؤول الإداري ومن حقوقهم الحماية القضائية كحق الطعن بالقرارات الإدارية أمام القضاء الإداري، وان يُراعي ديوان الموظفين الفلسطيني هذه الاعتبارات لجعل المُعلم مُكتفياً بذاته معيشياً.
لكن ما يحدث من استمرار اضراب المعلمين في محافظات الضفة الغربية التي ما زالت مُحتلة وتُنتهك يومياً من قبل الاحتلال دون رادع إلى الاستمرار في إنهاء الكينونة الفلسطينية مُتمثلة بالسلطة الوطنية تدريجياً حتى حسم الصراع (الفلسطينيالاسرائيلي) بعدها سيتم إنهاؤها رسمياً، هذا الاضراب الذي فاق الخمسون يوماً والذي يبعث القلق على مسيرة المنظومة التعليمية وإضرار بأكبر شريحة في المجتمع الفلسطيني وهم الطلبة بكافة فئاتهم والأصعب هم طلبة المرحلة الثانوية العامة “التوجيهي” فهم يُعانون ضعفي المعاناة معاناة دراسة التوجيهي والقلق النفسي دون معرفة مصيرهم امام هذا الاضراب ومعاناتهم بعدم أخذ واستكمال منهاج الفصل الدراسي الثاني وهذا يعني أن بقاء تاريخ اتمام امتحان الثانوية في شهر 6 القادم دون رجوع المعلمين وعدم اعطاء الدروس للطلبة يعني رسوب عدد كبير من الطلبة في محافظات الضفة الغربية، وللاسف ان اغلب المعلمين يذهبون الى المدارس لإثبات وجودهم من خلال البصمة خوفاً من الفصل التعسفي او التقاعد المبكر او حسم رواتبهم، دون تقديم الدروس للطلبة وهذا تضليل وعائق كبير على الطلبة وبالتحديد طلبة الثانوية العامة الذين لم يأخذوا حقهم في التعليم بالتحديد الفصل الثاني من المواد التعليمية وهو ما يضر بأرقام الناجحين في الثانوية والتي اشتهرت فلسطين بارتفاع نسبة التعليم مقارنة بالدول المجاورة. ان الطلبة ضحية ما يحدث في السلك التعليمي سواء من قبل الحكومة ومن المعلمين على حد سواء بسبب استمرار الاضراب، فمسؤولية الحكومة تنفيذ مطالب المعلمين علناً وهو ما يُحرج ما يسمى الحراك الذي لا يُعرف من هي قيادته سوى بصفحات افتراضية وان كانت نواياه صادقة لكن الأولى خروج مُحركي الحراك باسمائهم الحقيقة لتسهيل عملية الحوار والنقاش بين الحكومة وبينهم وليس التماشي خلف “ادمادم” مُحرك الآلاف وكلما وافقت الحكومة على مطلب للمعلمين يخرج الحراك ثاني يوم بمطالب أخرى وهذا ما يصعب التعامل مع من يُحرك المعلمين ويضر بالعملية التعليمية والضحية الطلبة وبالتحديد طلبة الثانوية العامة.
الحوار المباشر افضل من اتباع صفحات غير معروفة تضر بطلبة لم يكملوا المنهاج الدراسي واغلب طلاب المدارس الحكومة لا يمتلكون اهاليهم المال الوافر لارسال اولادهم نحو الدراسة الخاصة واخذ الدروس الخصوصية وهذا يعني ضياع طلبة التوجيهي امام اكتمال طلبة قطاع غزة المنهاج الدراسي واستيفاء الامتحان التجريبي امام حرمان طلبة الضفة الغربية من استكمال الدراسة واخذ الامتحان التجريبي وهذا اشارة ان اهل قطاع غزة مهما كان المال المتوفر لديهم وان لم يتوفر فرسالة العلم التزام وعقيدة ولا يضربون مهما كانت الاحداث بعكس الضفة الغربية التي اختلفت الرؤى وأصبحت رسالتهم التعليمية آخر همهم.
على الحُكومة ووزير التربية والتعليم ان يعوا خطورة الموقف لدى طلبة التوجيهي إما تحقيق مطالب المعلمين وهو ما يُحرج الحراك واظهار نواياه الحقيقية وإما البحث عن حلول اما باحتساب الفصل الأول من التوجيهي والمُقدم وزارياً بان يكون هو علامة المرحلة الثانوية العامة او ايجاد رؤية لا تظلم الطلبة باضراب لا ذنب لهم فيه.
هناك العديد من المُبادرات ومبادرة المجلس الثوري فيها بنود تُعزز مطالب المعلمين وان كانت ناقصة ولكن لا ضير في تعديل البنود تتلائم مع مطالب المعلمين ومن هنا على قيادة الصفحات الافتراضية الخُروج علناً بشكل مباشر للوصول الى حوار واتفاق ولا اعتقد ان حجة الاعتقال هي السبب في عدم خروجكم ان صدقت النوايا فطالب الحق قوي لا يخاف من هذا او ذاك.
خلاصة: إن انقاذ طلبة الثانوية العامة انقاذ لأرواح وأُسر ومُجتمع بأكمله وهي مسؤولية الحكومة والمعلمين وبالتحديد هي رسالة المعلمين فأنتم أرقى من ان تعملوا على إرهاق ابنائكم وبناتكم.
على الحكومة مراعاة حقوق المعلمين وتقديرهم والاستماع لدى قيادة مباشرة وليست افتراضية وعلى المعلمين التجاوب سريعاً من أجل المصلحة الوطنية العليا ومصلحة الأبناء الطلبة وأن يُجيد كل طرف من اطراف المعادلة (التربية والتعليم ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي ومجلس الآباء) الاصغاء وايجاد حلول مناسبة تُرضي الجميع لا تُعيق عملية البناء التعليمي والتربوي وحتى لا تظلموا اعز الفئات ولا تضيعوا فرحة الطالب بنجاحه في التوجيهي فهم رصيد المجتمع الفلسطيني الحضاري للمستقبل والمعلمين بتربيتهم وتعليمهم اليومي الناشئ يصنعون إيجاباً أو سلباً هذا المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى