اسرائيل . . الى متى ؟

 
زياد ملكوش
كاتب
هل ستبقى اسرائل الى الأبد ؟ طبعا لا فلا شئ يبقى الى الأبد . هل ستبقى الى وقت طويل ؟ هي تتأمل وتظن ذلك ، لكن هذا شئ على الارجح غير مؤكد .
بعد النكبة كان الاعتقاد جازما ان العرب سيقضوا عليها ويعود الفلسطينيون الى ديارهم ، لكن الجيوش العربية هُزمت واصبح الفلسطينيون لاجئين . في نهاية الخمسينات والستينات كان الظن ان الدول العربية التي كانت تعتبر وطنية تقدمية / خاصة مصر ايام المد القومي الناصري/ ستقضي على اسرائيل وتعيد اليهود الى من حيث أتوا او حسب بعض المتطرفين المتحمسين العرب إلقاءهم في البحر ، لكن الجيوش العربية هُزمت هزيمة ساحقة واحتلت اسرائيل مزيدا من الاراضي الفلسطينية والعربية وزاد عدد اللاجئين الفلسطيينيين في الداخل والخارج . بعدها اصاب الاحباط الكثير من الفلسطينيين وباقي العرب وتولد شعور قوي مُبرر بالواقع ان اسرائيل كيان لا يُهزم وهو هنا سيبقى شاء العرب ام لا . ثم كان العمل الفدائي الذي اعاد الأمل بالعودة على الاقل ، لكن ذلك تعرض للتآمر من داخله ومن الانظمة العربية حتى مات عمليا . ثم قامت الحرب التي سميت بالتحرير والتي بدأت بالنصر ثم النكوص وابرام اتفاقية كاب ديفيد التي كبلت مصر وتم تكريس واحتلال المزيد من ارض الجولان ، وتم تجميد اي فعل سوري باسم الممانعة اللفظية . بعدها وبعد خيبة امل جاءت انتفاضة الحجارة التي كانت مثل قيام الفينيق من الرماد واهم انجاز لها كان تثبيت حقيقة ان الحق الفلسطيني لن يموت كما اوصلت اخبار القضية الى الشعوب الغربية بالاضافة انها اظهرت انه بالإمكان / ولو بصعوبة ومع نفس طويل / تحرير الارض بطرق غير الكفاح المسلح . ولكن / كثيرا من .. ولكن ! / اتفاقية اوسلو تلتها اتفاقية وادي عربة اعادت الياس مجددا الى الجميع باستثناء الشعب الفلسطيني الذي اصبح / بالرغم من القمع الاسرائيلي ووكيله السلطة ومن تسلط حماس / اصبح يبتكر كل حين اساليب جديدة من المقاومة . في الأثناء بدأت تظهر لجان مقاطعة اسرائيل وداعميها في فلسطين وباقي البلدان العربية التي تدريجيا ومع الاصرار الشعبي الفلسطيني على عدم القبول بالوضع الراهن بالنضال السلمي خاصة ، اقنعت الكثير من الاوساط الغربية بعدالة الحق الفلسطيني ومشروعيته وبان اسرائيل كيان عنصري محتل اراضى الغير بالقوة . حدث ذلك في القليل من الأوساط الشعبية العالمية ولكن في الكثير من الاوساط الاكاديمية والادبية والفنية .
ماحدث مؤخرا من اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة وهي تقوم بعملها / عن قصد وبدم بارد / والشهيرة والمحترمة في البلاد العربية والمقدرة على المستوى الصحفي العالمي لكفاءتها واخلاصها لعملها وكونها ايضا امريكية وتعمل لقناة الجزيرة التي اصبحت منذ حرب افغانستان معروفة للخارج / مع التحفظ على مالكيها واجندتهم / .. كوّن ردة فعل عالمية متفاوتة في شدة ادانة اسرائيل ، لكنها كانت في صالح اظهار الحق الفلسطيني واظهار بشاعة الممارسات الاسرائيلية خاصة ان الاسرائليين بدأوا يتصرفون / لحسن الحظ / بغباء وتصريحات متناقضة واضح كذبها .
