أحوال عربيةأخبارأمن وإستراتيجيةالمغرب الكبير

الدافع وراء زيادة التعاون العسكري بين الصين وموريتانيا.

الدافع وراء زيادة التعاون العسكري بين الصين وموريتانيا.

د حمدي بشير

تعمل الصين وموريتانيا على توسيع علاقاتهما الثنائية، خاصة في مجال التعاون العسكري. وقد تجلى ذلك خلال زيارة وزير الدفاع الموريتاني حنا ولد سيدي للصين يوم 1 سبتمبر حيث أجرى محادثات مع نظيره الصيني الجنرال لي تشانغفو. وسلطت مشاركة الوزير الموريتاني في “المنتدى الصيني الأفريقي الثالث للسلام والأمن” الضوء على التزام البلدين بتعزيز آليات التعاون العسكري.

ومن المهم أن نلاحظ أن النهج الذي اتخذته الصين وموريتانيا لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التطورات الأوسع التي تحدث في منطقة غرب أفريقيا، والتي حظيت باهتمام كبير من الصين. وهذا الاهتمام المتزايد ملحوظ بشكل خاص في ضوء تصاعد الانقلابات العسكرية في الآونة الأخيرة، وأحدث الأمثلة على ذلك هي النيجر والجابون.

يتوافق التركيز المتزايد للصين وموريتانيا على تعزيز تعاونهما العسكري الثنائي مع العديد من التطورات المتزامنة على الساحتين العالمية والأفريقية. وتسلط هذه التطورات الضوء على الدوافع الأساسية لكلا البلدين في متابعة هذه الاستراتيجية. ويمكن تحديد أهم الدوافع على النحو التالي:

1- يكتسب اللقاء بين وزيري دفاع موريتانيا والصين أهمية كبيرة لأنه يأتي في أعقاب الزيارة الأولى للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الصين يوم 29 يوليو. وهذا يدل على عزم موريتانيا تعزيز جهودها الدبلوماسية على الساحة العالمية وإقامة شراكات متعددة مع القوى الدولية الكبرى، وخاصة الصين. في المقابل، تهدف الصين إلى تعزيز حضورها في المنطقة في المرحلة المقبلة بسبب توسع الشراكة الاقتصادية والحاجة إلى إدارة الصراعات مع الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم.

2- استغلال الدور الفرنسي المتراجع في المنطقة: الاهتمام المتزايد للصين وموريتانيا بتوسيع نطاق علاقاتهما الثنائية لا يمكن فصله عن تراجع نفوذ العديد من الدول الأوروبية في منطقة غرب أفريقيا، ولا سيما فرنسا. تواجه فرنسا حاليًا تحديات تبدو هائلة في هذه المنطقة بسبب الانقلابات العسكرية الأخيرة، والتي كانت موجهة في البداية ضد باريس نتيجة الاستياء الواسع النطاق من نفوذها السائد. وفي هذا السياق، قد تنظر بكين إلى هذه التطورات على أنها فرصة مواتية لتعزيز وجودها في المنطقة، خاصة بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي لموريتانيا على طول المحيط الأطلسي.

وشدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أهمية التعاون مع موريتانيا في معالجة هذه التطورات خلال لقائه مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. وشدد على أنه وسط التحولات العالمية غير المسبوقة، يتعين على الصين وموريتانيا الحفاظ على صداقة قوية، ودعم بعضهما البعض، فضلا عن تعزيز الشراكة متبادلة المنفعة من أجل التنمية. علاوة على ذلك، ينبغي عليهم بشكل جماعي حماية مصالحهم المشتركة، والنزاهة الدولية، والعدالة.

3- تدرك الصين الأهمية الاستراتيجية لموريتانيا في منطقة الساحل الإفريقي، حيث أقام الناتو تحالفات قوية. ويعتمد حلف شمال الأطلسي على هذه التحالفات لتنفيذ استراتيجيته الأفريقية، التي تركز على استباق التهديدات التي قد تعرض مصالح أعضائه للخطر، وخاصة فيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب وإدارة الهجرة غير الشرعية. وفي هذا السياق، قد تسعى الصين إلى تأمين دعم موريتانيا لرؤيتها العالمية المتعددة الأقطاب، وبالتالي الإشارة إلى الدول الغربية، على وجه الخصوص، بقدرة الصين على التأثير على المناطق ذات الأهمية بالنسبة للصين.

العواقب المحتملة

ومن المتوقع أن يكون للتصرفات الموريتانية والصينية انعكاسات كبيرة على المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، كما هو موضح أدناه.

1- تصاعد المنافسة البحرية بين الصين والولايات المتحدة: تشير العديد من التقارير إلى احتمال تقدم الصين نحو إنشاء قاعدة بحرية في موريتانيا. وتهدف هذه الخطوة إلى الاستفادة من استثمارات الصين في غرب أفريقيا وقربها من الحدود الأوروبية. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا التوسع العسكري لا يقتصر على القاعدة الحالية في جيبوتي. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تزيد من حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة، حيث ترى الأخيرة أنها تشكل تهديدا مباشرا لأمنها ومصالحها. وهذا مهم بشكل خاص بالنظر إلى التصعيد المستمر بين البلدين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

2- التعاون المتزايد في المجال الأمني بين الصين وموريتانيا: قد تشير الزيارات المتتالية للمسؤولين الموريتانيين إلى الصين إلى اتفاق وشيك لتعزيز حجم التعاون العسكري والأمني المتبادل. ويهدف هذا التعاون إلى معالجة التهديدات المحتملة التي يمكن أن تؤثر على مصالح كلا البلدين، وخاصة تلك الموجودة في الدولة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى