أخبارثقافة

اختراق عوالم أخرى أكثر اختلافاً وجاذبية

في رواية “مَوتٌ أَزرَق” للكاتب طارق حسين يشكل الموت الجزء الناقص من
الحياة التي لا تكتمل إلا به والذي يتخذ أشكال شتى في حياة بطل الرواية، الذي
سوف يمثل موته فضاءً مناسباً لاختراق عوالم أخرى أكثر اختلافاً وجاذبية في
الرواية. هذا التراوح بين الموقعين/ الحدَّين، “الحياة/ الموت” يضفي على ثيمات
النص حالة مثالية، سوف تشكل فيما بعد لحظة انتقالية، في حياة بطل الرواية صوب
عوالم روحية تتوحد فيها ذاته مع الكون العام، وتكثف فكرته وإحساسه العميق به.
وإذا ما استعدنا مقولة أفلاطون “الحياة في حقيقتها وَهْمٌ” فهل يكون الموت هو
الحقيقة؟
بطل رواية “مَوتٌ أَزرَق”، “معاذ” الذي وُلد يتيم الأم والأب والعائلة، سوف
تتولى تربيته قبيلة من الجن، ترسم له دائرة حياته؛ التي إذا ما حاول الخروج منها،
ستصيبه لعنة الحياة، هذا ما أخبرته به “ملكة الجن” عندما علمت أنه بدأ العمل
كمرافق شخصي لقاضٍ فاسد في “جمهورية البؤساء”، ولكنه لم يستمع لنصيحتها
فكان مصيره السجن الذي ما أن خرج منه وعاد إلى حياته الطبيعية يدرس ويعمل
حتى وقع في الحب الممنوع، لتظهر له هذه المرة أميرة من الجن كي تحذره بشدة
“تذكَّر أنك ممنوع من الوقوع في الحب”، ولأنه لا يستطيع اعتزال الحب بإرادته،
سيخوض “معاذ” تجربة حب تحرقه بنارها، “أنتَ يا معاذي، لن تكون ذاك الطفل
الذي ربَّيناه بعد اليوم، والله وحده يعلم إلى أين سيقودك تهوُّر قلبك، انتظرها كي
تكلِّمك، انتظر الموت كي يأتيك، ولا تذهب إليه بقدميك”. ولأنه لا فرق بين الحياة
والموت لمن عانى ما عانى في حياته؛ سوف يشكل الموت حالة مختلفة لدى بطل
الرواية، حالة تتحرر فيها روحه من جسده لتستقر في جسد آخر يعينه على تحقيق
أمنياته؛ وبالطبع هذا كله بفضل أصدقائه من مملكة الجن…
“مَوتٌ أزرَق” رؤية إبداعية تنزاح عن مألوف المفاهيم المعتادة حول ظاهرة
“الموت”، سطر الكاتب طارق حسين أحداثها في فلك أسطوري ولكن ليس بمعزل
عن الواقع، فهي رواية لا تخشى مواجهة الأسئلة الكبرى مثل: هل الموت هو الحياة
الحقيقية التي سنحياها بعد خروج الروح من الجسد؟ هل ستحل الروح في جسد
آخر؟ هل ستنتظر المحكمة الإلهية؟ ولعل اختيار الكاتب طارق حسين النهاية
المفتوحة في الرواية ووعده لنا “إلى اللقاء في موت آخر” هو أفضل دليل على
دورات الحياة اللانهائية، ومثلها دورات الموت اللانهائية التي لم تحمل لنا إجابة
مقنعة حتى الآن…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى