إمبراطورية الحروب وتجارة الموت
كاظم فنجان الحمامي
إذا أردت أن تتعرف على اسواق تجارة الموت التي تديرها مملكة الحروب فأقرأ رواية الكاتب والمخرج الأمريكي (أندرو نيكول Andrew Niccol)، الذي عمل عام 2005 مع مسلحين حقيقيين لصناعة فيلمه (Lord of War) وكان من بطولة (Nicolas Cage)، وإذا أردت أن تفهم اللعبة الدولية التي تقودها امريكا لتسويق منتجاتها الحربية حول العالم فشاهد اللقطات الاولى من ذلك الفيلم، الذي تظهر فيه طائرة انتونوف من طراز Q-CIH تحمل كل أنواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة، وعلى متنها احد كبار تجار الاسلحة، وهو شاب أمريكي من أصل أوكراني، فتهبط بتخطيط مسبق فوق طريق ترابية وسط القرى الأفريقية المتنازعة. ثم يفتح التاجر بوابات الطائرة ويسمح للمليشيات والعصابات المتناحرة بنهب ما فيها من بنادق ومسدسات ورشاشات ومدافع ورمانات يدوية وقاذفات مقاومة للدروع وألغام وعبوات ناسفة وبلا مقابل، وينهبوا معدات الطائرة نفسها. ثم تتوالى أحداث المال والدماء في الفيلم لتثير قضية إنسانية بكل معانيها في وجه الماكينة الرأسمالية المسؤولة عن تسويق تجارة الموت والدمار على حساب القيم البشرية السامية. .
بعد مشاهدتك لهذا الفيلم، أو قراءتك لروايته، لن تحتاج لمتابعة تداعيات الصراعات المتفجرة في الشرق الأوسط لكي تفهم اسبابها ومسبباتها، ولن تحتاج إلى من يشرح لك تداعيات المعارك التي تدور رحاها في اوكرانيا، أو في أماكن أخرى من العالم. وربما كان المهاتما غاندي أكثر القادة حكمة عندما قال: (إذا تنازعت سمكتان في البحر فأعلم ان بريطانيا هي المحرض). كان هذا رأيه في القرن الماضي، أما الآن فقد تربعت امريكا على عرش إمبراطورية الحروب، وصارت هي التي تدير تجارة الموت والدمار في كل القارات. فهي التي افتعلت الحرب الفيتنامية، وافتعلتها في افغانستان، وبين العراق وايران، ثم ضد العراق، وافتعلت النزاعات في الشرق الاوسط وفي الشمال الافريقي، وهي التي اشعلت فتيلها في اوكرانيا، وهي التي تتحين الفرص لتأجيج الصراع بين تايوان والصين. .
هل فكرتم من هي الجهة المستفيدة ؟. لا شك انها مصانع الاسلحة الأمريكية التي جنت ثرواتها من دماء الشعوب. فالعدو الأول لامريكا ليس روسيا، وليس الصين، وليس الهند، ولا العرب، فعدوها وعدو العالم كله يختبئ داخل مصانعها العملاقة المتخصصة بإنتاج الاسلحة الفتاكة بكل انواعها، والتي تمتلك من معدات الدمار ما يكفي لمحو القارات كلها من الخارطة، انظروا إلى البنتاغون، وإلى وزير الدفاع الأمريكي وهو يتحدث بدم بارد عن ترليونات الدولارات المهدورة لتغطية نفقات السلاح الذي تنتجه مصانعهم هناك. .
فالذي يدير البيت الابيض ويتحكم بالبنتاغون هي المؤسسة التي تنتج أسلحة الدمار. وكل الخطابات التي يطلقها (جو بايدن) الآن لا تعبر عن توجهات الشعب الامريكي، وانما تعبر عن تطلعات المصانع الحربية لتسويق منتجاتها في ارجاء الكون، وبالتالي فان امريكا هي المصدر الأول للارهاب، فهي التي فجرت الصراع في عموم بلدان الشرق الاوسط منذ سنوات، وهي التي تقحم نفسها في المعارك على الجبهة الاوكرانية. وهي التي تغزو بلدان العالم حيثما تشاء، وتواصل البحث عن الاسواق الدولية المرشحة لافتعال الازمات لكي تبيع أسلحتها هناك باسعار تستنزف أموال الشعوب ودماءهم. . .