ومرة اخرى لمحاولة الاجابة على سؤال : هل ستبقى اسرائيل ؟ لا لن تبقى . هذا ما اعتقده ، وليس فقط لاستشهاد شيرين وقبلها الطفل محمد الدرة والمئات غيرهما ولكن لان اسرائيل اصلا كيان من حضارة اوروبية مكثفة مزروعة بالقوة في وسط معادي ومختلف ثقافيا وحضاريا ، هذا اولا وثانيا لان نسبة زيادة السكان الفلسطينيين اعلى من نسبة الزيادة لدى الاسرائيليين ، وثالثا لان الفلسطينيين / وبدعم على الاقل معنوي من نسبة كبيرة من الشعوب لا الانظمة العربية / سيظلوا يقاوموا حتى إستعادة حقهم في ارضهم .
واخيرا لابد من ذكر ان مشروعية قيام دولة اسرائيل اصبحت مهزوزة، فان تكون امة ما او شعب ما موجود في منطقة ما قبل اكثر من خمسة آلاف سنة لا يعطيه الحق في ان يعود ويحتل هذه المنطقة بدعوى انه كان هنا . جميع الشعوب والامم تهاجر قسرا او طوعا وتنتقل من مكان لآخر وتختلط مع شعوب وقوميات اخرى وتذوب او تذيب اخرين . ثم انه لا يوجد اي اثبات تاريخي او جيولوجي على وجود دولة لليهود في فلسطين في اي وقت من الاوقات كما اثبت عددمن المؤرخين ومنهم عالم الاثار اسرائيل فنكلستاين ، وايضا لا يوجد قومية او جنس يهودي فهذا اختراع صهيوني كما يقول عدد من الباحثين الموضوعيين ومنهم شلومو ساند مثلا .ان الاسرائيليين الذين احتلوا فلسطين هم من بلاد اوروبية متعددة و من قوميات واجناس مختلفة ولم يكن اجدادهم في الزمان الغابر في فلسطين ولا يجمعهم الا الدين .اليهود الذين كانوا في الشرق الاوسط في التاريخ القديم هم في الغالب قبائل عربية كانت تدين باليهودية و ربما كونت كيانات صغيرة لفترة قصيرة في جنوب غرب الجزيرة العربية او اليمن وربما ايضا هاجر منها جماعات / كما كان الكثير يهاجرون من /والى سوريا والعراق والجزيرة العربية / الى جنوب سوريا وسموا بعض المناطق باسماء قراهم التي تركوها ، ولم يذهبوا الى اوروبا سواء هجرة او سبيا ، ويمكن مراجعة ماكتبة باحثون عرب بهذا الخصوص كالدكتور حنا صليبي والدكتور فاضل الربيعي وغيرهم . التاريخ الذي ترويه الرواية الاسرائلية مبني على التوراة وليس على مصادر تاريخية ، وغني عن القول ان التوراة كتبه كهنة يهود وانه تم اعادة كتابته وتعديله بين فترة واخرى وان المؤرخون التوراتيين / وأغلبهم صهاينة/ قاموا بلوي رقبة / ان صح التعبير / نصوص التوراة وخاصة اسماء المدن لتتلاءم مع الرواية الصهيونية .للاسف يوافق معظم المفسرين والمؤرخين المسلمين على الروايات الاسرائيلية خاصة عن رحلة ابراهيم وقبره في الخليل وقصة موسى الذي قاد اليهود من مصر بعد تيه اربعين سنة في سيناء الى فلسطين وقصص داود وسليمان . ومرة اخرى لا يوجد اية ادلة على رحلة ابراهيم او وجود موسى في مصر ثم ذهاب اليهود الى فلسطين .
هذه الحقائق بدأت تتكشف ، اي انه لا يوجد اي حق للاسرائيليين في فلسطين وان الفلسطينيين هم اهل البلاد وانهم تحت احتلال كيان عنصري شرس .
الاسرائيليون لن ينعموا بالسلام وعاجلا ام آجلا سيدرك العقلانيون منهم انه لا سلام ولا حياة طبيعية لهم في فلسطين، فإما ان يعودوا من حيث اتوا او يعيدوا البلاد الى اهلها ويعيشوا معهم في سلام في دولة علمانية ديمقراطية يحكمها من يختاره جميع الناس فيها مع العائدين من النهر الى البحر .
لا لن تبقى اسرائيل ، هي الى زوال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى